• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ( نفسية الالحاد ) او ( سيكولوجية الالحاد ) .
                          • الكاتب : بهاء حسن الزبيدي .

( نفسية الالحاد ) او ( سيكولوجية الالحاد )

١- هذا عنوان بحث قام به عالم النفس الأمريكي بول فيتز ناقش فيه واحد من أهم أسباب الالحاد في العالم وهوه السبب النفسي  مع الوقت والبحث وجد شيئا سيقلب الطاولة تماما بالنسبة لنظرية  عالم النفس النمساوي الشهير سيجموند فرويد ( والتي ملخصها ان فكرة وجود اله  اسقاط لدور الأب وان المتدينين اخترعوا وجود مسمي الاله لتعويضهم عن اساءتهم لأبيهم  الحقيقي في العصور القديمة ) . 
وكانت عقدة أوديب ( تقول ان في عصر سابق قديم جدا ظهرت مشاعر جنسية عند الأبناء تجاه أمهم .لكن خوفهم من والدهم منعهم من الاتصال بامهم وحتى يتخلصوا من هذا قتلوا الأب . وبعد ما قتلوا اباهم احسوا بالذنب تجاهه فحاولوا انهم يصلحوا الخطا  فاتجهوا لتقديس الأب . ولأنه غير موجود -مات- فقاموا بتقديس أب سماوي علي انه هو الذي يرعاهم ويحبهم .وبادلوه الحب بتقديم صلوات له وقرابين ومن هنا نشأت فكرة الله ونشأت فكرة الدي ) هي طاغية على المشهد والتي أدت في النهاية لنشأة مفهوم الاله عند الانسان 
٢- بول فيتز واحد من علماء النفس كان ملحدا في شبابه لاحظ فيتز ان اغلب - ان لم يكن - كل الملحدين المشهورين بالحادهم أو حتى المشككين عندهم مشاكل من أباؤهم .وكرههم الشديد للأب ولسلطته بل ولكل ما له شبه سلطة قريب منه . ومن هنا جاء كرههم للاله وانكاره كدافع نفسي لاستنكارهم  عمل أباؤهم معهم كان أباء الملحدين في نظرهم شديدي الشر وشديدي القسوة وما يستحقون لا الحب ولا الشفقة ولا العناية ... ولأن الاله دوره فعلا حسب ما وصفه فرويد هو دور الأب  الذي يرعى أبناؤه ويحميهم ويحبهم ويشفق عليهم . فكانت النتيجة  انكارهم وجود الاله وسبوه وكان عندهم رغبة كبيرة في عدم وجوده .
وهنا بول فيتز كتب بحثه الشهير ( سيكولوجية الملحد ) وعنوان جانبي ( ايمان فاقد الأب ) وعرض فيه للسبب الرئيسي في الحاد كثير من الناس وهو ( نظرية الأب المعيب ) وعرض لأشهر الملحدين في العالم ولعلاقتهم بأباؤهم .وظهر انهم كانوا ناقمين جدا على اباؤهم ورافضين لسلطتهم ولأوامرهم .وهذا انعكس بداخلهم على وجود اله لأنه يمثل لهم دور الأب.
٣- بدأ بالأباء الميتين وتأثير عدم وجودهم في حياة أولادهم على الحادهم .وكان من الأمثلة ( نيتشه - هيوم - بيرتراند راسل - جان بول سارتر - ألبير كامو - أرثر شوبنهاور ) من خلال صفحات الكتاب يسرد فيتز التأثير الذي عمله فقد الأباء على هذه المجموعة الكبيرة من الفلاسفة . 
 وينقل اقوالهم في انكار سلطة أبيهم أو كرهه ومحاولة التملص منه مثلا نيتشه كان يكره والده جدا لأنه مات وتركه في الحياة وصراعاتها وحيدا حتى انه كان يحلم به دائما يأتيه مع المصائب كموت أخيه مثلا 
جان بول سارتر فيلسوف الوجودية الشهير توفي والده وعمره حوالي سنة ونصف ورباه جده مع أمه . وعاش في غضب كبير من فقدانه لأبيه الى حين ما قررت والدته الزواج ثانية وهو في سن الثانية عشرة وهنا كانت قاصمة الظهر بالنسبة له ووجد رجل آخر محل والده قد استولى على حب أمه فزاد كرهه لكل ما هو أبوي وما مضت سنة واحدة الا وهو قائل عبارة وحيدة بنى عليها فلسفته بعد هذه  مخاطبا لنفسه ( أتعرف ماذا ؟ الله غير موجود ) 
٤- غير الأباء الميتين كان لهم تأثير ( الاباء ضعاف ومسيئو المعاملة ) كبير علي الملحدين المشاهير وأورد منهم فيتز عدد كبير ك ( توماس هوبز- فولتير - هولباخ - سيغموند فرويد - ه ج ويلز ) وغيرهم  فولتير كمثال مع انه لم يكن ملحدا طول حياته لكنه كان مشكك وناقد قوي للدين وكانت علاقته بوالده يلخصها ان اسمه الحقيقي هو ( فرانسيس ماري أروت ) لكنه تنصل من اسمه وغيره واصبح معروف باسم فولتير . السبب كان يشك فولتير انه ابن غير شرعي وان اباه ليس  ابوه الحقيقي .وكان دائما تحصل مشاجرات بين الاب والابن لان الاب كان يتمني ان ابنه يعمل بالقانون في حين ان الابن كان محب للادب والفلسفة . وصل الأمر لان اب فولتير سمح بارسال ابنه للسجن والمنفي في الهند الغربية . وهذا أمر مانسيه فولتير ابدا .
احد كتاب سيرة فولتير يصف علاقة فولتير بابيه فيقول ( هذا لا يعني في اي حال من الاحوال انه ولد غير شرعي . لكنه ببساطة كان يتمني ان يكون ابنا غير شرعي لشخص ما على ان يكون الابن الشرعي لوالده الحقيقي ) 
مثال ثاني وهو ( سيغموند فرويد ) كان والده ضعيف جدا غير قادر على اعالة أسرته . فكانت الام تعول الاسرة مع بعض الاحسان من الاخرين . فخرج سيغموند ناقم وكاره لأبيه لضعفه .وكان دائما يتذكر حادثة ان أحد معادي السامية نادى اباه ووصفه باليهودي القذر واسقط قبعته علي الأرض ووالده خاف ولم يرد .وكان سيغموند يحس دايما بالعار تجاه ضعف ابيه ومن تحت تأثير كرهه لأبيه اقترح عقدة أوديب ووضع أباه كمركز لنظرياته في علم النفس في النهاية كان والد فرويد متدين طيب خواف ضعيف بيقرأ في التوراة والتلمود فارتبط ابوه عنده باليهودية وبالله .
٥- كذلك فيتز ذكر الالحاد السياسي ورموزه ( ستالين - هتلر - ماو تسي تونغ ) وعلاقاتهم بأباؤهم .
٦- ونهى بحثه بأسباب نفسية أخري للالحاد مثلا تجارب خاصة مع متدينين تنتهي بهم للالحاد ويذكر واقعة شاب في الكنيسة وأثناء تقديم القربان المقدس يسقط خبز القربان بالخطأ فيعنفه ويهينه القس أمام الناس .وهذا جعله يشعر بجرح كبير افقده ايمانه .
مثلا تجربة خاصة مع أب متدين كالذي حصل مع المؤرخ الكبير ادوارد غيبون صاحب كتاب ( انحدار وسقوط الامبراطورية الرومانية ) وابوه كان يغصبه في التعليم علي يد قس بروتستانتي . فكره المسيحية وهاجمها كثير .
ويختم  فيتز الكتاب بتجربته الشخصية في الالحاد - وكثير من الملحدين عندهم نفس التجربة تقريبا -  وأسبابه التي رأى انها سطحية أكثر منها علمية او حتى منطقية .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=86982
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19