• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أرادة الشعوب فوق أرادة الحكام .
                          • الكاتب : صادق غانم الاسدي .

أرادة الشعوب فوق أرادة الحكام

عندما يحل الطوفان في عصر من العصور فأنه يقتلع ويدمر كل مايقف أمامه وينذر بكارثة بيئيّة وبشرية ولم يستثني من ذلك أحد , ويتخيل لي أن أرادة الشعوب أذا قدر لها أن تتحد وتتناسى خلافاتها وتعمل بثوابت وأيدلوجية ورؤى موحدة فأن الكارثة على حكام شعوبهم والسياسيين الذي وقفوا ضد مناهجهم وطموحاتهم من استخدام المراوغة والأوهام والوعد والوعيد ستكون اكبر من الطوفان ,لسبب بسيط هو أن الشعب أذا زحف باتجاه الحاكم ستكون أرادته أيمانيّة وقوية ومحصنة وبذلك سيغيير التاريخ ويصنع منه منجزات تكون أسس للحضارة وتكتب في سفر التاريخ على أنها من أبداع العقل البشري , وهذا الانجاز قد ينذر بخطر شديد يهدد الحكام الظلمة طيلة فترة حكمهم وليتذكروا ذلك الزحف الهائل الذي تسبب بإسقاط العروش الهاوية ,فعليهم أن يستجيبوا لرغبات الجماهير وان يخضعوا إلى مطالبهم الشرعية دون تكرار ذلك , لان أرادة الشعوب أذا انتفضت لايبقى أمامها ألاّ قلع أسس النظم المتربعة على رقاب المجتمع ومهما كانت قوتهم ,منطلقين من عزيمة وحماس وعدالة القضية , وكلما كان الشعب واعٍ ومثقف , يتخوف الحاكم في استخدام المباغته والتمويه وبالنتيجة ينصاع لتنفيذ سياسة تتناسب مع حجم مايحمله الشعب من ثقافات كونها تمثل سلاحا يستطيع استخدامه في أي لحظة  ويهز بها هرم السلطة وبالأخص أذا كانت الثقافات شمولية وتحمل في طياتها عنصر التمدن ومسايرة المدنية , ونحن نعلم أن الثقافة هي مزيج من المعتقدات والأفكار والتقاليد والقيم التي يتحلى بها المجتمع ويدافع عنها في سلوكه العملي , كما أن منبع الثقافة هي الأمة  وما تحمله من ارث حضاري ومجد عبر التاريخ  يكون مصدرا لقوتها وحقها في تقرير المصير , لذلك يلجأ الحكام على تخدير شعوبهم وإبعادهم عن القضايا الرئيسية وان لايأخذ الشعب مكانته الجهادية من خلال كشف الخلل والفساد ومقارعة الظلم , مما يجعل الحكام يعتمدوا على ثلاث أمور في تثبيت أركان أنظمتهم  عن طريق أعطاء المال لشريحة قريبة منهم ، و استخدام سياسة الترهيب والإفراط بالقوة وكذلك استخدام العنصر الأهم وهو الأعلام الذي يسخّر لصالحهم حينما يستخدم الزيف والتشويه في قلب الحقائق وخداع الشعوب , ومتى كان الشعب متفككاً تسود فيه الصراعات القبلية والخلافات المذهبية والعرقية أو ربما تكون  بعض الشعوب مغرمه بالسياسات المالية التي غررت بها الحكومة على حساب إبعادهم من التحسس للقضاية المصيرية , كان النجاح واضح في تثبيت عرش الحاكم على معطيات التحايل وسفك الدماء , كما فعله صدام المقبور في شعبه خلال فترة حكمه من فتح خزينته المالية الى جزء من خاصته في سبيل قمع الجماهير وأبطال كل حركة تهدف الى تقويض حكمه وأيضا لعب على الورقة الطائفية في سبيل أضعاف أرادة الشعب  وزرع الأحقاد فيما بينهم رغم أن البيت العراقي هو نسيج مختلط من أطياف المجتمع ولا يطيق هذه المسألة , في حين خرجت الكثير من الانتفاضات ضده وتعالت بعض أصوات رجال الدين من الطائفتين في العراق رافضة حكمه وأن جميع المحاولات لم يكتب لها النجاح , ولكن نجح الشعب التونسي عندما وحده صفوفه و أفكاره وانطلق من ثوابت وطنية ورفض مبدأ التهميش والظلم , ولم تنجح كل محاولات القمع  وما قام به أعلام الدولة للعدول عن رأي الشعب بقبول حاكمهم  ولم تثمر كل اجراأت الأمن القمعية أمام أرادة الجماهير التونسية التي أزاحت الحاكم وأعطت لشعب تونس حق تقرير مصيره , ولا يختلف الأمر في مصر اكبر الدول العربية عندما خرج الشعب مطالبا بإسقاط النظام ونتيجة الثبات والتمسك بالمبادئ نجح الشعب في تحقيق غايته , أما في اليمن فلعبت أجندات كثيرة بهذا الشعب العريق حينما رفض حاكمه المسيطر على نظام الحكم منذ 30 عاما عدة أمور منها أن حزب علي عبد صالح لازال يسيطر على الكثير من المؤسسات الحاكمة وله امتيازات مادية , في حين لم يغفل زميل صدام حسين على استخدام سياسة الاقتتال الطائفي فحرك بعض القبائل لصالحه والأخرى عملت ضده ضاناً منه وقف هذه الثورة وإفشالها , اليوم نرى في اليمن هنالك قتال ورفض جماهيري واسع لحكومة غيبت دور الجماهير وورثت سياسة التمليك لصالح وعائلته وان أعداد المتظاهرين الرافضين للحكم يزداد تدريجيا في الوقت الذي يقل فيه اعدد المؤيدين له وان هناك قتال فيه المد والجزر , ولكن النهاية ستكون لصالح الشعوب التي يتحد أبنائها تحت أيدلوجية وثوابت وأراء موحدة تفوق إرادة الحكام ومن والهم .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=8617
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29