• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : أبكيكَ بالدمعِ أو أرثيكَ بالكلمِ .
                          • الكاتب : رزاق عزيز مسلم الحسيني .

أبكيكَ بالدمعِ أو أرثيكَ بالكلمِ

أبكيكَ بالدمعِ أو أرثيكَ بالكلمِ  
سيّانِ نزفُهما من حُرقةِ الألمِ  
 
يا حرقةً بقيتْ يقظى بأضلعنا  
منذُ الفجيعةِ والأحزانُ لم تَنَمِ 
 
وصرخةَ الحقِّ في الدنيا مُدويةً
في وجهِ كلِّ دعيٍّ غاشمٍ أثمِ
 
جهدُ المقلِّ إذا ما العينُ قد بقيتْ
تهمي عليكَ دموعا خُضّبتْ بدمٍ
 
أَبكي النبيَّ على الرمضاءِ مُنطرحا
تحتَ السنابكِ ارْضاءا لمُتّهمِ
 
داسَ الطواغيتُ ظلَّ اللهِ في جسدٍ
نورُ النّبوّةِ فيهِ مُشرقُ السِّيَمِ
 
أبكيكَ ثبتا شديدَ البأسِ مُصْطَبِرا
لاقى الجيوشَ رَبيطَ الجأْشِ كالعَلَمِ
 
أَبكيكَ حرّا أبيَّا فارسا أَنِفَا  
يأبى الخضوعَ عزيزا شامخَ الشَّمَمِ
 
أَبكيكَ سيفا رهيفَ الحدِّ مُنصلِتا
بينَ السيوفِ مَهيبا غيرَ مُنثلمِ
 
أَبكي على السّبطِ لم تنصرْهُ أُمّتَهُ
نهبَ الرماحِ وحيدا غيرَ منهزمِ
 
أَبكيكَ مُصطبرا للهِ من جبلٍ
لمّا تعالى لهيبُ النارِ في الخِيَمِ
 
أَبكيكَ مُحتسبا ضحّى بمهجتِهِ
والأَقربينَ فداءَ الدّينِ والقيَمِ
 
أَبكيكَ جلدا كليثِ الغابِ مُقتحما
جمعَ البُغاةِ بلا خوفٍ ولا سَأَمِ
 
أَبكيكَ مُلتهبَ الأحشاءِ من ظمإٍ
لاقى الإلهَ خضيبَ النّحرِ وهوَ ظَمِي
 
ما الماءُ غايتُهُ والخلدُ قدْ رويتْ
مِنْ تحتَ أخمصهِ بالسلسلِ الشبمِ
 
بنور وجههِ يُستسقى إذا قحطتْ
فالغيثُ مُنهمرٌ من أعذبِ الدّيمِ
 
أو كانَ يُعجزُهُ لو رامَهُ طلبا
لكنَّهُ الدَّرسُ في الإِيثارِ للأُممِ
 
أَبكيكَ نجما تسامى في مكانتهِ
بمدرجِ المجدِ  ضاهى ذروةَ القممِ
 
أَبكيكَ يا كوكبا قد ظلَّ مُنبلجا
رغمَ الطغاةِ فلمْ يأْفلْ ولمْ يغمِ
 
أَبكيكَ يا بلسما تُشفى الجراحُ بهِ
وبسمةِ النّصرِ تعلو ثغرَ مُهْتَضَمِ
 
وشعلةَ الحقِّ للأحرارِ نائرةً
تجلو الدّياجي ونبراسا لدى الأُممِ
 
أَبكيكَ يا ثورةً دامتْ مؤججةً
مثل البراكينِ لمْ تخمدْ مِنَ الحِمَمِ
 
وقدَ الجماهيرِ لمْ يُطفأْ لها شررٌ
أزيزها يصطلي من شدّةِ الضّرمِ
 
***             
يا أكرمَ الناسِ كلِّ الناسِ قاطبةً
بعد النبيِّ وبعدَ المُرتضى القَرمِ
 
ياابنَ النبيِّ وحسبي باسمِهِ مددا
عندَ النّوائبِ إنْ ناديتُ والغَمَمِ
 
وابنَ الفتى في الوغى والنّصرُ صاحبُهُ
والسيفُ خادمُهُ في كلّ مُحتدمِ
 
جمُّ الجراحاتِ في ارواحنا انْدَمَلَتْ
إلاّ مُصابَكَ يبقى غيرَ مُلتئمِ
 
يا سيّدي الشّعرُ لمْ يبلغْ مواجعَنا
وإنْ تلظّى بنيرانِ الأسى قلمي
 
ذكرى مُصابِكَ رغمَ الشانئينَ لها
تظلُّ خالدةً في سِفْرِها الضَخِمِ
 
لدينِ أحمدَ قدْ أرْسَتْ دعائمَهُ
لولا الفداءُ بيومِ الطّفِّ لمْ يقُمِ
 
ذكرى تظلُّ مدى التأريخِ داعيةً
لنصرةِ الدّينِ والمظلومِ والشِّيَمِ
 
تبقى ترددُها الأفواهُ ثائرةً
على الطغاةِ نشيدا صاخبَ النَّغَمِ
 
باقٍ صداهُ يرنُّ في مسامعنا
فيُحيلنا حمما تذكو من الهممِ
 
لالا مع البغي رغم الموتِ داويةٌ
خيرٌ منَ العيشِ وسطَ الذُّلِ في نَعَمِ
 
قد قُلْتَها رافضا للضيمِ تحملُهُ
في وجهِ طاغيةٍ بالشرِّ مُلتثِمِ
 
ولم تهبْ ثابتا كالطودِ جمْعَهُمُ
والموتُ يلتهمُ الابطالَ كالنَّهِمِ
***                
رزءٌ يظلُّ مع الأجيالِ مُنتفضا
للحقِّ يدعو جهارا غيرَ منكتمِ
 
جرحٌ ينزّ أبيدَ الدّهرٍ مُنتغرا
يأبى الهوانُ ويروي رفعةَ الشممِ
 
جرحٌ تخلّدَ في الأزمانِ مُعجزةً
يندى مع الدّهرِ ,لا يبلى مع القدم
 
جرحٌ أذابَ فؤادي من تحرّقهِ
فانسابَ مُنحدرا في الأدمعِ السُجُمِ
 
رزءٌ بكتْهُ جميعَ الكائناتِ أسىً
كما بكتْهُ عيونُ الشّعرِ والكلمِ
***                 
يا ابنَ النبيِّ فلا عذرٌ لمنتكصٍ
لمّا خطبتَ بجمعِ القومِ من أَمَمِ
 
أنا الحسينُ فهلْ أخفى على أحدٍ
والقومُ لمْ يشتكوا من عِلّةِ الصممِ 
 
لكنّها زمرةٌ كانتْ مغيبةً
لمّا استقادتْ الى أحقادِ مُنتَقِمِ
 
ياليتَ شعريَ هلْ كانتْ مُكبّلةً
فساقَها البغي سوقَ الذئبِ للغنمِ
 
والنّاسُ من طمعٍ كانوا ومنْ جهلٍ
جيشا يُساقُ الى الاذلالِ والعدمِ
 
تلك المجاميعُ ما كانتْ سوى عددٍ
يُمحى ويُثبتُ طوعَ الحاكمِ الفدمِ
 
يا زمرةً جحِدَتْ عرفانَ مُنقذها
لمّا استحلّتْ دماءَ السبطِ في الحُرُمِ
 
واستهونتْ جُرمَها حتّى به خلعتْ
من عُنقها بيعةً للهِ والذّممِ
 
باءت بخزي أبيدَ الدّهرِ يصبغُها
بصبغة الذلّ لن تُمحى كما الوشمِ
 
ما كانَ أجدرها والعارُ يلحقُها
لو قطّعتْ يدها من شدّةِ الندمِ
 
لكنها استمرأتْ حالا بهِ خَنَعَتْ
فلم يزلْ أمرُها في أحلكِ الظُّلَمِ
 
كأنّها فقدتْ فيهِ بصيرتُها
لمّا استعاضتْ عن العُقيانِ بالفحمِ
 
شتّانَ مَنْ ظلَّ للأسحارِ مُبتهلا
ومَنْ ترنّحَ سكرانا مع النغمِ
 
منْ ظلَّ دهرَهُ في صومٍ ومسغبةٍ
ومنْ شكا بطنةً أو وطأةَ التخمِ
 
من قامَ في الليلِ يبكي في تلاوتِهِ
ومن بغلوائهِ يجري بلا لُجُمِ
 
يا أُمةً بقيتْ بالغيّ سادرةً
تهوى الطغامَ وتقلى سادةَ الأُممِ
 
يا ليتَ شعريَ هل كانتْ بلا رشدٍ
أمْ إنّها عميتْ من شدةِ الظُلَمِ؟



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=84903
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28