• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المعيار الوطني في رواتب المسؤولين .
                          • الكاتب : علاء كرم الله .

المعيار الوطني في رواتب المسؤولين

قيل أن الرعية بالراعي فأن فسد الراعي فسدت الرعية وعم الخراب والفوضى بتلك الامة، كما أن لنزاهة الحاكم وزهده وحرصه وحسن تصرفه بالمال العام له وقعه الكبير والطيب في نفوس الرعية.

 وفي كل دول العالم والعراق منهم  أن كل من يعمل في الدولة يعد موظفا فيها، بما فيهم الرئاسات الثلاث ( رئيس الجمهورية- رئيس الوزراء- رئيس مجلس النواب) وعليه فأن رواتب الجميع تحسب على أساس الأستحقاق الوظيفي بكل تفاصيله ومفرداته.

 كما أن لكل درجة وظيفية أو منصب له أستحقاقه من الراتب بما يوازي تلك الدرجة وذلك المنصب، فلا يمكن مثلا أن يتساوي راتب رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو رئيس وأعضاء مجلس النواب براتب الموظف البسيط وذلك لجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم في أدارة شؤون البلاد داخليا وخارجيا!.

 فلا ضير أن تكون رواتبهم عالية توازي حجم تلك المسؤوليات التي يضطلعون بها ولكن على أن لا تخرج عن حدود المعقول والمسموع والمعروف عنه في دول العالم للمسؤولين في مثل هذه المناصب!.

 ومن المعروف أن ألأنسان مجبول بحكم فطرته على أحترامه وتعلقه بالحاكم النزيه والزاهد والحريص والوطني! مهما كانت له أخطاء وهفوات وسقطات في جوانب حكمه الأخرى،

 فمنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 لم نسمع عن ملوك وأمراء وسياسيي ووزراء تلك الحقبة أن تجاوزوا على المال العام، أو أخذوا اكثر من أستحقاقهم الوظيفي أو هناك شائبة على نزاهتهم.

 حيث كانت رواتب العائلة المالكة التي عرف عنها البساطة والتواضع بضع مئات من الربيات( العملة النقدية آنذاك) وهي حتى  وأن عودلت بالدينار العراقي بعد تغيير العملة تظل قليلة ولا تتناسب مع مكانتهم الملكية!

 والأهم في ذلك أن رواتبهم وأية مصروفات أخرى للعائلة كانت معروفة وواضحة حتى يعرف بها الكثير من العراقيين! أضافة الى كونها مسجلة ومقيدة بالمستندات المالية والأصولية وتخضع للرقابة المالية من قبل وزارة المالية!

 وكيف لا تكون خاضعة وهناك وزير مالية بوزن وقامة ونزاهة وحرص (ساسون حسقيل) اليهودي الأصل! والذي كان يشغل منصب وزير مالية العراق أبان الحكم الملكي.

 وكم من مرة ردت وزارة المالية بالرفض على طلب مقدم من الملك فيصل الأول نفسه بخصوص صرف مبلغ لأمر ما! حتى أن الملك رحمه الله كان يغطي مصاريف سفره عندما يذهب  للاستجمام من حسابه الخاص!.

 أما في العهد الجمهوري فلا يمكن بأي حال من الأحوال المزايدة على زهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ونزاهته وحرصه على المال العام حيث عرف عنه بأنه كان يصرف كل راتبه على الفقراء والمحتاجين، حتى أنه لحظة أعدامه كان في جيبه نصف دينار وظل مطلوب لبهو الضباط!.

 والشيء نفسه يقال عن حكم الأخوين عبد السلام محمد عارف وعبد الرحمن محمد عارف،فلم نسمع شيئا شاب نزاهتهم الوظيفية وعدم ألتزامهم بالقوانين والضوابط المالية، حيث لم يأخذوا راتبا أكثر من أستحقاقهم كونهم رؤوساء جمهورية، كما لم نسمع عن امتلاكهم الأراضي على نهر دجلة!.

والحق يقال بأنه حتى الرئيس الأسبق الراحل أحمد حسن البكر لم يظهر عليه أي تجاوز على المال العام، أو أنه أخذ أكثر من أستحقاقه كونه رئيس جمهورية العراق.

 فجميع هؤلاء تركوا أثرا طيبا في ذاكرة العراقيين حيث كانت ذمتهم المالية نظيفة، لذا فالشعب العراقي يتذكرهم دائما بالرحمة والحسرة عندما يقارنهم بالكثيرمن قادته السياسيين الآن! والحق يقال أن كل هؤلاء هم من بطون شبعت ومن أصلاب وأرحام طاهرة ومن بيوتات كريمة عامرة بالأيمان وكانوا يخافون الله جهرة وسرا وأصحاب ضمائر حية.

 فقط ومنذ تولي  رئيس النظام السابق مقاليد الحكم عام 1979 منع أن تخضع رواتب رئاسة الجمهورية  ورواتب أعضاء الحزب وكذلك كافة الأجهزة الأمنية والمخابراتية والأستخبارية للرقابة المالية؟! حيث  جعل المال العام وكل خزائن العراق وثرواته ملكا له ولعائلته وللحزب يتصرف به كيفما شاء!!.

 أقول لماذا الان وفي عهد الديمقراطية! الذي نعيشه من بعد سقوط النظام السابق ، يصر قادة الرئاسات الثلاث الحاليين والذين سبقوهم في حكوماتنا الملائكية!! على عدم الأعلان عن حقيقة مقدار رواتبهم وذممهم المالية  وكذلك بقية المسؤولين؟

 ألا يفترض أن يكون هناك نوع من الوضوح والشفافية في ذلك بأعتبار أن الوضوح والشفافية أحد المقومات الأساسية والأطار الجميل للديمقراطية التي نعيشها!؟

 ولماذا لا يصار لحد الآن الى وضع قانون ينظم تلك الرواتب؟ ولماذا يشك غالبية العراقيين بصدقية ما يذكر ويقال عبر وسائل الأعلام والفضائيات والندوات عن رواتب المسؤولين وبأنه قد تم تخفيضها وبأنها خاضعة للرقابة المالية؟

 ثم من أين جاء مسؤولينا بمفردة مخصصات المنافع الأجتماعية والتي تقدر بمئات الملايين من الدنانير الشهرية؟ وماهي أوجه صرفها؟ من المؤكد أن أرقام تلك الرواتب والمخصصات هي عالية وعالية جدا ولا تتناسب مع درجاتهم الوظيفية!،  لو قورنت بمن هم بنفس درجاتهم ومناصبهم في دول العالم!.

حقيقة من الصعب معرفة كم يتقاضى قادة الرئاسات الثلاث في العراق (رئيس الجمهورية- رئيس الحكومة- رئيس البرلمان- وعضو البرلمان)؟! رغم التخفيضات الأخيرة التي جرت على رواتبهم بعد أنتفاضة الشعب عليهم!

 حيث لا تزال هناك الكثير من الضبابية عليها! ولأن أصحابها يعرفون كيفية الألتفاف على أية قرارات تصدر بخصوص تخفيض رواتبهم! ويعرفون كيف يعوضون عن ذلك بمخصصات هنا وبمخصصات هناك وتحت أكثر من مسمى! وهم ينطبق عليهم المثل الشعبي الدارج (ياكلون ويكولون النفسهم بالعافية!).

 وعليه سأكتفي بذكر رواتب بعض قادة ورؤساء العالم ورواتب أخرى وأترك للقاريء الكريم المقارنة؟! (( حسب شبكة CNN  الأمريكية والتي عرضت قائمة بمعدل الدخل السنوي نكرر السنوي وليس الشهري! لرواتب /12/ من قادة العالم الأعلى دخلا! وحسب آخر الأحصائيات الرسمية وبعد تحويل ما يتقاضونه الى الدولار الأمريكي وبأسعار الصرف الحالية،

 جاء الرئيس الصيني /شين جين بنغ/ بالمرتبة (12)!!  حيث بلغ معدل راتبه السنوي (22) ألف دولارسنويا!! وجاء الرئيس الأمريكي /أوباما/ بمعدل (400) ألف دولار سنويا بالمرتبة الأولى!، ومعدل الراتب  السنوي لعضو مجلس النواب الأمريكي هو أقل من (165) ألف دولار سنويا، وعضو مجلس العموم البريطاني بنحو (170) ألف دولار سنويا.

 نعود الى موضوعنا ومصيبتنا! في رواتب ومخصصات مسؤولينا القادة منهم والوزراء

( ففي استجواب وزير المالية //هوشيار زيباري // الذي جرى أخيرا في البرلمان، تبين أن صرفيات حمايته والذي يقدر عددهم بأكثر من (450) شخص وكلهم طبعا أكراد!!! وتم نقلهم معه من وزارة الخارجية الى وزارة المالية وصلت الى حدود (7) ملياردينار خلال السنة!!).

 أن عدم الأعلان الصريح والواضح والشفاف عن مقدار رواتب كل المسؤولين في الحكومة  مازال يثير لغطا كبيرا بين العراقيين، الذين يعيشون وسط أجواء من الفساد المالي نخر كل مفاصل ووزارات ومؤوسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية منها حتى! وأتى على كل مناحي الحياة،

 لا سيما وأن أكثر من 35% من الشعب العراقي يعيشون تحت مستوى خط الفقر أضافة الى تردي كل الخدمات وأنعدام أية صورة من صور الأنسانية والحياة الكريمة  منذ اكثر من 13 عام  ولحد الآن.

 يقول الرسول العظيم محمد (ص) (رحم الله أمرأ جب الغيبة عن نفسه)، أن أصرار غالبية المسؤولين على عدم كشف ذممهم المالية أمام لجان الرقابة المالية في البرلمان أو لأية جهة تطلب ذلك دليل على أن ذلك المال هو أخذ بدون وجه حق وأستحقاق؟!، كما أن التغاضي والسكوت وتمرير ذلك من قبل تلك اللجان والجهات المختصة دليل على فساد تلك اللجان!!.

 لذلك فهم  يعمدون الى عدم الأعلان عنها، خوفا من غضبة الجماهير التي تغلي كبركان ينتظر ثورة مرعبة!! والتي تعاني الأمرين من تردي الأحوال المعيشية والخدمية.

 لذا أن موضوع رواتب المسؤولين البعيدة عن أي أستحقاق! الى باقي فضائحهم وفسادهم المالي الذي عبرت روائحه سور الصين!! أنعكس بشكل سلبي على خطاب المسؤول وحديثه مع الشعب أيا كان ذلك المسؤول بعمامة او بدونها!! فأحاديثهم وخطابهم لم تعد لها أية أهمية ولا هناك آذان صاغية له، فهو مجرد نوع من الضحك على الذقون المتبادل بين المسؤول وبين من يستمع له!!

  والمضحك والمبكي في أمر مسؤولينا أنه بات يقينا لديهم! بأن حديثم عن الوطنية والنزاهة والأصلاح ومحاربة الفساد والعمل من اجل الوطن والمواطن هو كذب في كذب وخداع في خداع  وبات أمرا يصعب تصديقه من الشعب الذي وصل الى مرحلة الأنفجار على كل هذه الأوضاع الفاسدة!!.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=83488
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28