• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح337 سورة ص الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح337 سورة ص الشريفة

للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص منها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال وغيره "عن الباقر عليه السلام : من قرأ سورة ص في ليلة الجمعة اعطي من خير الدنيا والآخرة ما لم يعط أحدا من الناس إلا نبي مرسل أو ملك مقرب وأدخله الله الجنة وكل من أحب من أهل بيته حتى خادمه الذي يخدمه وإن لم يكن في حد عياله ولا حد من يشفع فيه" .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ{1} 

يختلف المفسرون في معنى (  ص ) , فمنهم من يرى :  

1- انها من الاحرف النورانية . 

2- عنه عليه السلام في حديث المعراج ثم أوحى الله إليّ يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله من صاد وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن الحديث . 

" عن الكاظم عليه السلام في حديث أنه سئل وما صاد الذي امر أن يغتسل منه يعني النبي صلى الله عليه وآله لما أسرى به فقال عين تتفجر من ركن من أركان العرش يقال لها ماء الحياة وهو ما قال الله عز وجل ص والقرآن ذي الذكر" – تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني - . 

3- عن الصادق عليه السلام أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به – تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني - .

سياق الآية الكريمة يقترب كثيرا من الفقرة الثالثة حيث (  وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) , قسم معطوف على  (  ص ) وجواب القسم محذوف , أي ان الامر ليس كما قال الكفار بتعدد الالهة , وهو ما اشارت اليه الآية الكريمة اللاحقة . 

 

بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ{2} 

الآية الكريمة تشير الى القسم الوارد في سابقتها الكريمة (  بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) , من اهل مكة وغيرهم , (  فِي ) تحت تأثير امرين :    

1- (  عِزَّةٍ ) : حمية , عصبية الجاهلية , وتكبر على الايمان وهو ما يقارب { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ }البقرة206. 

2- (  وَشِقَاقٍ ) : خلاف مع النبي الرسول الكريم محمد "ص واله" , وخلاف اخر فيما بينهم , مداره تعدد واختلاف الهتهم .  

 

كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ{3} 

تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  كَمْ ) , اشارة الى الكثرة , (  أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ ) , من الامم السابقة , (  فَنَادَوْا ) , طلبا للاستغاثة والنجدة , (  وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) , ليس الحين حينا للمفر او نجاة .   

 

وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ{4}

تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ) , كل امة عجبت ان جاءها منذرا "رسولا" من قومهم , او بشرا مثلهم , (  وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ) , يروي النص المبارك ما قاله الكفار في شأن رسولهم :     

1- (  هَذَا سَاحِرٌ ) : في ما يظهره لهم من المعجزة . 

2- (  كَذَّابٌ ) : في ما يخبر به عن الله عز وجل . 

هاتين التهمتين من اكثر التهم التي واجهها الرسل والانبياء "ع" . 

 

أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ{5} 

يستمر كلام الكفار في الآية الكريمة (  أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً ) , كل رسول يأمر قومه بالتوحيد , فاستغرب الكفار من ذلك , وقالوا كيف يسع الناس الها واحدا , (  إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) , بالغ العجب .   

غير مدركين ان تعدد الالهة واختلافها لدى الشعوب والاقوام دليل على بطلانها جميعا .   

 

وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ{6} 

تستمر الآية الكريمة (  وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ ) , من مجالسهم واماكن تجمعهم , قائلين بعضهم لبعض , (  أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا ) , امشوا واثبتوا , (  عَلَى آلِهَتِكُمْ ) , على عبادتها , (  إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ) , في النص المبارك عدة اراء منها لا على سبيل الحصر :        

1- ان الثبات على الهتكم امر مطلوب . 

2- ان ما يدعونا اليه من ريب الزمان , يراد بنا به سوءا او حرفنا عن ميراث الاباء .

3- ان ما يدعو اليه الرسول هو الرياسة , والرياسة امر يريده كل احد .  

على رأي اخر هم كفار مكة لدى اجتماعهم في دار ابي طالب وسماعهم كلام الرسول الكريم محمد "ص واله" . 

 

مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ{7} 

يستمر كلام الكفار في الآية الكريمة (  مَا سَمِعْنَا بِهَذَا ) , بالذي يقوله , (  فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ) , يحتمل انهم أشاروا الى احدى الجهتين :

1- ملة عيسى "ع" . 

2- ملة "ما تركنا عليه اباءنا" على اختلاف الآراء.

(  إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ) , كذب , اصرارا على التكذيب .     

(  نزلت بمكة لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي طالب عليه السلام وقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شباننا وفرق جماعتنا فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش ونملكه علينا فأخبر أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ما أردته ولكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب ويدين لهم بها العجم ويكونون ملوكا في الجنة فقال لهم أبو طالب ذلك فقالوا نعم وعشر كلمات فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا ندع ثلاثمائة وستين إلها ونعبد إلها واحدا فأنزل الله سبحانه بل عجبوا أن جائهم منذر منهم إلى قوله إلا اختلاق أي تخليط ءانزل عليه الذكر إلى قوله من الاحزاب ) . "تفسير القمي" .   

( عن الباقر عليه السلام قال أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا إن ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه قال فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فدعاه فلما دخل النبي صلى الله عليه وآله لم ير في البيت إلا مشركا فقال السلام على من اتبع الهدى ثم جلس فخبره أبو طالب بما جاؤا له فقال أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم فقال أبو جهل نعم وما هذه الكلمة قال تقولون لا إله إلا الله قال فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هُرّاباُ وهم يقولون ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إن هذا إلا اختلاق فأنزل الله في قولهم ص والقرآن إلى قوله إلا اختلاق ) . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 

 

أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ{8} 

يستمر كلام الكفار في الآية الكريمة (  أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ) , كانوا يرون لأنفسهم الحق بالوحي ونزول القرآن , كونهم الرؤساء والاكابر , منكرين ذلك عليه "ص واله" , كونه ليس من اهل الرياسة واولوا الشرف فيهم , فيأتيهم الرد مباشرة :   

1- (  بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي ) : القرآن والوحي لميلهم الى ميراث الاباء .

2- (  بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ) : بل انهم لم يذوقوا عذاب , وان ذاقوه فسوف يصدقون .  

 

أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ{9} 

تستمر الآية الكريمة (  أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ) , ام هل يملكون خزائن فضله وسلطانه جل وعلا , (  الْعَزِيزِ ) , في ملكه وملكوته , الغالب , (  الْوَهَّابِ ) , يهب ما يشاء لمن يشاء , ومن هباته جل وعلا النبوة .   

 

أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ{10}

تستمر الآية الكريمة (  أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ) , ام يملكون هذا العالم او شيئا منه , مع العلم ان هذا العالم شيئا بسيطا من خزائنه جل وعلا , فأن كان كذلك (  فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ ) , أي فليعرجوا في اي وسيلة لديهم توصلهم الى السماء حتى يصلوا العرش , ثم يرسلوا الوحي على من شاءوا , النص المبارك في غاية التهكم بهم .    

 

جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ{11} 

في الآية الكريمة عدة اراء منها : 

1- يعني الذين تحزبوا عليك يوم الخندق وقيل مهزوم أي مكسور عما قريب فمن أين لهم التدابير الألهية والتصرف في الامور الربانية أو فلا تكترث لما يقولون وهنالك إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الابتداء لهذا القول . "تفسير القمي" . 

2- الكفار اذا تحزبوا وجندوا انفسهم  ضد رسولهم .  

 

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ{12}

تستمر الآية الكريمة (  كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ) , ليسوا الوحيدون في التكذيب , بل سبقهم (  قَوْمُ نُوحٍ ) , فاهلكهم الله تعالى بالغرق , (  وَعَادٌ ) , وكانت عقابهم { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ }الذاريات41 , (  وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ ) , مما يروى في سبب تسميته بهذا الاسم :  

1- عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قوله تعالى وفرعون ذو الاوتاد لأي شيء سمي ذا الأوتاد فقال لأنه كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض على وجهه ومد يديه ورجليه فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض وربما بسطه على خشب منبسط فوتد رجليه ويديه بأربعة أوتاد ثم تركه على حاله حتى يموت فسماه الله عز وجل فرعون ذا الاوتاد . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

2- عمل الأوتاد التي أراد أن يصعد بها إلى السماء . "تفسير القمي" . 

 

وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الْأَحْزَابُ{13} 

تستمر الآية الكريمة ذاكرة المزيد ممن كذب بالرسل والانبياء "ع" (  وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ ) , اصحاب الايكة هم اصحاب الغيضة قوم شعيب "ع" , (  أُوْلَئِكَ الْأَحْزَابُ ) , الذين تحزبوا وتجندوا ضد الرسل والانبياء "ع" , فكان جندهم  المغلوب .    

 

إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ{14} 

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  إِن كُلٌّ ) , منهم , (  إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ ) , كذبوا رسلهم , (  فَحَقَّ عِقَابِ ) , فاستحقوا العذاب لذلك . 

 

وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاء إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ{15}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاء ) , وما ينتظر كفار مكة او جميع الكفار , (  إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ) , نفخة الصور , (  مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ ) , في النص المبارك عدة اراء منها :  

1- قيل أي من توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

2- أو رجوع وترداد فإنه فيه يرجع اللبن إلى الضرع . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني , وكذلك تفسير الجلالين للسيوطي" .

3- أي لا يفيقون من العذاب . "تفسير القمي" . 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=88605
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 01 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28