• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تضييق عنصري جديد ضد المسلمين في الاتحاد الأوربي بقرار "محكمة العدل الأوروبية"! .
                          • الكاتب : حاتم حسن .

تضييق عنصري جديد ضد المسلمين في الاتحاد الأوربي بقرار "محكمة العدل الأوروبية"!

في أحدث حلقات مسلسل استهداف الإسلام والمسلمين في بلدان الاتحاد الأوروبي خاصة والغرب عامة، أصدرت "محكمة العدل الأوربية" أمس الثلاثاء 14 آذار قراراً مثيراً للجدل، يندرج ضمن الانتصارات والمكاسب التي يسجلها اليمين الأوروبي الشعبوي المتطرف في السنوات الأخيرة، حيث وفقاً للقرار المذكور فقد "أصبح بإمكان الشركات وأرباب العمل في الاتحاد الأوروبي منع الموظفين من ارتداء أي رمز أو لباس له دلالة سياسية أو فلسفية أو دينية بما فيها الحجاب"!

وكانت المحكمة قد أصدرت هذا القرار على ضوء دعوى مرفوعة اليها من بلجيكا تخصّ امرأة (من أصل مغربي) تعمل موظفة استقبال في فرع شركة "G4S" الأمنية في بلجيكا، وقد تمّ طردها من عملها بسبب ارتدائها الحجاب.

وفي "تكييف قانوني" مدروس، ودرءاً لأية انتقادات حول القرار؛ أوضحت المحكمة المذكورة في ذيل قرارها "أن الشركات التي تطرد موظفين بسبب الرموز الدينية أو السياسية [لابد أن تكون لها قواعد داخلية عامة تنص على ذلك] وإلا ستكون قد خالفت قانون الاتحاد الأوروبي"!

ومن الواضح ان هذا التكييف القاصر لا يحجب حقيقة ان القرار في نصّه ومحتواه سيطلق يدّ أرباب العمل في الاتحاد الأوروبي ويسهّل عليهم وفق تفسير القرار (بمظلة قانونية) طرد المسلمات الملتزمات بحجابهن؛ بل وحتى الرجال ممّن يستفيدون من هامش الحريات التي تقرّها الدساتير الأوروبية وشرائع حقوق الإنسان في تأدية صلاتهم الواجبة أثناء أوقات فترات الاستراحة المعتمدة روتينياً! كما يساهم القرار المجحف وغير المنسجم مع تشريعات حقوق الإنسان للأمم المتحدة، في إعطاء قوة دفع جديدة وقوية للتيارات اليمينية والعنصرية المتطرفة الصاعدة في أوروبا، التي تدعو جهاراً الى التضييق على كلّ ما يمتّ للإسلام والمسلمين بصلة؛ بل وتتصاعد هذه الدعوات العلنية لتصل الى طرد المسلمين وإرجاعهم الى بلدانهم التي يتحدّرون منها، وحرمانهم من كل الحقوق التي لهم، بغضّ النظر عن العقود الطويلة التي عاشوها في بلدان الاتحاد الأوربي أو حق المواطنة الذي اكتسبوه منذ زمن طويل. ويمكن ملاحظة الصوت المرتفع لهذه الحركات العنصرية في هولندا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا وبلدان أوروبية كثيرة تتمدد فيها هذه الحركات.

وعلّقت جمعيات حقوقية أوروبية على القرار الجائر بأن "التشريعات في أغلب دول الاتحاد الأوروبي تعتبر منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل تمييزاً"، وشدّدت هذه الأصوات على "إن قرار المحكمة الأوروبية يقصي العديد من المسلمات من العمل".

وليس من المبالغة القول بأن هكذا قرار أوروبي يستهدف في الدرجة الأولى المسلمين، وتحديداً النساء المحجبات اللاتي يحاولن شقّ طريقهن في سوق العمل الأوربية، وأن يمارسن حقهّن الطبيعي ضمن سقف المساواة التي تصرّح بها الدساتير والتشريعات القانونية في معظم دول الاتحاد الأوروبي. وبالتأكيد يفاقم القرار العبء على المسلمات اكثر مما مضى، خصوصاً وإنهن يتعرضن لحملة تمييز منظمة منذ سنوات بأشكال شتّى، تطال المدراس والجامعات وسوق العمل.

هذا وينبغي التنويه بأن فقرة نصّ القرار الأوروبي الأخير والتي تصرّح بـ"منع الموظفين من ارتداء أي رمز أو لباس له دلالة سياسية أو فلسفية أو دينية" لن يكون له مفعوله التنفيذي سوى على المسلمين كما أثبتت التجارب، فالكثير من الهندوس والبوذيين واليهود و"عبدة الشيطان" لم - ولن - يطالهم التضييق والتمييز رغم ارتدائهم أزياء وحملهم لرموز دينية (كالعمامة الهندوسية والسيخية للرجال والطاقية اليهودية ووشوم عبدة الشيطان والقلائد التي ترمز للمسيحية)!

ولا يمكن وصف يوم أمس الذي أصدرت فيه "محكمة العدل الأوربية" قرارها المشؤوم سوى انه "يوم أسود" في مسيرة حقوق الإنسان وجهود إرساء العدل والمساواة ومحاربة التمييز بكافة صوره.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=90838
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18