• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أحلام فتاة في مجتمع يدَّعِي الحضارة .
                          • الكاتب : دلال محمود .

أحلام فتاة في مجتمع يدَّعِي الحضارة

 تلك الفتاة تمتلك شخصية,متماسكة, رغم أنها لم تكن أكبر شقيقاتها,سناً, ولكن كان لها وزناً قيمِّاً, دوناً عن شقيقاتها الأخريات,مجتهدة في دروسها لكن معدلها لم يكن ليسعفها في تحقيق حلمها كي تصبح طبيبة أسنان مشهورة,إتزانها اللامتناهي, كان رادعاً كي لاتقيم علاقة حب مع أيٍّ من الشباب بالرغم من كونها فتاة جميلة..
تهتم بالأعراف والتقاليد, وفي الوقت نفسه ترتدي آخر صيحات المودة,.
شاءت الاقدار أن تلتقي بمن أسَّرَ قلبها دون  سابق موعد.
سأخوض قليلاً في الحديث عن هذا الشاب الذي ملك قلبها والذي كان قد أكمل الدراسة الأعدادية, في قسم الزراعة, ولم يكن, يحصل على البكالوريوس, كتلك الفتاة التي دخل الى قلبها بلا إستئذان..
كان ذلك الشاب وسأسميه علياً, محظوظاً جداً,  فقد حصل على سيارة من الدولة لأن اختصاصه وكما ذكرت كان في الزراعة , علاوة على قطعة أرض زراعية مُنحت إليه  مجاناً,مساحتها 25 دونماً..
علي ٌ هذا سُيِّقَ, للجيش لأداء خدمة الأحتياط,فصار كل مايحصل عليه من أيراد مالي يجنيه من الارض الزراعية يذهب الى جيب آمر السرية كي يمنحه الأجازات باستمرار, والتي لاتُعد ولاتُحصى,فهو يدفع له دون حساب وهذه ظاهرة رذيلة إجتاحت عدد كبير من ضباط الجيش العراقي في فترة الثمانينيات حيث كانت أرواح الجنود بيدهم وكأنهم أخذوا دور عزرائيل فمن لايدفع لهم تأكله فوهات المدافع, والقنابل على جبهات القتال , ومن كان ميسوراً ويستطيع الدفع فأن لحظات الموت المرعبة لاتنال منه ,ولاتمسه.
لن أُطيل في وصفي لعليٍّ,لأن أمره لايعنيني بقدر مايعنيني حال تلك الفتاة التي قد تصير من نصيبه وقد لاتصير والتي كثيراً ماأرى شخصيتها تتكرر في مجتمعنا القاسي والمتجبر,على المرأة فقط  في الوقت الذي لم يكن يظهر قوته على الظلم والظالمين الذين يسودون في البلاد فيما مضى ولحد هذه اللحظة. .
دعوني أكمل مافي مخيلتي عن تلك الفتاة, وكيف انهُ كان يُحسب لها ألف حساب وكم كان شأنها عالياً بين افراد اسرتها وهذا لم يأتِ أعتباطاً, فهي صلبة وقوية, وواعية.ولكن لنقف هنا في تلك النقطة, نقطة الحسم ونقطة اختيارها لمن أرادت ان يكون رفيق دربها للقادم من الايام, نرى الآن ان الجميع قد هبّ في وجهها رافضاً كل كلمة نطقت بها وكأنها قد اقترفت جرماً عظيماً حيث ثار أخوانها الذين كانوا يظهرون للآخرين ثقافتهم ووعيهم, ومساندتهم لكل حقوق المرأة بأعتبارها أنسان من الدرجة الاولى وليس كما يدعي الجاهلون من انها يجب أن تكون بمرتبة ادنى من مرتبة الرجل الذي وهبته هي الحياة بلا مقابل..
اول مابرروا به موقفهم الضعيف , أنها تحمل شهادة البكالوريوس, بينما هو خريج المرحلة الأعدادية, والسبب الثاني انه لاينتمي لنفس المستوى الطبقي لعائلتهم الموقرة.
سمعت الفتاة أقسى العبارات وأقواها من ألفاظ ومِنْ , مَنْ,ممن كانوا يدعون الرقي والتحرر, مما حدا بالفتاة ان تلوذ بنفسها عند صديقتها المقربة اليها والتي كانت تنتمي لأب عراقي مسلم وأم تدعي المسيحية ولكن لايخفى على الكثيرين انها كانت تدين الديانة اليهودية وتلك اليهودية حين تختلط بها وتعرف الكم الهائل الذي يمكله قلبها من الطيبة والكرم يُخيل اليك ان الله قد وضع كل الصفات السيئة من بخل وحب للمال في اليهود ليضع كل الجود والكرم والطيب في نفس تلك المرأة.
حزمت الفتاة حقيبتها,الصغيرة, وذهبت لصديقتها تلك.
في وقتها كان الشارع الممتد الى بيت صديقتها طويل لدرجة انها سرحت بعيداً,في, أفكارها,لتعيد في ذهنها كيف كانت مكانتها وما آلت إليه الآن من نبذ لمجرد انها ارادت ان تختار  بحرية و دون تدخل  من اهلها,في تلك الاثناء انتبهت فجأة, فقدمها اليمنى كانت على حافة فتحةالمجاري (المني هول) والفتحة تلك لم تكن تعظى بشبكة واقية وهذا يعني ان الذي يقع فيها لايعرف له طريق ابداً.
في تلك اللحظة المفزعة,والقاسية وهي ترفع قدمها اليسرى عن الارض لتتابع خطواتها انتبهت كالصاعقة حين تباغتنا دون نذر, تراجعت الى الوراء بسرعة البرق أنشلَّت خطواتها بهتت لكل ماحدث, لم تسقط دمعة منها لهول ماكان او كاد ان يكون وحين تفكرت واسترخت بكت بكل دموع الارض والسماء , ماذا كان يمكن ان يفكر الآخرون؟ وأي اقوال سيئة سيقولونها عنها لو ان قدرها قد سبقها لحتفها, ليخط لها نهاية مجهولة .
ـــــــــــــــــــــــــــــ 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=8905
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29