• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إذكروا نوارس سبايكر بقطرة دم! .
                          • الكاتب : قيس النجم .

إذكروا نوارس سبايكر بقطرة دم!

قداس مهيب ومراسم عسكرية منظمة، تقام على قبر رجل إطفاء، ولا يوجد في القبر أحد، إنه قبر رمزي، ستدفن فيه عينات من دم هذا الرجل، والتي تبرع بها قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة ( 2001)، وتحديداً قبل خمسة عشر عاماً، من حادثة الإرهاب تلك، وقد فُقِد الرجل تحت أنقاض البرج الشمالي، وهو يساعد أمريكياً مصاباً في ساقه، مما أدى الى مقتلهما معاً. 

العائلة مسرورة جداً، لأنها إستطاعت الحصول على عينات دمه، من مركز المتبرعين بالخلايا الجذعية، في منطقة سانت جيمس بلونغ آيلاند، بالقرب من مدينة نيويورك، من أجل أن يكون هناك قبر لرجل الإطفاء، المدعو لورنس ستاك البالغ من العمر 58 عاماً.

تشييع قطرات دم لرجل إطفاء، مات لإنقاذ شخص آخر، وعائلته فرحة جداً بهذا الإنجاز، ولكن فلنتوقف قليلاً هنا، ونسأل حكومتنا بكل سياسيها ومسؤوليها، كيف الحال بأمهات شهداء سبايكر، وهن منذ عامين لا يعرفن شيئاً، عن مصير أبناءهن إلا القليل؟!

 الجاني يفلت من العقاب، والمجني عليه لا يملك قبراً كي يُبكى عليه، نعم أيها الساسة: القليل الذي لا يشفي غليل أمهاتهم، حتى أمسوا من دون شاهٍد، أو علامة تذكر غير فاجعة صورها الجناة القتلة، لتبقى جرحاً كلما يراد له أن يندمل، يعود وينزف من جديد، بعد عرض لحظاتهم الأخير، والوداع المؤلم للضمير الإنساني، الذي شوهه السراق والقتلة من الساسة، حين عرضوهم للبيع وقتلوهم بدم بارد.

وزارة الصحة عاجزة عن العمل، بواجبها الإنساني، والوطني، والأخلاقي تجاه هذه العوائل، التي دفع أحباؤها حياتهم ثمناً في قاعدة سبايكر، يوم العاشر من حزيران، فمتى ستنهض الدولة بواجبها، ليستطيع الوالدان زيارة الأبناء في قبورهم، ولو مع قطرات من الدم الطاهر، أو قطعة من أجسادهم الشريفة؟!

تظاهرات كبيرة ومناشدات أكبر، وإنتظار طويل على الطرقات، أمام المنطقة الخضراء ومجلس النواب، وعويل الأمهات وصور لشباب مفقودين، والشهداء الذين رحلوا دون وداع، وبأقسى أنواع العنف الداعشي المقيت، فلقد إحتضنهم نهر دجلة بذراعيه، وأكل السمك والطيور من بعض أشلاءهم، ولم يعد لهم قبر توابيت من ماء النهر، الباكي عليهم بمداده الأحمر، حين صبغوه بدماء القرابين من العرسان، وكل ذنبهم أنهم عراقيون.

 كيف لا؟ وقد شهدت منصة تكريت، لقاء الأحباء الشهداء الأحياء بأذرع دجلة، التي سارعت لتتلقفهم واحداً بعد الأخر، في أسوأ جريمة شهدها القرن الحادي والعشرين، والسبب حقد داعشي بغيض، وساسة كل همهم هو سرقة العراق، حتى ولو على حساب النوارس البريئة ودمائهم الطاهرة.

ختاماً: ما يُفرح هؤلاء الأمهات الثكلى، هو قبر تُذرف الدموع عليه، وتغسله بماء الورد، وتعطره ببخور الحزن الجنوبي العبق، رغم جراح الوداع، والرحيل الى عالم الغيب والشهادة، ليختلط إسمه مع الشهداء والصالحين، في قدم صدق عند مليك مقتدر. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=80969
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29