• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تاريخ المذبحة الدموية في كربلاء .
                          • الكاتب : محمد الكوفي .

تاريخ المذبحة الدموية في كربلاء

نبذة مختصرة عن تاريخ المذبحة الدموية الرهيبة التي ارتكبت في في كربلاء المقدسة يوم العاشر من محرم الحرام ،   (10محرم 61 هـ / 8 يناير 626 م - 10أكتوبر680 م)

 

تعتبر واقعة الطف واحدةً من أبشع و الاشد الحروب وحشية التي شهدتها البشرية في التاريخ البشرية شهدتها ارض كربلاء المقدسات، 

* * * * * * * * * * * * 

كانت نتيجة المعركة ومقتل الحسين {ع}.على هذا النحو مأساة مروعة أدمت قلوب المسلمين وهزت مشاعرهم في كل مكان، وحركت عواطفهم نحو آل البيت{ع}،

* * * * * * * * * * * * 

تعرض الامام علي والإمام الحسن والإمام الحسين وآل البيت {ع }. مدت أربعون عاما في عهد معاوية وبنهي يزيد الى تلك الحملات الإعلامية الجائرة والتي كانت قاسية ومتتالية من التشويه والتحريف والتدنيس والتزييف و العبث بمقدرات الامة الإسلامية ، من قبل أعداء آل البيت،{ع}. الذين لا يريدون للإسلام خيراً. واهي القيم العدل والحرية التي تعرضت الى انتهاكات صارمة وصارخة من قبل الطغاة والمستبدين. ترى اليوم مذهب التشيع يزدهر ويتجدد يوما بعد يوم بجهود علمائنا ورجال الدولة والقادة المسلمين والإعلام المكثف ومن خلال المواقع الإسلامية وغيرها عرف الناس الإسلام و مذهب التشيع العلوي ومنزلة أئمتها {ع }، بعد ان كان مذهب التشيع العلوي وآل البيت والإمام الحسين {ع}. في نظر يزيد ابن معاوية رجل خارجي أي خرجه على امام زمانه يزيد ورفض حكمه لذا اصبح رافضي والسبب ان الامام الحسين{ع}. أبى أن يبايع يزيد بن معاوية السكير ألخمار صاحب الطنابير والقيان و اللاعب بالقرود و المجاهر بالكفر و الإلحاد و الاستهانة بالدين. 

وفي موقع آخر يقول الامام الحسين{ع}. في يزيد هذه الالتفاتة الطيبة والمباركة حول عبارة{مثلي لايبايع مثله}. أي ان الحسين {عليه السلام}. يمثل حلال محمد الى يوم القيامة ويرفض حرام إل محمد الى يوم القيامة وحالة التضاد هذه لا يمكن ان تجتمع إلا عند المنافقين من إتباع يزيد ابن معاوية كان الامام الحسين {ع}. راية الرفض حين قال:\"مثلي لايبايع مثله\"، وراية للعدل والحرية وانتفاضة الأحرار ضد الاستعباد ونداء المظلوم في وجه   كل ظالم وثورة من اجل إسقاط السيطرة وحكم الظلم والباطل حيث كان يزيد حاكما جائرا مستبدا في حكمه تجرأ علي الإمام الحسين وجده وفي بداية عهده أمره بقتل سيد الشهداء الامام الحسين ابن علي {ع}. ونخبة من أصحابه الأجلاء {رض}،-سنة – 61 ـــ هجرية}. قتل الإمــام الحسين ابن علي {ع}. من اجل المبدأ والعقيدة والإيمان الراسخ الذي صار شيئا من طبيعته وكانت شهادته بأيدي مجرمين من أتباع قتلت أبيه علي  بن أبي طالب {ع{علي ارض ألطف في  کربلاء ألمقدسة}، قال الامام الحسين: إنا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة بنا فتح الله و بنا ختم و يزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة و مثلي لا يبايع مثله،

 

* * * * * * « 1 » * * * * * * 

الإمام الحُسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي (3 شعبان 4 هـ - 10 محرم 61 هـ / 8 يناير 626 م - 10 أكتوبر 680 م) سبط النبي محمد رسول الإسلام وحفيده، ويلقب بسيد شباب أهل الجنة، خامس أصحاب الكساء،[1][2] كنيته أبو عبد الله، والإمام الثالث لدى المسلمين الشيعة.المصدر: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86_%D8%A8%D9%86_%D8%B9%D9%84%D9%8A،

* * * * * * « 3 » * * * * * *

قوله تعالى { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الحمد لله رب ا. [آل عمران:169].

الشهداء احياء عند ربهم

هناك فرق بين من يقتل ومن يموت ، فالشهيد حي والميت فان .

والشهداء احياء بحياة الرسالة التي سقوها بدمائهم ، فاذا بكل قطرة دم اريقت حول شجرة الرسالة ، تحولت الى غصن اخضر وثمرة نافعة . تحولت الى عدالة تنفع ملايين البشر ، وحرية وكرامة وحياة . وهم احياء ، لان ذكرهم خالد في الناس . وهم احياء ، لان الله يعطي ارواحهم الطاهرة قدرة وعلماً ، فاذا بهم يرزقون عند ربهم . اما الأموات فان ارواحهم قد تنتزع منها القدرة والعلم ، وتعتقل في زنزانة الجهل والضعف والظلام .

حياة الشهداء حافلة بالنعم المادية والمعنوية ، إذ انهم يرزقون عند ربهم . وهم لايزالون في فرح وشكر وبشارة ، كلما وجدوا قتيلاً في سبيل الله التحق بهم ، زادهم انساً وكرامة . قال الله تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَآءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِن خَلْفِهِمْ اَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } (آل عمران / 169-170)

ان المؤمنين الذين لم يلحقوا بالشهداء ، هم اداة البشارة للشهداء ، لعلم الشهداء بان اولئك سوف يقدمون على حياة فاضلة ؛ حياة لا خوف فيها ولا حزن ، ولذلك فهم يفرحون بالمؤمنين . وقد جاء في الحديث أن الشهيد تمنى العودة الى الدنيا ليقاتل مرة أخرى - في سبيل الله - .

روي عن النبي {صلى الله عليه وآله}، أنه قال لجابر : " ان الله لم يكلم احداً إلاّ من وراء حجاب ، وكلّم اباك مواجهاً . فقال له : سلني اعطك . قال : أسألك ان تردّني الى الدنيا حتى اجاهد مرة أخرى ، فاقتل . فقال : انا لا أردّ أحداً الى الدنيا ، سلني غيرها . قال : اخبر الاحياء بما نحن فيه من الثواب حتى يجتهدوا في الجهاد لعلهم يقتلون ، فيجيئون الينا . فقال تعالى : انا رسولك الى المؤمنين . فانزل : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً } ". {76}  وعنه {صلى الله عليه وآله}، أيضاً ، يقول : " ان فوق كل برّ برّ ، حتـى يقتل الرجل شهيـداً  في سبيله . وفوق كل ذي عقوق عقوق ، حتى يقتل الرجل احد والديه " . {76}

عن جابر ، عن ابي جعفر عليه السلام قال : " أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : اني راغب نشيط في الجهاد . قال : فجاهد في سبيل الله ، فانك ان تقتل كنت حيّاً عند الله ترزق ، وان متّ فقد وقع اجرك على الله ، وان رجعت خرجت من الذنوب الى الله . هذا تفسير { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً } ".{76} مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي،

* * * * * * « 2 » * * * * * * 

سْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ

للّهُـــــــمَ صَـــــلِّ وسَـــــلِّمْ وزِدْ وبارِكْ عَلـَى مُحَمَّـــــــدٍ وَآلِ مُحَمَّـــــــدٍ الطَيِّبِيـــــنَ الطّاهِـــــرِينَ الذِّيـــــنَ أّذْهـبَ اللهُ عَنـهُـــــمِ الرِّجْـــــــسَ وطّهَّـــــــرَهُمْ تَطْهِـــــيراً وألعن أَعــــــدَاءهِمْ إَلىَ يَــــــوم الّــدِينْ.... الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ جميعاٌ

بسم الله الرحمن الرحيم

{{إني لم أخرج أشراً ولا بطرا ً ولا مفسداً ولا ظالماً, وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رســول الله صلى الله عليه وآله, أريد أن آمر بالمعروف, وأنهى عن المنكر,  وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام}}. 

* * * * * * « 4 » * * * * * * 

بِسْــمِ اللّهِ الرَّحْمـــَنِ الرَّحِــيمِ

من تعظيم شعائر الله القائل: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ{32}}. {سورة الحـج}. 

 في الأيام العاشرة الأولى من محرم الحرام من كل عام يصادف ذكرى استشهاد سبط الرسول وآهل بيته الكرام وأصحابه الغر الميامين{عليهم السلام}. ونرى هذه الأيام  كلها بالنسبة لنا ايام كئيبة وحزينة ومؤلمة جدا على قلوب شيعة آل البيت {ع}. والمذاهب الشيعية الأخرى و طرق اهل التصوف والعرفان الموالين لآل البيت {ع}. وبعض فرق المسلمين المتواجدون في أنحاء العالم والكل شعارهم {كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراءْ}،لشدة الظلم والتعدي الذي يهدد كيان الإسلام والمسلمين ونهج الرسول محمد {ص}. الأصيل والحسين {ع}. ليس فقط للشيعة بل هم قادة الامم ومختلف الملل والأقوام و الأطياف والمذاهب والاديان الإسلامية الأخرى. هؤلاء جميعا يقدسون الحسين {ع}. كثائر إسلامي ثأره وجاهده من اجل الحرية ضد الظلم والتعدي وهذا هو شعار الامم والاديان السابقة ما قبل الإسلام وجاءه الإسلام واقر هذه الأهداف السامية وطلق عليها باب الجهاد وهو من صميم العقيدة إلا سلامية البحتة والبعض الاخر هم من المحبين ينظر إلي الامام الحسين {ع}. كشخص ثائر ثأره ضد الظلم والتعدي وطالب بالحكم. ويكنون له احتراما فائقي ولكن نحنو الشيعة نقول عكس ذألك نعلم إن الامام الحسين {ع}. قدوة الأحرار ومصدر الحرية والإيثار ثار من اجل إحياء الدين الاسلامي ورسالة السماء وسنة جده النبي الكريم محمد ابن عبد الله {ص}. حيث قال الإمام الشهيد الحسين ابن علي {عليه السلام}. إني لم أخرج أشراً ولا بطراً إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله محمد {ص}.

وآهل بيته ومن معه من أصحابه لذا نحن الشيعة بقلوب ملؤها الحزن والأسى ننعى يوم العاشر من محرم الحرام يوم عاشوراء الخالدة.

وبهذه المناسبة سنتعرض أخواتي المؤمنون و المؤمنات لهذه المصيبة الكبرى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

هذه الأيام الحزينة والمؤلمة على قلوب المسلمين المؤمنين ايام شهر محرم الحرام الجميع مرتدين ثياب السوداء، السبب في ارتدائنا الأسود ببساطة هو أنه, ووفقا لعاداتنا, أفضل طريقة في التعبير عن الحزن. فعندما نرى أشخاصا يرتدون ثياب الحداد السوداء فإنهم يبدون كئيبين و حزينين, لذا يبدو من الطبيعي لنا أن الأسود هو لون ثياب الحداد.‏ ويحمدون الله أن بلَّغهم إياه، ويعقدون العزم على تعميره بالطاعات، وزيادة الحسنات، وهجر السيئات، وأولئك يبشَّرون بقول الله: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {58}}. {سورة يونس}. وذلك لأن محبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل، فترى المؤمنين متلهفين مشتاقين إلى شهر عاشوراء ، تحن قلوبهم إلى الحسين ابن علي،{عليه السلام}. ومكابدة ليله بالقيام والتهجد بين يدي مولاهم، وتراهم يمهدون لاستقبال شهر محرم الحرام والتطوع خاصة في العشرة الأوائل. والبعض الاخر يجاهدون ويعملون إلى ايام الأربعينية.   

* * * * * * « 5 » * * * * * *

 بــسم الله الرحمــن الرحــيم

{الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد ابن عبدا لله وعلى الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليهم السلام} 

}يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا }التفسير : 71 - يا أيها الذين آمنوا كونوا فى حذر دائم من أعدائكم، وخذوا الأهبة لرد كيدهم، واخرجوا لقتالهم جماعات متفرقة، جماعة بعد جماعة، أو اخرجوا لهم مجتمعين.

سورة النساء آية رقم 72. {وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا}. 

التفسير : 72 - واحذروا المثبطين المعوِّقين، فإن ممن يعيش معكم من يثبط عن القتال ويتخلف عنه، فإن أصابتكم نكبة فى الجهاد قال ذلك الفريق المتخلف شامتًا: قد أنعم الله علىَّ إذ لم أشهد معهم هذا القتال.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعلى آل بيته الطيبين الأطهار وعَجِّلْ الله فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ وارزقنــــا شفاعتهم في الدنيا والآخرة بحق محمد وآل محمد والعَنْ أعدائهم يا الله كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء..

قَالَ الإمام علي بن موسى الرِّضَا { عليه السلام } : \" إِنَّ الْمُحَرَّمَ شَهْرٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْقِتَالَ فَاسْتُحِلَّتْ فِيهِ دِمَاؤُنَا وَ هُتِكَتْ فِيهِ حُرْمَتُنَا وَ سُبِيَ فِيهِ ذرا رينا وَ نِسَاؤُنَا وَ أُضْرِمَتِ النِّيرَانُ فِي مَضَارِبِنَا وَ انْتُهِبَ مَا فِيهَا مِنْ ثِقْلِنَا وَ لَمْ تُرْعَ لِرَسُولِ اللَّهِ حُرْمَةٌ فِي أَمْرِنَا .

إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا وَ أَسْبَلَ دُمُوعَنَا وَ أَذَلَّ عَزِيزَنَا بِأَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ أَوْرَثَتْنَا الْكَرْبَ وَ الْبَلَاءَ إِلَى يَوْمِ الِانْقِضَاءِ .

فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ ، فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ .

ـ ثُمَّ قَالَ { عليه السلام }. ـ : كَانَ أَبِي إِذَا دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَا يُرَى ضَاحِكاً وَ كَانَتِ الْكَآبَةُ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ ، وَ يَقُولُ : هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ {صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ }، { بحارا لأنوار : 44 / {283  .

* * * * * * « 6 » * * * * * * 

في عهد الخــــــــــلافة لأمــــــوية كان خطر محدق في الدين الاسلامي:

الخلافة لأموية وسياستها كانت دموية في عهد معاوية ويزيد .

جعل معاوية الخلافة ميراثا لابنه يزيد بالسيف على رؤوس أبناء الصحابة والتابعين جهرة. وبأ لرعب في قلوب المستضعفين، وبالرشا في جيوب الآخرين !.أما الامام الحسين بن على {عليه السلام}. فلم يستدرج ولم يستضعف وأبى وأن يبايع ليزيد أعلن الامام الحسين ابن علي {عليه السلام}. في مكة يوم تولي يزيد منصب الخلافة البراءة من الحزب الأموي الغاصب وخطه المنحرف المرتد عن الإسلام الصحيح. لشدة انحرافهم عن الخط الاسلامي المتمثل بخط الرسالة المحمدية الأصيلة .هنا وجب عليه ان يعلن ثورته الإصلاحية والتغيرية الجبارة . وباب قتل المرتد من أعظم أبواب الفقه، هذا باب معروف، فإنكار هذا الباب والقول بأن هذا ليس في الإسلام غير صحيح، ولا يشترط أن يكون المرتد محارباً، فمن دخل في الإسلام، ثم أعلن نكوصه ورجوعه وإن لم يحارب المسلمين يقتل حداً، وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل الإسلام. 

وأما عبد الرحمن بن أبى بكر فقال لمعاوية كلمته الخالدة في خلافته وخلافة ابنه ومن جاءوا بعده: إنهم جعلوها {هر قلية كلما مات هرقل قام هرقل}. وعبد الرحمن بن أبى بكر هو جد \" جعفر الصادق \" من ناحية أمه وأمها. أما الحسين فجده من ناحية أبيه. كان رأى محمد بن مسلمة وسعد بن أبى وقاص أن معاوية، صاحب ملك... ولكن ملك معاوية كان بصلح مشروط. عندما خرج على الشروط، أمسى حقا لكل مجتهد أن يقول فيه باجتهاده، في المرة الأولى والمرة الآخرة. ولقد قال أمير المؤمنون على {عليه السلام}. قوله فيه. وكشف الله لحكمة الإمام وجه الحق فيما صار إليه أمر معاوية وأمور المسلمين. فحسبنا وحسبه قول على فيه - وقد أسلفناه - بل قول النبي محمد{صلى الله عليه وآله}. لعمار عن جيش معاوية \" تقتلك الفئة الباغية \". أما عمرو فلأئمة السنة فيه ما يكفيه. وحسبه قول الشافعي فيه، حول أساطين جامعه، حيث {50}.

* * * * * * « 7 » * * * * * * 

راح الشافعي يروى بعد قرن ونصف قرن في {جامع عمرو} بفسطاط مصر، دخول ابن عباس على عمرو، وهو ابن بضع وثمانين، وقول عمرو: أصبحت وقد ضيعت من ديني كثيرا وأصلحت من دنياي قليلا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذي أصلحت لقد فزت.. فعظني بعظة انتفع بها يا ابن عباس. قال ابن عباس: هيهات.. قال عمرو: ابن بضعا و ثمانين و تقنطني من رحمة الله ! ثم رفع يديه وقال: اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك. فخذ منى حتى ترضى. {51}.    

* * * * * * « 8 » * * * * * * 

قال ابن عباس: هيهات يا أبا عبد الله. تأخذ جديدا وتعطى خلقا. قال: من لي منك يا ابن عباس. ما أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها ! والمسلمون يتناقلون قول الشافعي في جامع عمرو عن عمرو: قدم ابن عمامة على عمرو فألفاه صائما وقد أحضر إخوانه طعاما. وصلى صلاة فأتقنها. ثم أتى بمال فأمر بتفريقه. قال ابن عمامة: يا أبا عبد الله واتاك مال أنت به أحق من غيرك ففرقته. بم ذاك يا أبا عبد الله ؟ قال: ويحك يا ابن عمامة فلو كانت الدنيا مع الدين أخذناها وإياه. ولو كانت تنحاز عن الباطل أخذناها وتركناه. فلما رأينا ذلك كذلك خلصنا عملا صالحا وآخر سيئا عسى أن يرحمنا الله. وسمع العالم الشافعي في جامع عمر ويهتز تحتانا إلى أبناء الامام على {عليه السلام}. في الحجاز فينشد: يا راكبا قف بالمحصب من منى واهتف بقاعد خيفها والناهض.

* * * * * * « 9 » * * * * * * 

إن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان أنى رافضي ريحانة النبي في كربلاء:

انتهى عصر معاوية بعد خلافة طالت تسعة عشر عاما وثلاثة أشهر وخمسة أيام {1} ليبدأ عصر يزيد {61 - 64} فكان أفسحكم. وقع

{1} بنو أمية: معاوية {41 - 60 {يزيد} 60 - 64 {معاوية بن يزيد} ثلاثة أشهر في سنة 64}. بنو مروان: مدة الخلافة: مروان بن الحكم 64 - 65 عبد الملك بن مروان: 64 - 86 الوليد بن عبد الملك 86 - 96 سليمان بن عبد الملك 96 - 99 عمر بن عبد العزيز بن مروان 99 - 101 يزيد بن عبد الملك 101 - 105 هشام بن عبد الملك 105 - 125 الوليد بن يزيد بن عبد الملك 125 - 126 يزيد بن الوليد بن عبد الملك 126 إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك 126 مروان بن محمد بن مروان 127 - 132 ه‍ أو 750 م {*}{52}.    

* * * * * * « 10 » * * * * * * 

فيه أَفْظَعُ ظلم، وأعمق جرحا في قلوب أهل الإسلام. أنهاه الله بإنهاء عمره وانقطاع عقبه وعقب أبيه من سجل الدولة التي سعيا لها كل ذلك المسعى ! وسيخلفه ابنه معاوية بن يزيد. فيعلن أنه وأهله لا يستحقون الخلافة. ويعتزل بعد نحو أشهر ثلاثة. فكان اعتزاله من تلقاء نفسه وعباراته. وهو يعتزل، شهادتين بالفعل وبالقول، من نفس بني أمية، بأنهم جائرون. أنهى يزيد سنوات حكمه بتجريد جيش على المدينة يسفك دمها. وينتهك حرمها، في وقعة الحرة سنة 63. ليقتل فيها ثمانين من صحابيا الرسول. فلم يبق بعدهم على ظهر الأرض بدري واحد ! وقتل من قريش والأنصار ثمانمائة ! ومن الموالى والتابعين وسائر الناس عشرة آلاف، ثم لفظ آخر أنفاسه وجيشه يحاصر الكعبة بعد أن أحرقها ! وأي نهاية لبشر أفظع من هذه النهاية ! بل أي نهاية لدولة أبلغ في الدلالة على غضب السماء عليها ! فما كان حرق الكعبة ولا قتل الصحابة وتذبيح الآلاف إلا تتابعا للأحداث التي بدأ بها السنوات الثلاثة. وختاما طبيعيا للبداية المفزعة لحكمه. وجزاء له ولدولته. ينزله بها وبنفسه. لقد استفتح حكمه بجريمة كربلاء في يوم عاشوراء ! في العاشر من المحرم سنة 61. فوقع فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، مثله أو قريبا منه،

{من استشهاد أبى الشهداء: الحسين بن على {عليه السلام}،

الذي دعا له النبي {اللهم إني أحبه. فأحب من يحبه}، والذي عظمه الخلفاء الراشدون والناس جميعاٌ على مدار العصور. وهو القدوة في عطائه وعبادته وتواضعه وشجاعته في كل موقف: في \" الجمل \" و \" صفين \" و \" النهر وان \" إلى جوار أمير المؤمنين على وفى غزو أفريقية. وخراسان. وجرجان. والقسطنطينية. متصدي جيوش المسلمين في عهد معاوية. {43}.

* * * * * * « 11 » * * * * * * 

كان بقية الرسول محمد {صلى الله عليه وسلم}. وكانت آمال الأمة فيه آمالها في بقية الرسول. وكان أبعد الناس عن أن يستخلف المسلمين يزيد يزيد الصقور، يزيد الخمور، كما لقبه معاصروه. فلم يكن أحد ليأمل شيئا من عهد يزيد، إلا دينا يصيبها أو أموالا يجمعها. ولذلك رفض الحسين أن يبايعه. ودعا أهل الكوفة الامام الحسين {عليه السلام}. إليهم فبعث قبله مسلما ابن عمه عقيل. وخرج في أثره. فقتله عبيد الله بن زياد والى الكوفة مسلما. وتخاذل أهل الكوفة عن نصرة الحسين فمضى حتى بلغ {كربلاء} على مبعدة خمسة وعشرين ميلا من الكوفة وفي ركبه ثمانية عشر رجلا من أهل بيته وستون من شيعته. هنا لك لفيهم جيش عبيد الله بن زياد، على رأسه عمر بن سعد والى عبيد الله على الري، فأعلن لهم الحسين أنه لا يريد الحرب، وخيرهم بين ثلاث {أن تتركوني ألحق بيزيد. أو أن أعود من حيث جئت. أو أمضى إلى بعض ثغور المسلمين فأقيم فيها} ورفض ابن زياد إلا أن ينزل الحسين { عليه السلام}.على حكمه، أي أن يستسلم ليصير أسيرا لابن زياد ويزيد ! ليصنعا فيه ما صنعاه بأهل المدينة، بعد عامين، من استرقاق الرجال والنساء. وحاول ابن بنت رسول الله محمد {صلى الله عليه وسلم}. أن يسير بأهله في أرض الله الواسعة، فسدت الجيوش أمامه كل مخرج، وانقضت عليه سهام الآلاف وسيوفهم، وهو يحارب كالأسد. وتسيل جراحات جسمه وهو في السابعة والخمسين {1} واستشهد رجال أهل البيت جمعيا على ارض ألطف ارض كربلاء مضرجين بدمائهم .

{1} كان المحرض على قتل الحسين وأهل البيت شمر بن ذي الجو شن رقيب ابن زياد على قائد الجيش. أما قاتل الحسين فالتات عقله، وحمل الرأس الكريم إلى فسطاط القائد فصاح في وجهه - وهو مراقب من شمر بن ذي الجو شن - أشهد أنك مجنون. وحذفه بقضيب. فلقد كان المجنون يصيح والرأس في يده: أوقر ركابي فضة وذهبا فقد قتلت السيد المحجبات قتلت خير الناس أماٌ وأباٌ وخيرهم إذ ينسبون نسبا {*}{54}.

* * * * * * « 12 » * * * * * * 

لإمام جعفر الصادق {علیه السلام} والرجال الستون الذين يتألف منهم ركبه، إلا غلاما مريضا عاجزا أن يتحرك هو ابنه زين العابدين {علي بن الحسين} وساق المجرمون الحريم. وجهز عبيد اللّه بن زياد، زينب بنت علي {1} وهذا الابن الوحيد الباقي من ذرية النبي، ومن معهما من الحريم، مع الرأس التي طالما مسح عليها، وقبل فاها، رسول اللّه {صلى اللّه عليه وسلم}، إلى يزيد بن معاوية في دمشق.

وأعاد يزيد الوفد إلى المدينة.

إن في إنسانية البشر قابلية للفساد كهيئة قابلية المواد للهبوط إلى الأرض بقانون الجاذبية. والإسلام لذلك يرفع الناس إلى أعلى، إذ يدفع الأنفس إلى ما هو أقوم، بالعبادة اليومية على مدار الليل والنهار، وتطهير النفس على مدار العمر.

ومن الفساد ما يستغلظ فيحوج إصلاحه إلى آية من السماء مثل كسوف الشمس وخسوف القمر. وفي استشهاد أبي الشهداء آية من الآيات.

 

{1} اشتركت السيدة زينب أخت الحسين من أبيه وأمه معه في المعركة. وكان أثرها في مصير أهل البيت عظيما.

كانت زوجا لابن عمها عبد اللّه بن جعفر وكان قد أذن لها في الخروج مع الحسين فكانت تمرض المصابين في الصفوف أثناء القتال. ولقد هم شمر بن ذي الجوشن بقتل زين العابدين، فاحتضنته لتقتل معه، فانصرف المجرم مذموما مدحورا. ولما انتهت المعركة اقتيدت بين الأسرى إلى ابن زياد في الكوفة وإلى يزيد في دمشق ومعها زين العابدين تكلؤه بعناية اللّه على يديها لينجب، فيتسلسل منه أئمة أهل البيت الاثنا عشر، بل كل نسل الحسين من الرجال. وكانت مثال الشجاعة والبلاغة العلويتين في وجه ابن زياد ويزيد.

ولما أعيد الأسرى إلى المدينة أمر يزيد بإبعادها إلى مصر فسارت إليها، فاستقبلها أهل مصر في بلدة بلبيس على مبعدة عشرات الأميال من الفسطاط، وعلى رأس مستقبليها أمير مصر «مسلمة بن مخلد» فعاشت في مصر عاما. ثم ماتت سنة 62. وقبرها في الحى المعروف باسمها وهو من أقدم أحياء القاهرة. وعلى مقربة منها حي السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن. جاءت إلى مصر مع زوجها في المائة الثانية للهجرة ولقيها الامام الشافعي ولما مات حملت جنازته إليها فصلت عليها وقالت {رحم اللّه الشافعي. إنه كان يحسن الوضوء}، ويحمل اسم السيدة نفيسة حي معروف بالقاهرة، كما يحمل اسم « الحسين » المسجد الأشهر بالقاهرة والحي الذي يمجد عاصمة مصر وتتعالى فيه معاهد الجامع الأزهر وغيره من آثار الدولة الفاطمية والدولة الأيوبية ودولتي المماليك. {55}.

* * * * * * « 13 » * * * * * * 

كانت كربلاء قارعة رجت الأرض رجا بعيد الإسلام غضا في الأنفس، بما كان فيها من التصميم والإجماع على الاستشهاد في سلبيه لقد انقضى بين يوم وفاة النبي محمد {صلى الله عليه وسلم}.  وبين كربلاء خمسون عاماٌ، كانت ضرورية لتدهور إحساس بعض الرجال في أجيال، تدهورا كافيا ليقتلوا ابن نبيهم ! وهم يصلون عليه ! وعلى آله الذين يقتلونهم ! وحسب هؤلاء المجرمين حكما عليهم أن يقول لهم كبيرهم \" يزيد ابن معاوية \" وعي ناء تدمعان: \" قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين \".. وإنما أطلق الروع دموعه، وأنطق الفزع لسانه، بقاله رياء. فلقد كرر جنده يوم \" الحرة \" ما فعلوه، منذ عامين، في كربلاء. كما صنعوه مرة ثالثة إذ قذفوا الكعبة بالمنجنيق من أعلى جبل أبى قبيس. فالجريمة الأولى تدفع إلى الثانية، فالثالثة وغيرها. والجرائم يصنعها المجرمون، وتصنع المجرمين. ويبقى هذا الرياء من يزيد، صيحة استهزاء بقوم باعوا أنفسهم للشياطين. لقاء متاع قليل، لا يلبث أن يزول. قد لا يرضى عنه من ارتكب لأجله، لكنه مأخوذ به، ولو لم يرض عنه. فالقائد الظالم مسئول عما يقع من جنده. فما يظلمون إلا بظلمه، أن لم يظلموا بأمر صريح منه. قالوا: كان الحسين يستطيع بالمداورة أو المناورة أن يكسب الزمن، أو يستطيع بالاستسلام أن يكسب الحياة، لكنه الذي قال فيه وفي أمه وأبيه وجده، إقبال: {1} هي بنت من ! هي زوج من ! هي أم من ! من ذا يدانى في الفخار أباها ! ومن قبله رفض أبوه رأى المغيرة بن شعبة أن يكسب الزمن بترك معاوية على الشام حتى يبايع. فلم يقبل على أن يناور أو يكسب الزمن. وناور المغيرة فصار عاملا لمعاوية !

قالـــــــــــو فــــــــــــي الحســــــــين : {عليه السلام}.

{1} الشاعر محمد إقبال. شاعر الهند وباكستان. {56}.

* * * * * * « 14 » * * * * * * 

الحق أن الحسين ابن علي{عليه السلام}: قدم للمسلمين الذين تعاقبوا في آثاره على مدار الزمان، حجة بالغة من أهل بيت الرسول. إذ ينفردون في التاريخ بهذه الخصية التي لم يماثلهم، أو يقاربهم، فيها أهل البيت {عليهم السلام}. آخر في تاريخ الإنسانية: الاستشهاد في سبيل هداية البشر لما هو أقوم. وهى بعض خصائص الرسل. منح الاستشهاد اسما لكربلاء. وخلد الأسماء التي تساقط أصحابها كالكواكب المنتثرة من السماء فوق الصحراء، لا لتنكد ر، ولكن لتقدم للبشر درس الدفاع عن الحق. من فئة قليلة، واثقة في الحق سبحانه، لا تهمها أرواحها، وإنما يهمها العمل الصالح في ذاته. ولا تنظر إلى الساعة التي هي فيها، وإنما تمد أبصارها إلى مستقبل الإنسانية كله، لترتفع بالدنيا إلى مستوى أفكار الأئمة. ولقد صدق الحسين المسلمين في كل موقف وقفه. وكان عند وصية أبيه له ولأخيه الحسن وهو يجود بأنفاسه الأخيرة {أوصيكما بتقوى الله. ولا تبغيا الدنيا وإن بغتكما} فلم يبتغ الدنيا واشترى بها الآخرة.. فأمس يقول {إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما}. وشملت السماء ابن النبي في كربلاء بمزيد من التأييد. بمعان جليلة من جلال الإسلام، تختار منها هنا واقعة منه وواقعة من عدوه: في الأولى أخذ أبيه فسقى جيش العدو من العين التي نزل عندها ولم يحرم الماء قاتليه.{1}. وفي الأخرى ترك قائدان من القواد جيش ابن زياد، في وطيس المعركة، إلى الجماعة العزلاء حول الامام الحسين {عليه السلام}. ليستشهدوا في سبيله.

{1}. وتعلم عليهما صلاح الدين في حربه مع الصليبين يوم أرسل طيبه إلى الملك رتشارد قلب الأسد قائد الصليبيين. وأين من قواعد الحرب الإسلامية قواعدها عند الأوربيين. إن ابقراط أبا الطب اليوناني الذي ورثت أوربة قسمه الأشهر يقسمه كل طبيب قبل أداء واجبه بالنزاهة والأمانة وعدم التعصب - لكن أبأقراط علم الأوربيين درسا آخر حين رفض أن يعالج مرضى الطاعون في الجيش الفارسي قائلا إن شرفه يمنعه من معالجة عدو لبلاده ! {57}.

* * * * * * « 15 » * * * * * * 

الدفاع عن سيد الشهداء، الحسين ابن علي {عليه السلام}: بين رجاله الذين ماتوا عن آخرهم، وهم عليمون أنهم يخوضون معركة، خاسرة بكل المقاييس التي يقايس بها المتحاربون، مظفرة بمقاييس المؤمنين. ولو عاش هؤلاء الشهداء العظماء، سنوات أو أشهرا أخرى، لماتوا كما يموت الآخرون. لكنهم ماتوا شهداء \" كربلاء \"، ليحيوا في ضمير الزمان كله أمثالا للحق، وعناوين على عظمة الإسلام. كانت كربلاء رسالة من ابن النبي للمسلمين: هي الأولى من نوعها بما تحتويه من دروس. لا تحصى، فحسبنا أن نشير إلى البعض منها. وفي الدرس الواحد جماع دروس: وأول الدروس يتعلق بالحق ذاته. وفي الحق أعظم الدروس: أن لا يقر أحد الباطل. وأن يقدم في سبيل ذلك نفسه، وأن يكون قدوة. وألا يهاب المكسورون كثرة الظلمة. فالأمم تبقى بالمقاومة ولا تصيبها الهزيمة إن فقدت معركة، ما دامت فيها إرادة النصر، يسعى إيمانها بين يديها لتبلغ غرضها كله، إن لم يكن من فورها، فمرحلة بعد مرحلة. وأول من تعلم على الحسين بن على {عليه السلام}. في سنه 61 كان عبد الله ابن الزبير باستشهاده بمكة بعد أعوام عشرة، وهو مكسور بجند عبد الملك ابن مروان بعد إذ حرقوا الكعبة، كما حرقها جند يزيد بن معاوية. وتعلم عمر بن عبد العزيز وعلم المسلمين - في مدة خلافته - أن الكلام أو الصياح، ليس الأداة المثلى للإصلاح، وإنما المواقف هي التي نهز وجدان الشعوب، فكان له أعظم المواقف إذ بدأ بنفسه وأهله فضحى فكانت فيه الأسوة الحسنة. وكلل الله سعيه في أقصر مدة: ثلاثين شهرا كانت كافية لإصلاح دولة أدماها نحو قرن من الفساد، ولإسعاد أمه تنتظر القدوة من حكامها فلا تجدها. {58}.

* * * * * * « 16 » * * * * * * 

والدرس الثاني: يتعلق بجزاء السماء وبمصير الطغاة وطرائقهم: إنهم يحسبون الدنيا تدوم ولا تدور، ولا يدركون أن {الدهر بالإنسان دواري}. كما يقول الشاعر العربي. وتركبهم شياطين الشهوة فيخالون أنهم يمسكون كرة الأرض في قبضتهم. يصطنعون أسباب الوثوب على أعدائهم من حين لآخر، ويتحينون الفرص المواتية، ويختلقون الأعذار الزيف، ليقطعوا دابر العدو. وكلما جد جيل جدت لهم الأعذار ولم تغنيهم النذر.. فالذي حاوله فريق معاوية. مع على في صفين ولم يظفر به - من إفناء شيعة على أو من الإطاحة بأخصامه بالسم من الوجود - قد أتاحته ليزيد فرصة في كربلاء. وللطغيان طبيعة ومنهج. ومن طبيعته أن يعمى ويصم. فلا ينظر ولا يسمع إلا ذاته وأصواته. وأما المنهج فهو الغ ليلة. مرة واحدة إن أمكنه، وإلا فوثبة وثبة. ولكل واحدة ما بعدها. والذي قرفه يزيد ليس مجرد سقطة وإنما كانت أم السقطات. فمن بعد كربلاء كانت وقعة الحرة، ثم كان حريق الكعبة.. في سنوات ثلاث متعاقبات. فحق عليها جزاء السماء فأوردته حتفه.. والسماء تملى للظالم، حتى إذا أخذته لم تفلت. والدرس الثالث: يتعلق بأهل البيت أنفسهم. 1 - فهم العترة الطاهرة. يدخلون الجنة مع جدهم، بعملهم، فلا يعملون إلا العمل الأصلح. والذي صنعوه في كربلاء هو الذي كان يصنعه جداهم. والذي صنعه أصحابهم معهم هو الذي كان يصنعه الصحابة - وأعظم به وبهم صنيعا وصناعا. فما هو إلا صفحات جديدة يضيفونها إلى السيرة العطرة. 2 - وهم مثل جميع المسلمين، إن لم يكن قبل جميع المسلمين، مطالبون بالجهاد والتضحية وليس فضلهم ليسقط التكليف عنهم. كما يزعم بعض المتصوفة عن رجال من المتصوفين. وهذا درس للمتواكلين الذين لا يقبل الإسلام تواكلهم. {59}.

* * * * * * « 17 » * * * * * * 

3 - وهم يبلغون الذروة فيما يعملون: إذا حاربوا ماتوا شهداء، ولم يعطوا الدنية أو يستسلموا. لأن للمسلمين فيهم، كما كان لهم في جدهم، الأسوة الحسنة. وفي بيتهم سبقت المبادئ الكبرى. فمنهم يطلب البلاء الممتاز. ومن هذا كان صغارهم، كالكبار منهم، أبطالا يستشهدون ولا يتراجعون. لقد أذن الحسين لصحبه في أن يعودوا تحت جنح الليل ويدعوه وحده يواجه مصيب ره، فلم يقبل ذلك واحد منهم. ولم يرجف المرجفون من خصومهم، حتى اليوم، بأن واحدا منهم قد تردد. بل قال له ابنه زين العابدين، وهو مريض طريح على الثرى لا يقدر على الحركة، {ألسنا على الحق} قال {بلى والله الذي يرجع إليه العباد}قال الفتى {فإذن لا نبالي}. والدرس الرابع: يدور حول وحدة العمل الصالح. وفيه يجتمع الحق والحقيقة في المبدأ والمنتهى وما بينها. فإذا كانت الحقيقة أن أبناء الرسول رجال سلم وعلم وقيادة، فهم لا يدارءون وراء هذه الحقيقة، فيقعدون عن الجهاد - جنودا - للحق، أو يكتفون دونه بالعلم إذا دعا الداعي إلى الجهاد، أو يوصون بالسلم حيث الحرب واجبة لإعلاء كلمة الله، بل يستمسكون بالحق ويضعون الحقيقة كلها في خدمته. والحق والحقيقة والعمل الصالح كل لا ينقسم. والأهداف العظيمة لا يبلغها الناس إلا بإعمال عظيمة ووسائل سليمة. والدرس الخامس درس في الواجب وأدائه في كل الظروف. وإن وهم المطالب به أنه غير مجد عليه أو على غيره - فهو لم يصبح واجبا إلا لأن التكليف به يحقق المصلحة العامة أو الخاصة، إن حالة وإن مؤجلة، منظورة أو غير منظورة. وهو قد أصبح واجبا لأنه فضيلة وإذا لم يكن مجديا في لحظة، أو لرجل، ففي القيام به خير للناس، وللدنيا، في الظرف ذاته أو في ظروف أخرى. {60}.                           

* * * * * * « 18 » * * * * * * 

والظروف غير المواتية لا تجعل الفضائل غير مواتية. فالفضائل مواتية أبدا، مطلوبة دائما. وإذا كانت القدرة شرط التكليف والرخص متروكا تقديرها للرجال، فبالمعاناة أو التضحية ينسلخ الأقوياء من مسلاخ الضعف. ويخلع الناس على العظماء وصف العظمة. وما المعاناة والتضحية إلا محاولات للثبات في وجه الخطر، أو لا اقتحامه. فهي درجات فضل وأدوات تقدم في معترك الوجود الإنساني. تضيف إلى تياره المتدفق أسباب طهر ونقاء، وأساليب بقاء، منظورة للكثيرين، وإن عمى عنها آخرون. والدرس السادس: يتعلق بوظيفة التاريخ. فهو يصحح العوج ويصوب الانحراف، بالاستقامة على الجادة، خضوعا للعدل. - وهو قانون السماء. إن الغلام المريض الذي بقى في خيمة أبيه يوم كربلاء {الامام علي ابن الحسين زين العابدين} سيحيى ثلاثة وثلاثين عاما حتى عام 94، لتتسلسل في عقبه ذرية ترفع أعلام الإسلام عالية في ضمائر البشر. في حين أن الطاغية الذي يرسل النار والدمار على البيت العتيق بالحجاز وعلى أهل البيت، في صحراء العراق، سيزول ملكه - هو - وينقطع دابره - هو - بعد ثلاث سنين بتنازل من ابنه عن ذلك الملك. لينقطع اسم معاوية بن أبى سفيان، ويزيد بن معاوية، من سجل الحوادث. وتخلد آثار أهل البيت ما تعاقب الجديدان، آية من السماء على أن دولة القتلة لم تعش. وأن دولة القتلى ستعيش أبدا. وإن دولة الظلم لا تبقى بمقاييس الزمن إلا ساعة أوهنيه - أما دولة العدل فتبقى إلى قيام الساعة. وأنه تعالى صادق الوعد {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}. وما أكثر ما كانت الغلبة ببقاء أسباب الانتصار، يتحقق بها النصر في مكان آخر أو زمان آخر، بقوم يحبهم الله فينصرهم مهما كان عددهم، ويحبونه فيجودون بأرواحهم.          

* * * * * * « 19 » * * * * * * 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــصادر

كتاب {فاجعة الطف} للسيد محمد القزويني.

مكتبة يعسوب الدين {عليه السلام}. الإلكتروني.

مجلّد واحد - مكتبة يعسوب الدين {عليه السلام}.

وللطغيان طبيعة ومنهج. ومن طبيعته أن يعمى ويصم. فلا ينظر ولا يسمع إلا ذاته وأصواته.

وجامعة الصادق العلمية {عليه السلام}.

جمهورية مصر العربية المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الإمام جعفر الصادق تأليف المستشار عبد الحليم الجندي يشرف على إصدارها محمد توفيق عويضة القاهرة 1397 ه‍ - 1977 م

{1} الشاعر محمد إقبال. شاعر الهند وباكستان. 

مركز الاشعاع الاسلامي > الإجابات اليومية > هل قص الشعر في هذه ...

الإمام جعفر الصادق {عليه السلام}.{مجلّد واحد}. - مكتبة يعسوب الدين...

شرح إحقاق الحق {ج33}.

* * * * * * * * * * * * 

إن لخدام الحسين {عليه السلام}.{ وزواره مقامات عالية ومراتب رفيعة فهنيئا لمن سجل إسمه في قائمة شرف خدمة الحسين. كم قرأنا في التاريخ وسمعنا بأن علماء كبار رحمهم الله كانوا يتبركون بالغبار العالق على أصابع أقدام زوار الحسين بأبي هو وأمي ونفسي ومالي وولدي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فأنها مِن تَقْوَى  الْقُلُوب 

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=84723
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28