• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : لقد أخطأت السعودية .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

لقد أخطأت السعودية

 ليس فخراً أن تحتفي السعودية بنجاح موسم حجّ هذا العام ؛ إذ إنّها وجدت نفسها بعد أحداث الموسم الماضي الشهيرة أمام تحدٍّ عظيم لإثبات كفاءتها وجدارتها بإدارة الحجّ على أفضل مايرام ؛ كي تردّ على الاتّهامات التي تعرّضت لها ، مثل : ضعف الإدارة والتنسيق ، وهشاشة الاحتياطات التي أدّت إلى حادثي الحرم المكّي الشريف و منى المروّعين ، ولاسيّما الثاني الذي راح ضحيّته - على بعض الروايات -آلاف الحجّاج بلاذنبٍ سوى لأنّهم كانوا إزاء ركاكةٍ في التدبير وتخبّطٍ في التخطيط ودهشةٍ عن سليم التصميم .
إنّ هامّ الأمر هو النجاح النسبي  لمواسم الحجّ ،  لا نجاحه هذا العام دون ذاك .. ثم إنّ نجاحه هذه المرّة كان متوقّعاً تماماً ؛ بفعل التحدّي الشديد والضغط  النفسي المثير الذي تعرّضت له السعودية طيلة عامٍ مرير ، فجنّدت كلّ ما باستطاعتها تجنيده من إمكانيات هائلة وطاقات بشرية كبيرة ؛ كي تقول : إنّنا جديرون بإدارة الحجّ ، وماتدّعيه إيران وماتطالب به لاصحّة له ومردودٌ بالأدلّة العديدة !
لكنّ الفخر كلّ الفخر للسعودية كان يمكن أن يكون بحضور إيران حجّ هذا العام بالذات ، ثم الإعلان عن النجاح والتوفيق المعهود ..
إنّ حضور إيران ، هذا الرقيب الإسلامي المذهبي السياسي العملاق ، هو التحدّي الشاخص والأهمّ في ادّعاء النجاح من عدمه في ميدان السباق ..
بمعنى : أنّ السعودية  بحضور إيران هذا الموسم ،  وبتساميها المرحلي فوق الخلاف المذهبي والسياسي ، وبإظهارها حسن النوايا وخدامة الحرمين الشريفين ، الإعلاميين ولو ، كان يمكن لها الحديث آنذاك عن النجاح الباهر ولو .. أما والحال هكذا ، فإنّه يعطي انطباعاً واضحاً بكون نجاح هذا الموسم كان نجاحاً باهتاً من جهة ، كما ويؤكّد أثر الخلفيات المذهبية والسياسية التي كانت تدير  التعامل السعودي السيّء المشهود مع الإيرانيين طيلة مواسم الحجّ والعمرة الماضية ، من جهةٍ أُخرى .
فعلى الرغم من النظم العالي الملفت للنظر والذي تمتاز به بعثات الحجّ والعمرة الإيرانية ،  وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية التي  تدرّ على السعودية جرّاء  هذا الحضور المكثّف الفاعل ، إلّا أنّ السلوك الفجّ الخشن مع الحجّاج الإيرانيين غير الممكن إغفاله ونكرانه ، قد شكّل نقطةً سوداء في الملفّ السعودي الخاصّ. 
 
إنّ مَثَلَ السعودية بفخرها بنجاح موسم حجّ هذا العام ، مَثَلُ ذاك الذي فاز بسباقٍ غاب عنه أبرز المنافسين والرقيب الهام .. فلا تجده بقرارة أعماقه يشعر باللذّة الحقيقية ولا النشوة الواقعية .
لقد أخطأت السعودية خطأً جسيماً حين لم تعمل على إقناع إيران بحضور موسم حجّ هذا العام بالذات ، فكان عليها السعي الحثيث  بمختلف الأدوات والآليات المتاحة إلى ترغيب إيران وجرّها بذكاءٍ للحضور ، لا أن تضع العراقيل  وتصطنع المبرّرات الهزيلة لمنع تواجدها هذا الموسم بالخصوص .. فغاب عن السعودية الدهاء المطلوب مثلما غاب عنها في بعض موارد من هذا النوع .
بخلاف إيران ، فإنّها وإن غُيِّبَت عن حجّ هذا العام  ، فإنّها قد نجحت مرّة أُخرى في اغتنام الفرصة وإثبات كونها - بهذا التغييب - الشاخص الأهمّ و المؤشّر الأبرز في محرار نجاح  موسم الحجّ من عدمه .. هذا على وجه الخصوص ..
أمّا  على وجه العموم  ، فإنّها - بدهائها ونفَسها الطويل- قد برهنت على كونها اللاعب الكبير في صياغة الموازين والمعادلات على شتّى المضامير والميادين .
إنّ هذين الجارين التاريخيين الكبيرين ، السعودية وإيران ،  محكومان دينياً وسياسياً بتفاهماتٍ مصيرية ، قد تستدعي بعض الليونة المرّة تارةً والحلوة ثانية ؛ من أجل الخلاص من عواقب خطيرة غير محمودةٍ بالمرّة .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=83576
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 09 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29