• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : Expiry ... بعد أخوك .

Expiry ... بعد أخوك

    يبدو أن قدرنا محكوم بكل ما هو نافذ الصلاحية أو تالف أو أن شئت سمه          ( أمسولك ). فكل ما نراه ونلمسه ونتعايش معه أو ما نتناوله لا يخرج عن دائرة هذا التصنيف أو التوصيف أن لم يكن السمة الطاغية التي صارت رديفا وقرينا يلون تضاريس أيامنا بألوانه الكالحة . ولئن  كان من الطبيعي أن  تتبدى  بشائر تبدل النعمة والحال زينا أو شينا على ما نصادفه في حياتنا فالدواء وحده يبقى صامدا!!! تختفي تلك الملامح وتظل  غير مرئية وملحوظة الا في النزر اليسير. يمثل تداول الدواء المنتهي الصلاحية ( وأنا هنا لا أتي بجديد فالمسألة في عمومها منظورة ومعروفة حتما ) أمرا بارزا في معظم أرجاء العراق وظاهرة يستلزم الانتباه لها والتعامل معها بكل جدية من قبل أصحاب العلاقة من خبراء وأطباء ومختصين من الهيئات الرقابية ومن رجال دين حتى . ولا تبدو  قضية بيع الأدوية ال ( Expiry ) متعلقة حصرا بتلك التي تباع على الأرصفة ولا بالصيدليات الموجودة في المناطق الشعبية أو غيرها من التي لا تحمل ترخيصا وما أكثرها بل تتعداها الى المناطق ذات الثقل الاقتصادي والاجتماعي كمنطقة الحارثية أو المنصور أو الجادرية . فبرغم تميز تلك المناطق بالأرتفاع الملحوظ فيما يخص أسعار الدواء مقارنة بما يباع في أماكن أخرى حتى لو كان المنشأ والنوعية واحدة . والانتباه والتعامل السريع والجدي مطلوب نظرا الى ما تتركه هذه الممارسة المرفوضة وفق كل القيم والمفاهيم من أثر غير محمود  يتجلى ويتأتى ذلك من كون الحارثية وغيرها من المناطق التي تسمى بال( راقية )تمتاز بذلك الكم الهائل من العيادات الطبية والصيدليات المنتشرة فيها وهي محل استقطاب وجذب لفئات مختلفة ومن مناطق مختلفة من العراق اعتمادا على أسم الطبيب الذي يقصده المريض أو على قدرة الصيدليات المنتشرة فيها على توفير دواء بذاته . أنا هنا لا أود الحديث عن تخصيص الطبيب المعالج لصيدلية بعينها فلقد أصبح ذلك عرفا وتقليدا سائدا يلجأ اليه معظم الأطباء في عرض العراق وطوله !! ولكن أتحدث عن مدى مطابقة الدواء للمواصفات وتأريخ الصنع . لا يعقل أن لا يدرك الصيدلي أو الطبيب المعالج خطورة عدم خزن الأدوية وفق التعليمات المرفقة وضمن درجة حرارة معينة وهي مسالة صارت من البديهيات لكننا لا نجد من يلتزم بذلك الا في حالات نادرة تتعلق بالأدوية الباهظة الثمن والسريعة التلف جدا.ولئن افترضنا أن ذلك لن يؤثر كثيرا على  فعالية الدواء وصلاحيته  وأن تجاوزت الحرارة الخمسين إزاء دواء مصنع في دول وبلدان تتميز بأجواء ودرجات حرارة  لا يمكن مقارنتها البتة من درجة حرارة مرتفعة في الأعم الأغلب  من أيام السنة ناهيك عن سوء الخزن سواء من طرف الجهات المستوردة وما أكثرها الى المذاخر المنتشرة ثم الصيدليات والصيدليات المتفرعة أو البديلة ( تلك التي لها أكثر من فرع في أماكن أخرى ) وهو أمر ينبغي التعامل بحذر وخشية متناهية معه مع إدراكنا أن الدواء سلاح ذو حدين ليس فقط بمضاعفاته الجانبية فقط بل بسوء خزنه وحفظه فمعظم ما يطرح منه يجب أن يحفظ بدرجة حرارة لا تتجاوز ال25 م .هل يمكن التهاون أو التغاضي عن دواء لم يتبق على صلاحيته سوى أقل من شهر أن لم يكن تجاوز التأريخ . لا يعقل أن صيدلانيا ( يخوي ) من المرضى ثلاثة أضعاف السعر الأصلي وفق ما مدون على العلبة الخارجية للدواء وبحسب بورصة العرض والطلب لا يمكن أن يجري جردا كل ثلاثة أشهر  ليعرف ما ينقصه وما يحتاجه وهو بهذا الأجراء لابد أن ينتبه الى صلاحية الأدوية المتوفرة لديه وأن أخذنا الأمر على السهو وعدم التركيز أفلا ينتبه ذلك الشخص الى فترة صلاحية الدواء أثناء تسليمه الى المريض صاحب الراجيته ؟؟ . لا أتجنى حين أقول أن الكثير من المرضى ( ولا أقول بسبب عدم معرفتهم أو بسبب ثقتهم المطلقة بان السعر المدفوع يقابله جودة ونوعية لا غبار عليها ) !! بسبب قدومهم من أماكن بعيدة ورغبتهم في العودة بسرعة الى أماكن سكنهم أو كون تسلسلهم في دور المراجعة متأخرا لا ينتبهون الى ذلك وربما ينتبهون حين يصلون الى مدنهم أو محافظاتهم النائية أو بعد تناوله حتى. الأمر المثير للعجب والدهشة حين تلتمس الصيدلاني أو مساعديه قائلا ( تره هذا Expiry   بعد أخوك ) فلا يجد  حرجا في التظاهر بعدم معرفة ذلك أو بالاعتذار أو بالتبرير بأن بقاء بضع أيام على موعد انتهاء الصلاحية لا يضر البتة !! عجبا لمن يعرف ولكنه لا يريد أن يعرف . من خلال ترددي على تلك الصيدليات لشراء أنواع مختلفة من الدواء أبتداء من علكة التدخين الى كريم الوجه الى بعض الشراب المخصص للأطفال أيقنت أن الأمر ليس مرتبطا بصيدلية دون غيرها , الا لمن خاف وأتقى , وأنما تبدو الحالة مستشرية وسياسة متبعة  في كثير من الصيدليات التي تبهرك بديكورها وفخامتها!! هل فكرت نقابة الصيادلة في القيام بجولة والتدقيق في ملابسات هذه الظاهرة وهل يجوز شرعا وعرفا ووفق أي منطق أنساني أو فقهي  ووفق  أي ديانة أو مذهب أو شرعة أن يباع دواء بثلاثة أضعاف سعره دونما رحمة أو محاسبة من ضمير أو رقيب ذاتي .. وأن جاز الأمر كذلك فلم يحاسبوا ويتفرعنوا على أصحاب  البسطيات أو الصيدليات غير المجازة ؟؟ اليس من الأولى محاسبة المذاخر الخاصة والصيدليات المجازة ومن أعطاها الترخيص والأجازة. هكذا هو واقع الحال... دواء منتهي الصلاحية يضاف الى ما ينتشر في هذا البلد من غذاء وماء وهواء وأحلام وأقلام وكتل وحكومة وبرلمان فات أوانه  لتكتمل حبات سبحة هم  العراقيين . 
 
                                                             mohammed_al_hadge@yahoo.com 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=8582
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19