• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على هامش القول بأصالويّة "القتل المقدّس " في الإسلام "سلطة النصّ بين الموروث والمعاصر .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

على هامش القول بأصالويّة "القتل المقدّس " في الإسلام "سلطة النصّ بين الموروث والمعاصر

 نشير خاطفاً إلى بعض ما يرتبط ببحثنا في مختصر بعض المحاور :
 
أوّلها : يقول علماء اللغة والألسنيّات : من عوامل التطوّر الدلاليّ للّفظ :
 
١- استعمال بعض الكلمات في مدلولات معيّنة  ٢- غموض معنى الكلمة  ٣- التطوّر الصوتي ٤- اختصار العبارة  ٥- كثرة الاستعمال ٦- الابتذال أو الانحطاط في الكلمة .
 
ثانيها: يقول أبو حاتم الرازيّ ( ٣٢٢ هـ ) رائد دراسة التطوّر الدلالي - كما قيل - : أقسام الرصيد اللّغويّ العربيّة :
 
١- قديمة موروثة بألفاظها ودلالاتها ٢- ألفاظ قديمة مُنِحت دلالاتٌ جديدة بعد مجيء الإسلام ، أي أنّها أصابها التطوّر الدلاليّ فعُمّم معناها أو خُصِّص ٣- ألفاظ جديدة في صيَغها ودلالاتها ٤- ألفاظ أعجميّة اقترضتها العرب من لغات الاُمم الاُخرى .
 
ثالثها : يقول اللّغويّ " اُولمان "  : تغيّر العلاقة بين اللّفظ والمدلول يظهر في صورتين :
 
١- أن يضاف مدلولٌ جديد إلى كلمة قديمة ٢- تضاف كلمةٌ جديدة إلى مدلول قديم . 
ثم يقول : الصورة الاُولى كادت تُنسي الباحثين الصورة الثانية ؛ على اعتبار أنّ اللّفظ ثابت ومعناه هو المتبدّل .
 
رابعها: يقول اللّغويّون : أهمّ مظاهر التطوّر الدلالي :
 
١-تخصيص دلالة الكلمة ٢- تعميم استعمالها ٣- تغيير مجال استعمالها : أ- تارةً بالانتقال من الدلالة الحسّيّة إلى المجرّدة ب- واُخرى بالانتقال من المجرّدة إلى الحسّيّة .
 
نقول : إنّ  الصحيح المعتبر سنداً، الواصل بأيدينا من الموروث الدينيّ الثقافيّ الاجتماعيّ السياسيّ الاقتصاديّ العسكريّ ... حقيقةٌ تأريخيّةٌ ثابتةٌ  محفورةٌ في عمق الوجدان والضمير الإنسانيّ .. هذا الواصل حقيقةٌ بسلبيّاته  وإيجابيّاته ، بألَقه واُفوله ، بشموخه وهبوطه ، بنجاحاته وانتكاساته ، بحركاته وسكناته ، بنطقه وصمته ، بأنواره وعتماته .
موروثٌ متنوّعٌ ونتاجٌ مختلفٌ راشحٌ من تنوّع فهم النصّ  واختلاف الأنظار في كيفيّة تلقّيه وتحليله واستنباط الأحكام منه ، تبعاً لتباين المقوّمات الشخصيّة والمؤهّلات الذاتيّة - بمعنيّيها الأخصّ والأعمّ-  والمقاصد والأغراض الممنهجة والظروف الزمكانيّة... مع ادّعاء الكلّ التقيّدَ بحدود النصّ وعدم تجاوزها .. رافضين إشكاليّة هيمنة الحديث - بصحيحه وسقيمه - على النصّ الإلهيّ - القرآن الكريم - التي أثارها عددٌ من النقّاد والمفكّرين قديماً وحديثاً ؛ باعتبار أنّ " الحديث " لايشكّل برادوكساً معه فحسب، بل هو وليدُ رحمه البارّ الوفيّ وصنيعة أضلاعه المباركة .. مع أنّ لنا نحن أتباع مدرسة أهل البيت (ع) في هذا المضمار كلاماً يطول بيانه ويقصر مقامنا عن استيعابه واحتوائه .
إذن كلٌّ يدّعي وصلاً بليلى ..
ولو تنزّلنا واكتفينا بحاضر الزمان وأنشأنا مقاربةً علميّةً منهجيّةً  تستحضر مؤن البحث المعرفيّ وأدواته الشهيرة من المراجعة والقراءة والمقارنة والاستقراء والفحص والتحليل ... لوجدنا النتائج تشير إلى استمرار بقاء الخطّين المتوازيين اللذين ماالتقيا ولن يلتقيان يوماً ما ؛ لأسبابٍ وعلل بُذٍرَت بذرتها منذ البدء فضربت جذورها في الأعماق وامتدّت أغصانها وتشابكت فروعها فلازالت تضلّ - بالمعجمة اُخت الصاد - بظلالها السوادَ الأعظم من الاُمّة ..
فحينما ينسدّ باب الاجتهاد وتنشلّ حركة العقل وتفعل المقاصد الدنيئة والأغراض الحاقدة فعلتها في النفوس والأرواح تجد النصّ أحياناً أسيراً مرتهناً بأيد وعقولٍ تمتهن العنف والترويع والحذف والتضليل ..
وحينما يبقى باب الاجتهاد مفتوحاًوينبض العقل بالحيويّة والنضارة وتؤثّر المقاصد النبيلة والأغراض الحميدة أثرها في النفوس والأرواح تجد النصّ نميراً عذباً تنهل منه الألباب روائع الأنظار وبدائع الأفكار ، فيرشح الحبّ والأمان والتآلف والفلاح والإيمان . نعم ، هنا تتجلّى ثمرة التطوّر الدلاليّ للّفظ وماأشرنا إليه خاطفاً في صدر البحث من المحاورالأربعة .
ولاندّعي الكمال في فهم النصّ وبلورة مضامينه ، فلنا أخطاؤنا ونقاط ضعفناوهفواتنا، لكنّا حاولنا ولازلنا نسعى أن نكون بمستوى المرحلة والظرف من حيث التكيّف والتناسق والتعامل مع المستحدثات تعاملاً مسؤولاً ، بمعنى التماهيّ مع حاجة العصر في نفس الوقت الذي نحفظ فيه الاُصول والمبادئ والأخلاق التي استللناها من النصّ الإلهيّ المقدّس عبر بوّابة وفضاء فهم أئمّتنا(ع) له ، الفهم الذي نعتقد  ونتمسّك به انطلاقاً من أنّ القرآن الكريم والعترة الميامين صنوان لايفترقان .
 
فلاخيار عندنا سوى الإقرار والاعتراف وإعلان البيعة لسلطة النصّ وأنّه هو الملاك في تمييز الغثّ من السمين موروثاً ومعاصراً ، كما نؤمن بأنّ النصّ سيبقى هو الملبيّ الوحيد لحاجة الإنسان أبدا ؛  لصدوره من لدنّ الحكيم العليم تبارك وتعالى ، ولتكيّفه الزمانيّ المكاني ، ثم إجابته عن سؤال الحياة الكبير : من أين ، في أين ، إلى أين .. مع وضع الحاجة إلى  " العقلانيّة " هذه الحاجة الماسّة ، نصب عقولنا ، من أجل إيصال المفاهيم بنهج الإقناع لا الإسكات . 
 
إنّ حكمة وعقلانيّة وحسن تدبير وكياسة وفطانة  النخب والرموز مثلما نقرؤها: مؤشّراًواضحاًوبرهاناً ساطعاً على الملاحظة الدقيقة والدرك الصحيح والتوقيت السليم في بثّ الأفكار والآراء ثم التحرّك الفاعل والحضور المؤثّر في ميادين  التصميم والقرار ودرء الفتن والأخطار ولمّ الشمل ونشر ثقافة الإخاء والسلام ونبذ العنف والتشرذم والإرهاب .. كذلك نقرؤها : فهماً متطوّراً للنصّ يلبّي الحاجة ويحفظ الأصل .
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=80655
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19