• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مدرسة عاشوراء{14} *الدم الحسيني والخطاب الزينبي* .
                          • الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي .

مدرسة عاشوراء{14} *الدم الحسيني والخطاب الزينبي*

 انّ الدّم الحسيني والخطاب الزّينبي منهجان بمحتوى وجوهرٍ واحد ولتحقيق هدفٍ واحدٍ، يجمعهما طهارة الأدوات لإنجاز الهدف على قاعدة قول أَمير المؤمنين عليه السلام {مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الاِْثْمُ بِهِ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ} فالأهداف السّامية لا تتحقَّق الا بادواتٍ ساميةٍ وطاهرةٍ، ولذلك لن تجدَ ابداً لا في رسالة عاشوراء ولا في الخطاب الزّينبي ايَّ توظيفٍ سيّء لأيٍّ من الأدوات غير الطّاهرة، ولو بمقدار نقيرٍ، وهذا هو القاسم المشترك بين المنهجَين الحسيني والزّينبي، وهو القاسم المشترك الذي يجب ان تتميّز به كلّ حركات التّحرر خاصَّةً تلك التي ترفع قيم عاشوراء كشعارٍ لها سواء في المنطلق او في الأهداف.

انّ الذين يدّعون انّهم يسيرون على نهج الحسين عليه السلام وأنهم مُلتزمون بأُسس ومقوّمات الخطاب الزينبي ثم نراهم يوظّفون كلّ الأدوات المشروعة وغير المشروعة سواءً للوصول الى السّلطة او التشبّث بها بعد التَّمكُّن منها، انّما يحاولونَ خداع السُّذَّج والبسطاء من النّاس بشعاراتهِم البرّاقة التي يسيل  لها لعابُ المستضعفين والمقهورين، ولكن مهلاً مهلاً {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.

 

لقد بدأ الدور الاعلامي للعقيلة من مدينة الكوفة حيث خطبت خطبتها المشهورة وهي تكلم اهل الكوفة وتنهال عليهم تقريعاً وتأنيباً وتوبيخاً وبيان مواطن الخسة والنذالة لديهم فازالت اللثام عن تلك الوجوه المتخفية بستار الدين والمقنعة بقناع الاسلام وهو منهم براء.. كلمتهم بكل ثبات وصبر وهي المفجوعة باخوتها وأبناء اخوتها فاستطاعت رغم هذه الاجواء الخانقة أن تولج النور المحمدي الصحيح الى قلوب المضلين منهم فلم يقل موقفها عمن امتشق السيف نصرة للدين ودفاعاً عن المبادىء والقيم العليا وهذا من دعائم الاعلام فقالت لهم بعد ان أومأت الى ذلك الجمع المتراكم المتزاحم المغمور بالتمويهات والمطامع أن أهدأوا فهدأوا وسكنت الانفاس والاجراس .. حينها وبهيبة إلهية وبهاء محمدي اندفعت بخطابها بنفس مطمئنة ورباطة جأش وشجاعة حيدرية وتحدثت فقالت: (الحمد لله والصلاة على ابي محمد واله الطيبين الاخيار.أما بعد يااهل الكوفة يااهل الغدر أتبكون فلا رقات الدمعة ولا هدأت الرنة ..أنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا .. تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ألا وهل فيكم الا الصلف والنطف والعجب والكذب والشنف وملق الأماء وغمر الاعداء او كمرعى على دمنة او كقصة الابئس ماقدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون اتبكون وتنتحبون.. اي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلاً فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا وانى ترخصون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالةومدرة حجتكم ومنار محجتكم وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم وسيد شباب اهل الجنة ..الاساء ماتزرون فتعساً ونكسا وبعداً لكم وسحقاً فلقد خاب السعي وتبت الايدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله ورسوله وضربت عليكم الذلة والمسكنة .. ويلكم يا اهل الكوفة أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم واي حرمة له انتهكتم ..لقد جئتم شيئا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هداً.. ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء كطلاع الارض وملء السماء .. أفعجبتم ان مطرت السماء دما ولعذاب الاخرة اخزى وهم لا ينصرون .. فلا يستخفنكم المهل فانه لا يحفزه البدار ولايخاف موت الثار وإن ربكم لبالمرصاد).. فأيقظت الافئدة ولفتت البصائر ونالت خطبتها  من القلوب فتبين لهم عظمة فعلتهم فهم لأمرهم نائمون ..

من هنا بدأ الدور الاعلامي للحوراء (عليها السلام) استكمالاً للمشروع الحسيني وابتداءً لاشواط تلتها في كل وقت وموطن وصولا الى الشام وحتى عودتها مع السبايا الى المدينة المنورة .. فكانت هذه الادوار الاعلامية بمثابة الصاعق لقوى الظلم والطغيان والفجور والفسق .. فلولاها لما وصلت الى المعالم حقيقة الثورة الحسينية وما حصل يوم الطف ومن قلب الحدث مأثر في الجانب الايماني ومن تشاغل في جانب الكفر ولآندثرالاسلام المحمدي فكانت نبراساً اعلاميا.. كيف لا هي (زينب عليها السلام) سليلة أولئك الذين لم يسبقهم من الناس بسابقة من قبل ولا بعد ولو كان فقل سبق لادنى سبقهم تبع .. لقد مارست (عليها السلام) دورها الاعلامي الزينبي بكل بسالة مما اثار حفيظة الاعداء وصنعهم واستشاط غضبهم وادحضت بالحجة البالغة كل وسائل اعلامهم المأجورة فانبروا  لها تصديا ليهجروها من ديارها مدينة جدها الى مواقع دائرة التأثير المباشر والقريب من سيطرتهم السلطوية ليحجموا من نشاطها ودورها الاعلامي الذي هز عروشهم وراع قلوبهم وارعد فرائصهم فسجلت اكبر نصر إعلامي بكل مفاصله  وتقلدت الدور الريادي في الاعلام فكانت مناراً وشمسا ساطعة انارت للعالم دروب الجهاد في سبيل الحياة الحرة الكريمة في كف الربيع الاسلامي المحمدي.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=85108
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29