• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الى عرعور ردها ان استطعت .... الحلقة الرابعة عشر .
                          • الكاتب : ابو فاطمة العذاري .

الى عرعور ردها ان استطعت .... الحلقة الرابعة عشر

 محاولة الاغتيال في العقبة
تروي المصادر من الشيعة وأهل السنة هذه القصة ( الإمام أحمد في المسند(5/453) ، والطبراني في المعجم الكبير –كما في مجمع الزوائد(1/110-111)- ، والبزار في مسنده(7/227رقم2800) ، والضياء في المختارة(8/220-222رقم260،261)
وهي إجمالا كما يلي :
( لما أقبل رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم من غزوة تبوك أمر منادياً فنادى : (( إن رسول الله أخذ العقبة ، فلا يأخذها أحد ))
فسار رسول الله  في العقبة ؛ يقوده حذيفة ، ويسوقه عمار ، إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل ، فغشوا عماراً ، وهو يسوق برسول الله ، وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل ، فقال رسول الله لحذيفة : (( قُدْ قُدْ ، ويا عمار: سُقْ سُقْ ))
فأقبل عمار على القوم فضرب وجوه رواحلهم ، حتى هبط رسول الله  من العقبة ، فلما هبط ، ورجع عمار قال: (( يا عمار ، هل عرفت القوم؟ ))
فقال عمار  : قد عرفت عامة الرواحل ، والقوم متلثمون.
قال -صلى الله عليه واله وسلم- : (( هل تدري ما أرادوا ؟ )).
قال عمار: الله ورسوله أعلم .
قال -صلى الله عليه واله وسلم- : (( أرادوا أن ينفروا برسول الله فيطرحوه )).
قال فسأل عمار  رجلاً من أصحاب رسول الله فقال: نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة ؟
قال: أربعة عشر رجلاً .
فقال : إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر.
قال: فعذر رسول الله منهم ثلاثة ؛ قالوا: والله ما سمعنا منادي رسول الله وما علمنا ما أراد القوم.
فقال عمار : أشهد أن ألاثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )
المنافقين إذ لم ينجحوا في محاولتهم اغتيال النبي -صلى الله عليه واله وسلم- ولكن الدافع بقي  فحاولوا مرة أخرى !!!.
المهم يكمل التاريخ لنا وبصورة أخرى :
( قال حذيفة : ودعاني رسول الله ودعا عمار بن ياسر وأمره أن يسوقها وأنا أقودها ، حتى إذا صرنا في رأس العقبة ثار القوم من ورائنا ، ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة فذعرت وكادت أن تنفر برسول الله ، فصاح بها النبي : أن اسكني وليس عليك بأس ، فأنطقها الله تعالى بقول عربي فصيح ،
فقالت : والله يا رسول الله ما أزلت يدا عن مستقر يد ولا رجل عن موضع رجل وأنت على ظهري ،
فتقدم القوم إلى الناقة ليدفعوها ، فأقبلت أنا وعمار نضرب وجوههم بأسيافنا ، وكانت ليلة مظلمة فزالوا عنا وأيسوا مما ظنوا ودبروا ، فقلت : يا رسول الله من هؤلاء القوم وما يريدون ، فقال : يا حذيفة هؤلاء المنافقون في الدنيا والآخرة ، فقلت : ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتوا برؤوسهم .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله أمرني أن أعرض عنهم وأكره أن يقول الناس إنه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلى دينه فاستجابوا له فقاتل بهم حتى ظهر على عدوه ، ثم أقبل عليهم فقتلهم ، ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ ،
فقلت ومن هؤلاء المنافقون يا رسول الله أمن المهاجرين أمن من الأنصار ؟
فسماهم لي رجلا رجلا حتى فرغ منهم وقد كان فيهم أناس أكره أن يكونوا منهم فأمسكت عن ذلك .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا حذيفة كأنك شاك في بعض من سميت لك ارفع رأسك إليهم ، فرفعت طرفي إلى القوم وهم وقوف على الثنية ، فبرقت برقة فأضاءت جميع ما حولنا وثبتت البرقة حتى خلتها شمسا طالعة ، فنظرت والله إلى القوم فعرفتهم رجلا رجلا وإذا هم كما قال رسول الله ، وعدد القوم أربعة عشر رجلا ، تسعة من قريش ، وخمسة من سائر الناس ، فقيل له سمهم لنا يرحمك الله
فقال حذيفة : هم والله أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ، هؤلاء من قريش وأما الخمسة فأبو موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة الثقفي وأوس بن الحدثان البصري وأبو هريرة وأبو طلحة الأنصاري .
قال حذيفة ثم انحدرنا من العقبة وقد طلع الفجر ، فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتوضأ وانتظر أصحابه حتى انحدروا من العقبة واجتمعوا فرأيت القوم بأجمعهم ، وقد دخلوا مع الناس ، وصلوا خلف رسول الله ، فلما انصرف من صلاته ( صلى الله عليه وآله ) التفت فنظر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة يتناجون فأمر مناديا فنادى في الناس : لا يجتمع ثلاثة نفر من الناس يتناجون فيما بينهم بسر .
وارتحل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالناس من منزل العقبة فلما نزل المنزل الآخر رأى سالم مولى أبي حذيفة أبا بكر وعمر وأبا عبيدة يسر بعضهم بعضا فوقف عليهم وقال : أليس قد أمر رسول الله أن لا يجتمع ثلاثة نفر من الناس على سر ، والله لتخبروني عما أنتم وإلا أتيت رسول الله حتى أخبره بذلك منكم ، فقال أبو بكر يا سالم عليك عهد الله وميثاقه ولئن نحن خبرناك بالذي نحن فيه وإنما اجتمعنا له فأن أحببت أن تدخل معنا فيه دخلت وكنت رجلا منا وإن كرهت ذلك كتمته علينا ،
فقال سالم : ذلك لكم مني وأعطاهم بذلك عهده وميثاقه - كان سالم شديد البغض والعداوة لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) - وعرفوا ذلك منه فقالوا له : إنا قد اجتمعنا على أن نتحالف ونتعاقد على أن لا نطيع محمدا فيما فرض علينا من ولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بعده .
فقال لهم سالم : عليكم عهد الله وميثاقه ، إن في هذا الأمر كنتم تخوضون وتتناجون . قالوا : أجل علينا عهد الله وميثاقه إنما كان في هذا الأمر بعينه لا في شئ سواه . قال سالم : وأنا والله أول من يعاقدكم على هذا الأمر ولا يخالفكم عليه ، إنه والله ما طلعت الشمس على أهل بيت أبغض إلي من بني هاشم ، ولا في بني هاشم أبغض إلي ولا أمقت من علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فاصنعوا في هذا الأمر ما بدا لكم ، فإني واحد منكم ، فتعاقدوا من وقتهم على هذا الأمر ثم تفرقوا )
************
الآن لنقرا هذه الآية :
قال تعالى :
(( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ))
هناك ثلاثة مقاطع مهمة في الآية وهي
(( يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ ))
(( وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ))
(( وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ))
ماذا قال هؤلاء ؟
ولماذا حلفوا بالله أنهم لم يقولوها ؟؟
يذكر في التاريخ  : 
( عن‌ جابر بن‌ أرقم‌، عن‌ أخيه‌ زيدبن‌ أرقم‌، قال‌ في‌ ذيله‌: وكان‌ إلى‌ جانب‌ خبائي‌  ( في‌ الجحفة‌ )  خباء لنفر من‌ قريش‌، وهم‌ ثلاثة‌، ومعي‌ حذيفة‌ بن‌ إليمان‌، فسمعنا أحد الثلاثة‌ وهو يقول‌: والله‌ إنّ محمّداً لاحمق‌، إن‌ كان‌ يري‌ أنّ الامر يستقيم‌ لعلی‌ّ بعده‌. وقال‌ آخر: أتجعله‌ أحمق‌ ؟  ألم‌ تعلم‌ أ  نّه‌ مجنون‌ ؟  قد كاد أن‌ يصرع‌ عند امرأة‌ ابن‌ أبي‌ كبشة‌  . وقال‌ الثالث‌: دعوه‌ إن‌ شاء أن‌ يكون‌ أحمق‌. وإن‌ شاء أن‌ يكون‌ مجنوناً!  والله‌ ما يكون‌ ما يقول‌ أبداً.
 فغضب‌ حذيفة‌ من‌ مقالتهم‌؛ فرفع‌ جانب‌ الخباء، فأدخل‌ رأسه‌ إليهم‌، وقال‌: فعلتموها ورسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بين‌ أظهركم‌، ووحي‌ الله‌ ينزل‌ عليكم‌ ؟!  والله‌ لاخبرنّه‌ بكرة‌ بمقالتكم‌! فقالوا له‌: يا أبا عبد الله‌!  إنّك‌ لها هنا؛ وقد سمعت‌ ما قلنا؛ اكتم‌ علينا؛ فإنّ لكلّ جوار أمانة‌! 
قال‌ حذيفة‌: ما هذا من‌ جوار الأمانة‌، ولا من‌ مجالسها. ما نصحت‌ الله‌ ورسوله‌ إن‌ أنا طويت‌ عنه‌ هذا الحديث‌!
فقالوا له‌: يا أبا عبد الله‌!  فاصنع‌ ما شئت‌!  فو  الله‌ لنحلفنّ أ  نّا لم‌نقل‌، وأنّك‌ قد كذبت‌ علينا!  أفتراه‌ يصدّقك‌، ويكذّبنا، ونحن‌ ثلاثة‌ ؟ 
فقال‌ لهم‌ حذيفة‌: أمّا أنا فلا أُبإلي‌ إذا أدّيت‌ النصيحة‌ الى‌ الله‌ والى رسوله‌، فقولوا ما شئتم‌ أن‌ تقولوا!  ثمّ مضي‌ حتّي‌ أتي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌، وعلي عليه السلام‌ الى جانبه‌ محتب‌ بحمائل‌ سيفه‌، فأخبره‌ بمقالة‌ القوم‌.
فبعث‌ اليهم رسول‌الله‌ صلّى ‌الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌، فأتوه‌. فقال‌ لهم‌: ماذا قلتم‌ ؟
فقالوا: وما الله‌ ما قلنا شيئاً. فإن‌ كنت‌ بُلِّغتَ عنّا شيئاً، فمكذوب‌ علينا!  فهبط‌ جبرائيل‌ بهذه‌ الآية‌: 
يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَـالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا.
وقال‌ علي عليه السلام‌ عند ذلك‌: ليقولوا ما شاءوا !  والله‌ إنّ قلبي‌ بين‌ أضلاعي‌؛ وإنّ سيفي‌ لفي‌ عنقي‌. ولئن‌ همّوا، لاهمّنّ.
فقال‌ جبرائيل‌ للنبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌: اصبر للأمر الذي‌ هو كائن‌!  فأخبر النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌ عليا عليه السلام‌ بما أخبره‌ به‌ جبرائيل‌، فقال‌: إذاً أصبر للمقادير )
وما هو الشيء الذي هموا به ولم ينالوه ؟؟
 يقول تفسير البيضاوي للآية :
( { وهموا بما لم ينالوا } من فتك الرسول ، وهو أن خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه من تبوك أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذ تسنم العقبة بالليل ، فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها ، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فقال إليكم إليكم يا أعداء الله فهربوا )
حتى الآن لا يذكر التاريخ شيئاً – الا قليلا او سرا - عن هؤلاء الذين قاموا بمحاولة الاغتيال فقد أخفى المنافقون النصوص الدالة على المجرمين .
وفي محاولة للدفاع عن المتهمين قال ابن حزم في ( باب بيان المنافقون والمرتدون من الجزء 11 ص 224 ) :
(( وأما حديث حذيفة فساقط , لأنه من طريق الوليد بن جميع - وهو هالك - ولا نراه يعلم من وضع الحديث فإنه قد روى أخبارا فيها أن أبا بكر , وعمر , وعثمان , وطلحة , وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهم - أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلقاءه من العقبة في تبوك - وهذا هو الكذب الموضوع الذي يطعن الله تعالى واضعه - فسقط التعلق به - والحمد لله رب العالمين ))
وَلمَاذا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ  ؟؟
لنسمع هذه الرواية عن الحق الناطق جعفر الصادق :
(( لمّا قال‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌ في‌ غدير خمّ، مرّ  المقداد  بجماعة‌ منهم‌ وهم‌ يقولون‌:  وَاللَهِ إنْ كُنَّا وَقَيْصَرَ لَكُنَّا فِي‌ الخَزِّ وَالوَشْي‌ وَالدِّيبَاجِ وَالنَّسَاجَاتِ؛ وَإنَّا مَعَهُ فِي‌ الاَخْشَنَيْنِ: نَأْكُلُ الخَشِنَ وَنَلْبَسُ الخَشِنَ حَتَّي‌ إِذَا دَنَا مَوْتُهُ وَفَنِيَتْ أَيَّامُهُ وَحَضَرَ أجَلُهُ، أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَها علیاً مِنْ بَعْدِهِ أَمَا وَاللَهِ لَيَعْلَمَنَّ.
قال‌: فمضي‌ المقداد وأخبر النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ فقال‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌:  الصَّلاَةُ جَامِعَةً، قال‌: فقالوا: قد رمانا المقداد.  ( وقالوا مع‌ أنفسهم‌ ): نحلف‌ عليه. قال‌: فجاؤوا حتّي‌ جثوا بين‌ يدي‌ رسول‌الله‌، وقالوا: بآبائنا وأُمهاتنا يا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌!  والذي‌ بعثك‌ بالحقّ، وأكرمك‌ بالنبوّة‌، ما قلنا ما بلغك‌؛ لا والذي‌ اصطفاك‌ على البشر،  ( ما قلنا )!
فقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌:  بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِكَ يَا مُحَمَّدُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَهُ مِن‌ فَضْلِهِ ) كَانَ أَحَدُهُمْ يَبِيعُ الرُّؤُوسَ؛ وَآخَرُ يَبِيعُ الكُرَاعَ، وَيَفْتِلُ القَرَامِلَ، فَأَغْنَاهُمُ اللَهُ بِرَسُولِهِ؛ ثُمَّ جَعَلُوا حَدَّهُمْ وَحَدِيدَهُمْ عليه  ))
والنص واضح في ميلهم الى (( قيصر )) وهو ميل الى الدولة البيزنطية آنذاك وتمنيهم العيش في كنفها .
والأمر لم يكن ميلا فقط وإنما هو عمالة تستدعي تأمر على الدولة الإسلامية ونبيها العظيم وخليفته الشرعي كما حصل منهم فعلا .
هناك نص أخر خطير ورد بصور متشابهه في ( تفسير علي‌ّ بن‌ إبراهيم‌ القمّي‌ّ» ص‌ 159 إلي‌ 162؛ وذكرها في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 199 و 200 عن‌ «تفسير القمّي‌ّ».  )
( قال رسول‌الله‌:  أَلاَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا علی‌ٌّ مَوْلاَهُ، اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ.  ثمّ قال‌: اللَهُمَّ اشْهَدْ علیهِمْ وَأَنَا مِنَ الشَّاهِدِينَ.
 فاستفهمه‌ عمر من‌ بين‌ أصحابه‌، فقال‌: يا رسول‌ الله‌!  هذا من‌ الله‌ ومن‌ رسوله‌ ؟!
فقال‌ رسول‌الله‌: نعم‌ من‌ الله‌ ورسوله‌! إنَّهُ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ وَإِمَامُ المُتَّقِينَ وَقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، يُقْعِدُهُ اللَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ علی‌ الصِّرَاطِ فَيُدْخِلُ أَوْليِاءَهُ الجَنَّةَ وَأَعْدَاءَهُ النَّارَ.
فقال‌ أصحابه‌ الذين‌ ارتدّوا بعده‌: قد قال‌ محمّد في‌ مسجد الخيف‌ ما قال‌، وقال‌ ها هنا ما قال‌ وإن‌ رجع‌ الى المدينة‌ يأخذنا بالبيعة‌ له‌ ( هذا الشعور منهم جعلهم يفكرون بصورة جدة بضرورة سرعة التخلص من محمد ( ص ) والتعجيل باغتياله ).
فاجتمعوا أربعة‌ عشر رجلاً، وائتمروا على قتل‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌ وقعدوا له‌ في‌ العقبة‌. وهي‌ عقبة‌ أرْشَي‌ بين‌ الجحفة‌ والابواء. فقعدوا سبعة‌ عن‌ يمين‌ العقبة‌، وسبعة‌ عن‌ يسارها لينفّروا ناقة‌ رسول‌الله‌.
ولمّا جنّ الليل‌، تقدّم‌ رسول‌ الله‌ في‌ تلك‌ الليلة‌ العسكر، فأقبل‌ ينعس‌ على ناقته‌؛ فلمّا دنا من‌ العقبة‌، ناداه‌ جبرائيل‌: يامحمّد!  إنّ فلاناً و فلاناً قعدوا لك‌. فنظر رسول‌الله‌ خلفه‌، فقال‌: مَن‌ هذا خلفي‌ ؟  فقال‌ حذيفة ‌بن‌ اليمان: أنا يا رسول‌الله‌، حذيفة‌ بن‌ اليمان!
قال‌  ( رسول‌ الله‌ ) : سمعتَ ما سمعتُ  ؟  قال‌: بلي‌. قال‌: فاكتم‌!
ثمّ دنا رسول‌ الله‌ منهم‌ فناداهم‌ بأسمائهم‌. فلمّا سمعوا نداء رسول‌  الله‌ ، مرّوا ودخلوا في‌ غمار الناس‌، وقد كانوا عقلوا رواحلهم‌، فتركوها. ولحق‌ الناس‌ برسول ‌الله‌، وطلبوهم‌. وانتهي‌ رسول‌ الله‌ الى رواحلهم‌، فعرفهم‌. فلمّا نزل‌  ( من‌ العقبة‌ )، قال‌:  مَا بَالُ أَقْوَامٍ تَحَالَفُوا فِي‌ الكَعْبَةِ إِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَوْ قُتِلَ أَنْ لاَ يَرُدُّوا هَذَا الاَمْرَ فِي‌ أَهْلِ بَيْتِهِ أَبَدَاً.
فجاؤوا الى رسول‌ الله‌، فحلفوا إنّهم‌ لم‌ يقولوا من‌ ذلك‌ شيئاً، ولم ‌يريدوه‌، ولم‌يهمّوا بشي‌ء في‌ رسول‌ الله‌. فأنزل‌ الله‌  ( هذه‌ الآية‌: ( يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا ) أن‌ لا يردّوا هذا الأمر عن‌ أهل‌ بيت‌ رسول‌الله‌ (  وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) من‌ قتل‌ رسول‌الله‌ ( وَمَا نَقَمُوا إِلآ أَنْ أَغَنَـاهُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و  مِن‌ فَضْلِهِ فَإِن‌ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِن‌ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَهُ عَذَابًا اليما فِي‌ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي‌ الاْرْضِ مِن‌ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ).
فرجع‌ رسول‌ الله‌ الى المدينة‌؛ وبقي‌ بها المحرّم‌ والنصف‌ من‌ صفر، لا يشتكي‌ شيئاً. ثمّ ابتدأ به‌ الوجع‌ الذي‌ توفّي‌ فيه )
لا تظن ان هذا الأمر روي في مصادر الشيعة فقط فقد أكدنا قبل قليل انه روي في مصادر الفريقين واليك ما قاله الزمخشري‌ّ في‌ تفسير قوله‌ تعالى: وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَـامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُو  « في‌ كتاب‌ الكشّاف ( الكشّاف‌» ج‌ 1، ص‌ 554 طبعة‌ ليسي‌ كلكتّا، وطبعة‌ مطبعة‌ شرفيّة‌ ج‌ 1، ص‌  )‌ :
 ( وهو  الفَتْكُ برسول‌الله‌. وذلك‌ عند مرجعه‌ من‌ تبوك‌؛ توافق‌ خمسة‌ عشر منهم‌ علی‌ أن‌ يدفعوه‌ عن‌ راحلته‌ الى الوادي‌ إذا تسنّم‌ العقبة‌ بالليل‌. وأخذ عمّاربن‌ ياسر رضي‌الله‌ عنه‌ بزمام‌ راحلته‌ يقودها، وحذيفة‌ خلفه‌ يسوقها. فبينا هو كذلك‌ إذ سمع‌ حذيفة‌ توقّع‌ أخفاف‌ الإبل‌ وقعقعة‌ السلاح‌، فالتفت‌ فإذا قوم‌ متلثّمون‌، فقال‌: الى أعداء الله‌ فهربوا )
بقي ان نوضح شيء ونعتبره أطروحة او احتمال معتد فيه :
 أنّ هناك محاولتين‌ قد جرتا لاغتيال‌ رسول ‌الله‌ في‌ العقبة‌. الأولى في‌ غزوة‌ تبوك‌، والأخرى‌ عند الرجوع‌ من‌ حجّة‌ الوداع‌. و الشبه‌ بين‌ المحاولتين‌ ان عدد المنافقين‌ أربعة‌ عشر كانوا او خمسة‌ عشر، و هما حادثتان‌ لكل منهما مواصفات‌ متميّزة‌.
ونحن نعلم‌ أنّ واقعة‌ الغدير كانت‌ بعد غزوة‌ تبوك‌ وهذه الغزوة في‌ شهر رجب‌ الى شهر رمضان‌ سنة‌ 9 هجري ومن‌ المحتمل جدا أنّ واقعة‌ العقبة‌ التي‌ حدثت‌ عند رجوعه‌ صلّي‌ الله‌ عليه وآله‌ وسلّم‌ كانت‌ في‌ أوائل‌ شهر رمضان‌ لكنّ واقعة‌ الغدير كانت‌ في‌ السنة‌ العاشرة‌ من‌ الهجرة‌، ولابدّ أن‌ تكون‌ واقعة‌ العقبة‌ قد بعده.
وهذا الخلط إنما هو جراء المنافقين ومن بعدهم بعض المؤرخين و محاولات لطمس الحقائق .
ولا يفوتنا ان ننبه القارئ ان الآية الكريمة جاءت في سورة التوبة وهي التي تسمى الفاضحة فماذا فضحت ومن عم المفضوحين ؟
وعلينا ان نقرا المقطع القرآني الذي جاء في سياق الآية بصورة كاملة لنرى القران ماذا يقول :
(( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {التوبة/73} يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ {التوبة/74} وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ {التوبة/75} فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ {التوبة/76} فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ {التوبة/77} أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {التوبة/78} الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {التوبة/79} ))
ثم انك لو عدت للآية لوجدت فيها شيئا أخرا وهو ((وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ ))
وحينما رجعت للقران وتابعت عبارة كلمة الكفر واقتران عبارة ( الكلمة ) بالكفر وجدتها في أية أخرى وهي معروفة عن احد أولئك المنافقين الممترين فاسمع معي وأعجب فقد قال تعالى :
(( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {التوبة/40} ))
ان عبارة (( الكلمة )) في القران وفي كافة الموارد تخبرنا عن أشخاص محددين سواء كانوا أولياء لله وهم كلمات الله او من المنافقين او الكافرين وهم كلمات الكفر ورغم اني لست في صدد تفسير الآيات حفاظا على انسيابية الموضوع ولكن لا باس ان نذكر أمثلة لكلامنا هذا .
في استخدام عبارة ( كلمة ) في أولياء الله تعالى
قال تعالى :
((  وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ {الزخرف/26} إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ {الزخرف/27} وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الزخرف/28}))
وقال تعالى :
((إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {آل عمران/45} ))
في استخدام عبارة ( كلمة ) في أعداء الله تعالى وخصوصا أهل الكفر من المنافقين قال تعالى :
(( يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ {التوبة/74} ))
وقال تعالى :
(( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {التوبة/40} ))
وفي هذه الاية كلمة الله العليا انما هو محمد ( ص ) وكلمة الذين كفروا الشخص الثاني الذي تامر في الاية السابقة وهم بما لم ينل فاي ترابط بديع بين الايتين .
ثم لا تقل ان القران وصفه بكلمة الكفر والمورد يتحدث عن النفاق ؟
بلا فالقران يجيبنا هنا بقوة في قوله تعالى :
((يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ {التوبة/64} وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ {التوبة/65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ {التوبة/66}  ))
فالقران يثبت ان كافة المنافقين قد كفروا بعد ايمانهم فانتبه وتدبر !
وهاك ايات كريمات اخر تؤكد ما نقول فقد قال تعالى :
((إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ {المنافقون/1} اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {المنافقون/2} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ {المنافقون/3} ))
واما بالنسبة لكلمة الله تعالى حبيبه المصطفى ( ص ) الذي كان ثاني الاثنين في الغار فالقران شاهد له بما نقول
فقد قال تعالى :
(( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {إبراهيم/24} ))
والمثل هو مثل نور الله تعالى وهو ما  قاله تعالى :
((اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {النور/35} فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {النور/36}  ))
ولست هنا في معرض تفسير الآيات ولكني الفت نظر القارئ الى هذا الترابط القرآني الرائع فليتأمل به وسيجد من القران حقائق أخرى وكل حقائقه عجيبة رائعة والحمد لله جل في علاه .
***********
ان قتل الرسول صلى الله عليه واله وسلم كان معد له منذ زمن قديم ومن نفس الأشخاص ومنهم ( عمر ) حيث ورد قصة يذكرون أنها سبب في إسلامه وتناقلها المؤرخون في كتب التاريخ منها ( فضائل الصحابة جزء 1 - صفحة 279)
ومنه ما جاء في سيرة ابن كثير :
(( قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب ، وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد ، وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر ، وكان نُعيم بن عبدالله النحَّام من مكة ، رجل من قومه ، من بني عدي ابن كعب قد أسلم ، وكان أيضا يستخفي بإسلامه فرقا من قومه ، وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة ‏بنت الخطاب يُقرئها القرآن ، فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه قد ذُكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا ( نص واضح في نيته قتل النبي ) ، وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة بن عبد المطلب ، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، في رجال من المسلمين رضي الله عنهم ، ممن كان أقام من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة ‏‏.‏‏
فلقيه نعيم بن عبدالله ، فقال له ‏‏:‏‏ أين تريد يا عمر ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ أريد محمدا هذا الصابئ ، الذي فرَّق أمر قريش ، وسفه أحلامها ، وعاب دينها ، وسب آلهتها ، فأقتله ( اعتراف بالقصد مع سب النبي ) ؛
فقال له نعيم ‏‏:‏‏ والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر ، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ‏‏!‏‏ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ وأي أهل بيتي ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ خَتَنُكَ وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو ، وأختك فاطمة بنت الخطاب ، فقد والله أسلما ، وتابعا محمدا على دينه ، فعليك بهما ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه ، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة ، فيها ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ طه ‏‏)‏‏ يقرئهما إياها ، فلما سمعوا حس عمر ، تغيب خباب في مخدع لهم ، أو في بعض البيت ، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها ، وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما ، فلما دخل قال ‏‏:‏‏ ما هذه الهَيْنَمة التي سمعت ‏‏؟‏‏ قالا له ‏‏:‏‏ ما سمعت شيئا ؛ قال ‏‏:‏‏ بلى والله ، لقد أُخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه ، وبطش بختنه سعيد بن زيد ؛ فقامت إليه أخته فاطمة ‏بنت الخطاب لتكفه عن زوجها ، فضربها فشجها ؛ فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه ‏‏:‏‏ نعم لقد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله ، فاصنع ما بدا لك ‏‏.‏‏
فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع ، فارعوى ، وقال لأخته ‏‏:‏‏ أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد ، وكان عمر كاتبا ؛ فلما قال ذلك ، قالت له أخته ‏‏:‏‏ إنا نخشاك عليها ؛ قال ‏‏:‏‏ لا تخافي ، وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها ؛ فلما قال ذلك ، طمعت في إسلامه ، فقالت له ‏‏:‏‏ يا أخي ، إنك نجس ، على شركك ، وإنه لا يمسها إلا الطاهر ، فقام عمر فاغتسل ، فأعطته الصحيفة ، وفيها ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ طه ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ فقرأها ؛ فلما قرأ منها صدرا ، قال ‏‏:‏‏ ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ‏‏!‏‏ فلما سمع ذلك خباب خرج عليه ، فقال له ‏‏:‏‏ يا عمر ، والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه ، فإني سمعته أمس وهو يقول ‏‏:‏‏ اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام ، أو بعمر بن الخطاب ، فالله الله يا عمر ‏‏.‏‏ فقال له عند ذلك عمر ‏‏:‏‏ فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأُسلم ؛ فقال له خباب ‏‏:‏‏ هو في بيت عند الصفا ، معه فيه نفر من أصحابه ،‏ فأخذ عمر سيفه فتوشحه ، ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فضرب عليهم الباب ؛ فلما سمعوا صوته ، قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر من خَلل الباب فرآه متوشحا السيف ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع ، فقال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف ؛ فقال حمزة بن عبدالمطلب ‏‏:‏‏ فأذنْ له ، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له ، وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ائذن له ، فأذن له الرجل ، ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة ، فأخذ حُجْزته ، أو بمجمع ردائه ، ثم جَبَذه به جبذة شديدة ، وقال ‏‏:‏‏ ما جاء بك يا ابن الخطاب ‏‏؟‏‏ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينـزل الله بك قارعة ، فقال عمر ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، جئتك لأومن بالله وبرسوله ، وبما جاء من عند الله ؛ قال ‏‏:‏‏ فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم ‏‏.‏‏
فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم ، وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة ، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينتصفون بهما من عدوهم ‏‏.‏‏ فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم ‏‏.‏ )
لقد كانت هذه المجموعة من حينها مصرة على اغتيال الرسول ( ص )
ولكنهم لم ينالوه في العقبة باعتراف وشهادة القران العزيز !!!

والبقية تأتي ....




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=856
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 10 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19