• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : فرعون يستخف بالشعب العراقي .

فرعون يستخف بالشعب العراقي

 مع ان هذا السؤال  هو جريمة بحد ذاته لمن لا  يعرف  فعلا  من كان المؤسس الاول  للحشد الشعبي ، ومن كان السبب الرئيسي في  تشكيله ، ولكن مع هذا فإننا سنتكلم عن هذا الموضوع لانه قابل  للتزوير  والتحريف  كما  حصل  في  تزوير  المئات من احاديث الفضل  لأمير  المؤمنين عليه السلام ونسبتها لأعدائه !
في  الواقع الشيعي  توجد ثلاثة اتجاهات ، أعطت رأيها  ومكنون قناعتها بخصوص فتوى الجهاد الكفائي  للمرجع الاعلى السيد السيستاني  حفظه الله .
والاولى هي جهة شيعة خارج العراق ، وخصوصا علماء  قم المقدسة ، حيث صدرت بيانات من كبار علمائهم  تحث  الشعب  العراقي  للاستجابة لهذه الفتوى ، حتى قالت الصحف  الأجنبية (آيات الله العظام ، تقف  خلف السيستاني) ، إشارة لتأييدهم الكامل  لفتوى الجهاد المباركة .
أما في  داخل  العراق فهي أيدت  بكل  ما  تعنيه الكلمة أيضا ، حيث بين الفقهاء  والحوزة العلمية والعشائر  العراقية وأبناء  الشعب  الكريم استجابتهم القوية والفاعلة لهذه الفتوى ، فخرجت الناس  وهي  تحمل  صور المرجع الاعلى لا  غيره ، والفضائيات رفعت صورته على شاشاتها حتى قال  لها  ، بل  ضعوا  خارطة العراق ، ولا  أريد صورتي  على شاشاتكم !
 
والجهة الثانية  هي  الجهة المعارضة لهذه الفتوى وقالت صراحة انها  فتوى دموية وظالمة ، وهذا ما  قاله (احد المتمرجعين الكاذبين) ، نترفع عن ذكر  اسمه لأنه لا  يستحق  حرفا واحدا .
 
والجهة  الثالثة ، لم تعارض  ، ولم تؤيد بشكل  علني ، بل  سكتت فترة وبعدها  طرحت تساؤلات وإشكالات ما  انزل  الله بها  من سلطان ، وتقول (ما ذنب  شبابنا  تقتل  في  سبيل  أبناء  السنة !) ، وكأن الفتوى هي دفاع عن السياسة والسياسيين لا عن الدين !
 وهذه الجهة غيرت موقفها في  ما  بعد ، لأنها  رأت ان الأمر خرج من يدها وخضعت للأمر  الواقع .
بقيت الطبقة السياسية الحاكم ، والحكومة في ذلك الوقت ، وبغض  النظر عما  تكنه اتجاه  الفتوى، وصاحبها ،  ولكنها تريد ان تطيعها  حسب  ما  تراه مناسب لها ، فكما  نعرف ان توجهه الفقهي  من نصيب  شخص اخر ، لذى قال لا اقلد السيد السيستاني  عندما  أجاب المرجع الاعلى على تساءل حزب  الدعوة في  التغيير ، بضرورة التغيير في رئاسة الوزراء ، ولم تشر  الى أي  شخص ولم ترشح أحدا إطلاقا .
ولكن عندما  اطلقت فتوى الجهاد الكفائي ، قال (يجب  ان تصبح هذه الفتوى دستورا  لنا) .
لم يمضي على مرور الفتوى المباركة أكثر  من سنة ، حتى خرج لنا  من كان يشكل على الفتوى وبأن ابنائنا  تذبح من اجل  السياسيين ، بأن يدعي  لنفسه هو من شكل  الحشد الشعبي ، يقول ان الفتوى كانت من قبله حيث  دعى  الى تشكيل  جيش  رديف !
ومع هذا فإن الامر  لم يكن كما  حصل عندما ادعت الحكومة السابقة وعلى مرتين متتاليتين ، من إنها  هي  من شكلت الحشد الشعبي ! وإن الناس  خرجت وهبت للدفاع عن المقدسات وعن العراق ، عندما  طلبت الحكومة منهم ذلك !
هذه المسألة تجعلك تبكي وتضحك بنفس  الوقت ، فإنك تبقي  لما  وصلت اليه الطبقة السياسية العراقية من تدني  من الشعور  بالمسؤلية ، وتضحك لان شر  البلية ما  يضحك !
ولكن دعونا من الاستهزاء  بكلامها ، ولنكف عن السخرية بقولها ، ولنقف ولو وقفة بسيطة عن سبب هذا الكذب  بصورة غبية كما  يعتقدها  البعض (لكني لا  اعتقدها  كذلك!) ؟
أحبائي دار في  خلدي  الكثير من الاسباب والغايات لإدعاء  الحكومة السابقة تأسيسها للحشد الشعبي ، فوجدت ان الامر  قد حصل في  السابق ، وبشكل مشابه كثيرا لما  يحصل  عندنا ، وهي ان فرعون متى قال (ان لي  ملك مصر وهذه الانهار تجري  من تحتي) ؟ فيجيبنا  القران بقوله :  (فاستخف قومه فاطاعوه) ، فقال  لهم هذه الكلمة عندما  استخف بقومه ، وبعدما  استخف  بهم ، أطاعوه !
هذه هي المسألة الجوهرية في  الامر  كله (الاستخفاف بالناس ، والعمل  على تسخيفهم باشياء  تافهة لا  قيمة لها  ، ومشبوهة ومزوة ، تخدم مصالحهم وغاياتهم الحزبية والشخصية الضيقة ) ، لقد عملت الحكومات  السابقة على تجهيل  الناس  والاستخفاف  بأرائهم ومتطلباتهم ، وعدم الشعور  بوجودهم والاحساس بعواطفهم وعقولهم ، فأرادت من الناس  أن تكون طائعة بأي  شكل  من الاشكال ، وان يقبلوا بأي  نتيجة للانتخابات ، وان هذه الطبقة الساسية هي  أفضل من صدام لكم مهما فعلت ومهما  سرقت ومهما  ظلمت !
لقد أرادت ان تركز في  نفوس  الناس  ونجحت في  ذلك ، ان الحكومة إن كانت من نفس  المذهب فإنها  ستكون بموازات العلماء  والفقهاء ، إن لم تكن مثلها ، وأوضحت فكرة خبيثة في ان الذي  يحارب  الحاكم وهو شيعي فهذا يسعى لاسقاط الشيعة من الحكم ، ويكون في جانب  صدام والبعث !
ولعمري  ان هذا ما  قامت به بني  أمية وبني  العباس  في  جعل  السلطة هي  المشرعة لله لا  غير ، وجعلت من المؤسسة الدينية تابعة لها تقول  ما  تقوله الحكومة لها !
فمن اين جاء  هذا المنطق  يا ترى في ان الحكومة ان أصبحت ظالمة وشيعية فهي  توازي  كلام الفقهاء  والعلماء ؟!
نحن لم نجد هذا الكلام الا عند الوهابية ومن أسس أساسها من بن تيمية الحراني ، وكذلك من مشى على اثره  وهو المدعو (محمد بن عبد الوهاب) ، حتى تقاسم البلاد أبناء سعود ، وعائلة آل شيخ ، بان يكون للاول الحكم الاداري  للحجاز ، وللثاني الحكم الديني ، ولا  يخرج أحدهما  عن الاخر مهما  كانت الضروف والأحوال ، لان هدفهم واحد ومشترك !
والخلاصة فيما  اريد القول  له ، ان السبب  في  ادعاء  الحكومة بأنها  هي  من اسست الحشد الشعبي  وبكل  هذه الصلافة والوقاحة ، ينم عن تجهيل  واستخفاف  بعقول  ابناء  الشعب  العراقي ، الذي  ضحى بدمه في  سبيل الدفاع عن ارضه ومقدساته ، وان هذه من اكبر  الجرائم بحق  الانسانية جمعاء ، ولذي أذكر  هنا مقطوعة للشيخ ناصر مكارم الشيرازي (دام ظله) ، وتعليقه على الاية التي  تخص  استخفاف فرعون بقومه حتى أطاعوه ، فيقول :
(إنّ طريقة كل الحكومات الجبارة الفاسدة من أجل الإِستمرار في تحقيق أهدافها وأنانياتها، هي الإِبقاء على الناس في مستوى مترد من الفكر والثقافة والوعي، وتسعى إلى تركهم حمقى لا يعون ما حولهم باستخدام أنواع الوسائل، فتجعلهم غرقى في حالة من الغفلة عن الوقائع والأحداث والحقائق، وتنصب لهم قيماً وموازين كاذبة منحطة بدلاً من الموازين الحقيقية، كما تمارس عملية غسل دماغ تام متواصل لهذه الشعوب، وذلك لأن يقظتها ووعيها، وتنامي رشدها الفكري يشكل أعظم خطر على الحكومات، ويعتبر أكبر عدو للحكومات المستبدة، فهذا الوعي بمثابة مارد يجب أن تحاربه بكل ما أوتيت من قوّة )



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=81636
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29