قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) 33/ الأنفال. 

بغض النظر عن سبب نزول الآية المباركة وظرفيها الزماني أو المكاني الذي طالما يكون مدلول الآية متعلقاً بالشاهد، بيد أننا نعلم أنَّ القرآن الكريم له خصائص متعددة منها سمة الخلود والعالمية فضلاً عن غيرها من الخصائص الأُخر، وهذا يعني أنَّ الآيات القرآنية التي نزلت لسبب معين لا يعني تقييد مدلولها وحصره به، ولهذا قيل (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب). 

من هنا يمكننا القول أنَّ الآية المباركة بينت للمتأمل فيها معان متعددة منها ما يأتي: عظمة الرسول الأكرم (صل الله عليه وآله وسلم) بدلالة منع نزول العذاب على الناس ما دام الرسول فيهم، فوجوده (صل الله عليه وآله وسلم) مدعاة لأمنهم من أي عذاب.

تُعد الآية شارحة لآيات أُخر ومصدقة لها ولمدلولها الذي يشير إلى أن الرسول الأكرم (صل الله عليه وآله وسلم) مصداق رحمة الله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ). 

1- تبين أن لمرتبة الاستغفار مرتبة رفيعة الشأن، فقد اُقترنت بمرتبة الرسول الأكرم بلحاظ تلازمهما في الآية المباركة، فحكم الاستغفار حكم وجود النبي(صل الله عليه وآله وسلم).

2- يُعد الاستغفار مصداقاً لرحمة الله تعالى أيضاً، وأماناً وسلامةً من العذاب ما دام الإنسان يستغفر الله ويسعى لترجمته بالتوبة. 

3- يُعد الاستغفار اقراراً من العبد بوجود الخالق تعالى أولاً ودليل ضعفه واستكانته ثانياً وتسليمه بمقاليد الله والتوكل عليه والرضا بقدرته ثالثاً، كل ذلك يوجب نزول الرحمة والأمان بلحاظ اللطف الإلهي، بموجب قوله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى). 

أقول: فما دام الإكثار من الاستغفار مدعاة للأمان فلنغتنم الفرصة بكثرة الاستغفار، فقد روي عن ابن عباس عن الإمام على عليه السلام أنه قال: (هناك في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رفع أحدهما، فدونكم الآخر فتمسكوا به) وقرأ الآية محل الشاهد.