• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جئتكم بـ"شعب" لا يفرق بين الناقة والجمل...! .
                          • الكاتب : وليد كريم الناصري .

جئتكم بـ"شعب" لا يفرق بين الناقة والجمل...!

 قد يقرأ المتتبع الكريم، لقصة هذه المقولة، بعض التفاسير والروايات المضحكة المخجلة، التي إبتدعها المؤرخون لدفع التهمة عن "معاوية" وجنده، بعدما عجز رواة "آل أمية" من أن يشككو بأصل الرواية، وهنا لابد أن نؤكد بأن أصل المقولة ومقصدها شيء، وأحداثها وزمنها شيء آخر، وعلى جميع الأحتمالات المنقولة من الطرفين، جسدت تلك الجملة، سذاجة وجهل الشعب الذي يقوده "معاوية" لمحاربة الأمام "علي"، والذي أوصل بهم الحال الى أن يصلي بهم صلاة الجمعة في يوم الأربعاء...!
ليست الغرابة أن يبنى التاريخ على هكذا دلائل وقرائن ملحوظة، ولكن الغرابة في أن يعيد التاريخ نفسه..! لطرح تلك الدلائل والقرائن في وقتنا الحاضر..! والأغرب من ذلك بكثير، أن تطرح في مجتمع كان ولا زال يمقتها، ويرى نفسه بمأمن عن تلك السياسة المضللة، التي إتبعها "معاوية إبن أبي سفيان" في أهل الشام..
اليوم ونحن نتطلع في خطوات التحالف الوطني، وهم يجوبون المحافظات الجنوبية والوسطى، لعقد جلساتهم هناك، كان من الأجدر أن يتطلعوا بحذرهم التام، الى عدم أيقاظ غفوة الفتنة، بين مكونات الشعب وطوائفه، كون تلك المحافظات تتعاطف مع مكون التحالف الوطني على أساس الطائفة، التي ستفقده شرعية وجوده هناك مادام هو عنوان للوطن، وهذا ما تبدأ منه مخالب طائفية المكونات الأخرى، التي تريد تمزيق جسد الشعب العراقي الواحد.
العجيب الغريب إن ما حصل هو على العكس من ذلك تماما، فقد " لُدغ الأسد من عرينه" كما يقال...! 
 بحثت عن سبعين محملاً، لكي أفسر به معارضة بعض الأصوات ، التي ترفض عقد جلسات التحالف الوطني في المحافظات، فوجدتها كلها تنتهي بثلاثة فئات لا رابع لهما:-
11- ضحالة فكر، تنبعث منها رائحة الولاء المطبق الأعمى، وهذا ما يأطر البسطاء من الناس، الذين لا يعرفون سوى إطاعة سيدهم، حتى لو إقتضى الامر، أن يصلي بهم صلاة الجمعة ليلة الثلاثاء..!.
2- ضعفاء الشخصية، لمن وجدوا أنفسهم خارج  مدار الرحى السياسية، والتي بدأ يعلوا صوتها، خلال هذه الفترة، خصوصا وأن خطوات التحالف الوطني، باتت مقننة بنظام داخلي، سيكسب غلتها القائمون عليه، ناهيك عن محاولة هولاء، لإصعاد قدورهم على رؤوس مناصريهم مع قرب حلول نيران الانتخابات.
33- من لا يفرق بين الناقة والجمل، فهو يرى ما لديه صائب وأن كان غير ذلك، وما عند غيره غير صائب وإن كان غير ذلك، جُل ما يحسنه بأنه لم يحصل على مغنم او مكسب وتكلم مع المتكلمين.
بهذه الاصناف الثلاثة، وجدنا هناك بواعث وحواضن لإفشال وجود التحالف الوطني في المحافظات، قوة التحالف وسياسته أذابت جليد تلك الممانعة إعلامياً، تاركة وراءها شعب متخبط، لا يعرف ما له وما عليه وما ينفعه وما يضره، حتى أنه لم يعد يثق بنفسه، ولو ترجل هولاء قليلا عن صهوة الجهل والسذاجة، وإستخدام الاحداث، لوجدنا بأن التحالف الوطني، لا يمثل أشخاص بحد ذاتهم، بل هم طيف لمكونات سياسية، تبنى عليها العملية السياسية، وهذا ما لا يمكن رفضه من جهة دون أُخرى.
التحالف الوطني نشأ من عدة شركاء، ولكل شريك أنصاره وقواعده، يرون بأنفسهم الأحقية والصلاح في البلاد، فلا حجة ولا مبرر بأن يهمش أحدهما الأخر، بدعوى فشل الدولة، لأن الفشل مشخص ومعرف، وعندما تريد أن ترفض وجود التحالف الوطني، كان لابد لك ان تبدأ بنفسك أولاً، وترفض وجود تيارك وكتلتك وزعيمك في الوسط السياسي، لكي تنطلق وتقنع الأخر بأن يرفض كتلته، وبذلك نخرج بمجتمع بعيد عن الانتماءات والولاء، وهذا طبعا "ما لا تقوم له السماوات والأرض".
يرفع المعارضين شعارا يقولون فيه:"التحالف الوطني جاء للمحافظات، ليعزز موقفة في الانتخابات القادمة"
ولكن ما هو وجه الدعاية الانتخابية هنا..؟ ولأي كتلة منهم ستحسب وكيف..؟ لا أعلم هل فعلا أصبحت عقولهم بهذه السذاجة..؟ وصرنا كمن لا يفرق بين الناقة والجمل..؟ وإذا ما حركت كتلة من الكتل أصابعها لرفض وجود التحالف..! الأ يعتبر هذا دعاية إنتخابية بحد ذاته وضحك على ذقون الناس..؟ وإذا ما أنت تحاول إقناع الناس بتفاهة شعاراتك، لماذا أنت جزء كبير في الحكومة، وفي التحالف الوطني، ألا يجدر بك ان تتخلى عن كل شيء، وتكون إنسان مستقل لتقنع غيرك..؟
وأخيرا؛ الشعب الذي بدى بهكذا صورة اليوم، تحركه المنافع السياسية والأهواء والسذاجة، في فضاء لا يتقبله حتى المجنون، من المؤكد سيبعدنا ولمائة الف عام قادم، من فرصة أختيار حكومة مناسبة، فهو مجتمع لا يفرق بين ما ينفعه و ما يضره، ومن الصعب عليه هنا أن يفرق بين المصلح والفاسد، وإذا ما بقينا على هذا الحال، سنبقى ولأجيال قادمة فريسة حكومات أخرى، تنتجها تلك الفئات الثلاثة أعلاه.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=89119
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 02 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20