• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في التسوية التاريخية .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

في التسوية التاريخية

جريدة كربلاء اليوم في ٤/١٢/٢٠١٦

- في التاريخ رجالٌ لاهم لهم سوى الحرب هي أداتهم الوحيدة في حل الأزمات وبناء الدول وتطورها وتوسعها أو توسع نفوذها رغم علمهم بمآسي الحرب وعذاباتها وفي التاريخ أيضاً من لا يبدأ بقتال ولا يجنح لحرب  إلا بعد أن  لا يجد غير الأسنة  مركباً وحينها ( فما حيلة المضطر إلا ركوبها ) . ويقيناً أن الصنف الثاني هم العقلاء والحكماء على مر التاريخ 

- الساسة الكبار يدركون أن الحروب لا بد أن تعقب بصفحات سياسية مهما كانت طبيعة وشكل الانتصار الذي يحققوه على خصومهم فأمريكا صاحبة الانتصار الأكبر في الحرب العالمية الثانية وبأقل الخسائر قياسا  الى دول الحلفاء الاخرى ( الاتحاد السوفيتي ، بريطانيا وفرنسا ) أمريكا هذه أطلقت مشروع ماريشال الذي أقرضت بموجبه دول اوربا مليارات الدولارات لتحسين اقتصادها بما فيها ألمانيا وايطاليا  !!! وهما الدولتان اللتان شنتا الحرب على دول الحلفاء . 

- الزعماء التاريخيون يمتازون بسعة الصدر وبعد الأفق  همهم الأول بناء الدولة واستقرار المجتمع وإقامة الحكم الرشيد لا يحركهم  الثأر والانتقام ولكنهم ايضاً ليسوا سذجاً يستغفلهم المغلوبون ويسقطهم كيد مريدي الشر والفتنة . 

التسويات تستبطن بمفهومها المصالحات والمصالحة تتضمن الرضا والرضا أساس مشروعية الحكم وكل ذلك يحتاج الى خطاب واضح وكاريزما ومشاررة وتنسيق تبدأ من الخلية الاصغر لتنطلق الى الخيمة الأكبر وهي الوطن . من القادة من لا يستطيع السير في هذا المشروع لقلة أناته فلا يرى غير القوة وسيلة لفرض الحكم وبين الرضا والجبر فرق كبير خاصةً وان هناك من يستغل العفو وسعة الصدر ليدلس القدرة والحكمة الى ضعف وغفلة . 

- من المهم ان يعتذر الجلاد لضحيته إن كان حسن النية في مصالحته ومن العدل أن يُعوض الضحايا ممن أصابتهم نيران المتحاربين ولم يكونوا طرفاً فيها . وأكثر أهميةً العفو عمن كان معتقداً بصواب رأيه واكتشف اليوم زيف وبطلان دعوته وحري بالساسة أن يدركوا أن ليس هناك حقٌ مطلق كما ليس هناك باطل مطلق اذ لو كان كذلك لما كسب اليه غيره فليدع المناصر لخصمه الخاسر بعض العذر وليقيل عثرته فذلك أقرب للمصالحة والتسوية خاصةً وإن زكاة القدرة العفو وكبرياء النصر سُكرٌ يُطيح بصاحبه .

 

hmft1961@gmail.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=86820
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29