• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بمناسبة 8 مارس أو يوم المرأة العالمي .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

بمناسبة 8 مارس أو يوم المرأة العالمي

ليتك أدركت كونية أنوثتك، ومقامها الأعلى في عين الوجود..دعك أيتّها الباحثة عن كمالها من لعبة التّغريب والاغتراب، فهي الذكورة التي تجتاح المشهد بعجر المغالطة وبجرها..فإذا بالمعمار ينهدّ حين يجد ذكورة جوفاء وأنوثة ملتبسة في كون اختلّ توازنه باعتمالات التّاريخ الأدنى..في هذه المساحة من العالم الأصغر تستبدّ المفاهيم الأدنى، يتلقّفها دراري الوجود بحرص من أوتي من العلم إلاّ قليلا..مسخ مسخ مسخ...في قطبي الوجود الأدنى إذ في حاق الكون الكبير تندكّ الجنوسة لأنّ الأمر هاهنا والحالة هذه تخارج أسمى وسفر من مركّب الوجود إلى بسيطه..وفي البسيط تندك رواية جنوسة اقتضت العنايات الدنيا أن تتقاسم وظائف التعايش وشروط المعانقة والمفارقة..هو الخداع التّاريخي لأنثى لم تشبع من الأنين مع أنّها تملك فائض القوّة التي هزمت بها ذكورة رعناء عاجزة أن تستغني في الوجود..ملهاة تاريخية جعلتني وأنا أنصت بالأمس مكرها لخطاب نسائية تمادت في حديث عن حضور المرأة يؤسس لضرب آخر من غيابها، فإذا بها تقول: لا توجد غير المرأة ثم تتدارك ببؤس الجنوسة الملوّنة بالقول: طبعا نحن لا ننفي وجود الرجل..الرجل موجود..

هكذا بات الوجود أقلّ شأنية في لغة بابغائيات الانسداد العظيم..مع أنّ الرجولة اندكت منذ أصبح للجنوسة تقاطب أهوج..ذلك لأنّ الأمر الوجودي يتجاوز التّاريخ ومدلهّماته..الارتهان لعقدة التّاريخ من شأنه أن يكرّس الجغرافيا المخنّثة..الأمر الوجودي لا علاقة له بإشكالية الحقوق..بل هو شأن فلسفي يستهدف المعنى..معنى الأنوثة في كرنفال 8 مارس الذي هو أنسب أن يكون يوم المخنّثين العالمي..لأنّ بضعة أنواع من المغالطة هي الحاكمة في هذا اليوم، واحدة منها مغالطة الاختزال التي لم تقدّم للمرأة سوى العود الأبدي لاغترابها..عند كل عام يسود خطاب يجعل قدّاس الأنثى يقوم على مذبح ذكورة تم إجهاضها إمبرياليا منذ تأسيس عصر الشعوب المستعبدة..عن أي ذكورة تتحدّث شراذم التذكّر المقنّع؟

حتى الآن لم نقف على استنبات تصور جديد للمرأة التي لا زلنا مصرّين على أنها تنتحر في محيط من الخداع الجنوسي والاختزال النوعي القائم على الجهل المطبق بالوجود..وطبيعي لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون في منازل المعرفة والوجود..وأمّا الرتابة التي هيمنت على مشهد مأزوم، فإنّها جزء من التآمر ضد الأنثى..الدعوة قائمة إلى تأنيث الأنثى حيث هناك قوّتها الحقيقية..إنّ قوة المرأة لا تضاهى..ففيها تحركت جموع الملك والملكوت لمقاومة مكرها الذي يفوق مكر التاريخ..وهذا المكر هو قدر التاريخ لأنه وحده الذي حمى أنوثة المرأة في أصعب المنعطفات، ومن دونه كانت على وشك أن تنقرض..تزعجني المبالغات التي عليها عالمنا..رتابته..مزاعمه..ارتدادااته..مغالطاته..خداعه..لعل واحدة من أكبر مغالطات عصرنا المأزوم خلق متاهة للمرأة بها تغيّرت خلقتها، وهو الأسوأ في كل تاريخها..الأنثى قضية وجودية أكبر من مواسم الإنشاء الذكوري المقنّع الذي تمارسه أنثى تخلط بين تدبير الأنثى في العالم وحقيقتها الكونية..مع الأنثى ضدّ هذا الشّكل الهجين من الخداع..أنثى هي اليوم ضحية لسياسة إمبريالية تكفر بالنظام الكوني لأنها تسعى لتحل محله على أساس الزيف الأيديولوجي الجنوسي..مصير المرأة في عصر البضاعة وتشيّؤ التقسيم الإمبريالي لوظائف الوجود..عصر تمزيق الخرائط الرمزية والمعنوية والمادّية..عصر اغتصاب الراسميل للأنثى وهو للأسف وحده الشكل المقبول للاغتصاب في زمن الحقوق المجتزئة..عصر الكائنات المستذئبة الخارجة من أوكار الليالي المقمرة..وهكذا هي النهاية المأساوية: اقتربت الساعة وانشقّ القمر..وخرجت الذئاب زرافات وتملأ المشهد بقوّة الحضور الوحشي وغياب المعنى الحضاري الهارب تحت ضربات إمبريالية جموحة حدّ امتصاص دماء المعنى..قوة الحضور تغري وتعمي وتفتن الناظر وتستغفل العقل وتمحق القلوب..كائن متأمر على مصيره..العبيد حين يصبحون جزء من تخريب العالم..

ليس في هذا تبرّم من قضية الحقوق، لكن الحقوق اليوم تتقدّم على حساب المعنى..فهذه الحقوق التي قضمها الزمان والأنماط والآفات ليست حكرا على وضعية الجنوسة بل هي أزمة العدالة برمتها..العدالة الجنوسية لا تقف عند قضية الملف المطلبي الحقوقي التاريخي للمرأة بل إنّ حقّها الأوّل والأساسي الذي يتآكل اليوم، هو حقّ وجودها كأنثى..القضية التي تعنينا اليوم هو: تأنيث الأنثى..إنّ هذا الزعيق الزّائف أخسرنا الذكورة الحقّة والأنوثة الحقة..فالعالم لم يعد يتمتّع بالرجولة بشقيها التركيبي: الذكورة والأنوثة..هناك مؤامرة على الرجولة من موقع دحض مفهوم الأنثى..الأمم المتحدة مثالا..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=90576
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20