• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وقفة تأمل .
                          • الكاتب : افنان المهدي .

وقفة تأمل

( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون* والذين هم بآيات ربهم يؤمنون* والذين هم بربهم لايشركون) 57/58/59 سورة المؤمنون .

رب العباد جلّ شأنه في هذه الآيات الكريمة، يصف فئة من الناس، أنها تشفق( تخاف وتحذر) نتيجة خشية ربها. أما مظاهر وصفات هذه الخشية،، فتبينها الآية التالية (والذين هم بآيات ربهم يؤمنون)

الإيمان لا يكون إلا بمعرفة والمعرفة تشكيكية ( نسبية) وكلما زادت المعرفة زاد الإيمان. 

طرق معرفة الله سبحانه وتعالى: 

1. طريق يقام بمقدمات حسية تجريبية، وهذا ما يطلق عليه برهان النظم أو النظام، ومفاده كقولنا : البعرة تدل على البعير، والخطوات تدل على المسير، والأثر يدل على المؤثر. بتعبير آخر ، المعرفة الآفاقية، أي معرفة الله عن طريق آثاره وآياته في الآفاق ( النفس والكون بشكل عام).

2. طريق بالأدلة الفلسفية ، والتي تتكون من مقدمات عقلية محضة ( برهان الإمكان وبرهان الصدّيقين)

🌱برهان الإمكان : الموجود إما موجود بذاته، أو بغيره (ممكن الوجود) وكل موجود بالغير لابدّ أن ينتهي إلى موجود بالذات. إذاً: واجب الوجود بالذات موجود ونعضد هذا الدليل أيضا بدليل نقلي من القرآن ( والله الغني وأنتم الفقراء ) .

🌱برهان الصدّيقين: من أفضل البراهين لأنها تبدأ من الواجب عز وجل لا من مخلوقاته كما السابق، وهذا ما أشار له سيد الشهداء "ع" في دعاء عرفة :

كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المُظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يُدل عليك ومتى بعُدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ?!!

والآية التي تتلوها مباشرة، (والذين هم بربهم لايشركون) بما أن الواو فيها عاطفة فهي ستأخذ نفس أحكام الواو التي سبقتها، فهي تبين وتوضح صفات الذين من خشية ربهم مشفقون، فهم بآيات ربهم مؤمنون، وبعد إيمانهم لا يشركون، لأن ثمة وجوه ممن آمن بربه، قد يتسلل الشرك له، من حيث يشعر أو لايشعر، كمن لا يخلص لله سبحانه، والعياذ به، فهو نوع خفي من الشرك !

والآية تؤكد، أن هذا الصنف ممن آمن بربه إيمانا حقيقيا لا يتسلل الشرك له، فإيمانه رادعا وواقيا من أي مظاهر من مظاهر الشرك وإن خفيت !

وقد يتبادر للذهن، أن المقصود بالشرك هنا، الشرك الجلي كذلك، لا الخفي فقط ! لكن، عند التأمل بدقة لا يستقيم هذا المعنى، فمن غير المعقول أن يجتمع الإيمان والشرك الجلي في موضع واحد، فكما هو بديهي ومعلوم( النقيضان لا يجتمعان ولايرتفعان معاً) فهل من المعقول أن الإنسان المؤمن بربه، ويتمظهر إيمانه بتأدية أحد فروض العبادة كالصلاة مثلاً، أن ينتهي من أداء قربانه لربّه، ويتجه مباشرة لصنم أو تمثال كشرك جلي ليعبده ويقدّم القرابين له !




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=80263
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29