• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الاصول الأربعة في بناء الحیاة : الإجتهاد في العمل .
                          • الكاتب : مكتب السيد عادل العلوي .

الاصول الأربعة في بناء الحیاة : الإجتهاد في العمل

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
أوّلاً: الإجتهاد في العمل، فإنّّ المقصود منه كما هو الظاهر، ما يتعلق بأعمال الآخرة من العبادات، فإنّّه في الأعمال الدنيوية يمكن أن يقوم بها الغير، ولكن عمل الآخرة كالصلوات والصيام وسائر العبادات، فإنّّ المرء هو الذي يقوم بها، وإذا كان الأمر كذلك، فالمفروض حينئذ أن يجتهد في العمل وفي طاعة الله سبحانه ويبذل ما في وسعه وطاقته لأداء الأعمال بصحة وقبول وكمال.
 
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ (الحج: 78).
 
1 ـ قال رسول الله‘: يا معشر المسلمين! شمّروا ـ كناية عن الإجتهاد وتشمير السواعد ـ فإنّّ الأمر جدّ، وتأهبّوا فإنّّ الرحيل قريب، وتزوّدوا ، فإنّّ السّفر بعيد، وخفّفوا أثقالكم، فإنّّ ورائكم عقبة كووداً، ولا يطيقها إلّأ المخفّون.
 
 2ـ وقال‘: إجتهدوا في العمل، فإنّّ قُصر بكم الضّعف كلفّوا عن المعاصي. 3 ـ قال أمير المؤمنين علي×: عليكم بالجدّ والإجتهاد...
 
... والتأهّب             
 
والإستعداد، والتزوّد في منزل الزّاد، ولا تغرّنكم الدنيا كما غرّت من كان قبلكم من الأمم الماضية والقرون الخالية.
 
4 ـ وقال× في الغرر: طاعة الله سبحانه لا يحوزها إلّا من بذل الجهد، واستفرغ الجهد.
 
ـ وقال×: صابروا أنفسكم على فعل الطاعات، وصونوها عن دنس السيئات، تجدوا حلاوة الإيمان. أقول: الصبر على ثلاثة أقسام: الصبر على المصيبة والنائبة، والصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله وهو الأفضل. ـ قال الإمام الصادق×: إعطوا الله من أنفسكم الإجتهاد في طاعته، فإنّ الله لا يدرك شيء من الخير عنده إلّا بطاعته وإجتناب محارمه.
 
7ـ وقال×: إعلموا أنّه ليس بين الله وبين أحد من خلقه قرابة من ملك مقرّب، ولا نبي مرسل، ولا من دون ذلك من خلقه كلّهم إلّا طاعتهم له، فإجتهدوا في طاعة الله.
 
8ـ وقال× لأصحابه وشيعته: أمَ والله إنكّم لعلى دين الله وملائكته ـ أي أنكم على الحق ولا تشّكوا في ذلك إلّا أنّه ـ فاعينوننا على ذلك بورع وإجتهاد، وعليكم بالصلاة والعبادة، عليكم بالورع. ـ قال أمير المؤمنين×: لا تقدروا على ما أنا عليه، ولكن أعينونني بورع وإجتهاد وعفّة وسداد.
 
أقول: إذا كان أمير المؤمنين روحي فداه في كل لیلة يصلّي ألف ركعة، فإذا لا نقدر على ذلك، ولكن نعينه روحي فداه لا أقل بصلاة الليل، أحد عشر ركعة، وإلّا فلا أقل من ثلاث ركعات: الشفع والوتر ، وكأنه هذا من أضعف الإيمان والأعمال الصالحة!... وإن لم يتمكن فأقل القليل والذي هو من الكثير أن يتورع عن محارم الله سبحانه، فلا يذنب ولا يعصي الله في القول والعمل، وحتى في الخواطر والنوايا، وإن فعل فليبادر إلى التوبة النصوح، بقضاء ما فات وترك العود على الإثمّ والعدوان، فالورع أساس كل شيء، ولابد للمؤمن والمؤمنة والعارف والعارفة بالله سبحانه في سيرهم وسلوكهم إلى الله سبحانه من الورع عن محارم الله وما فيه العقاب والعتاب والحساب كالشبهات والمكروهات.
 
10ـفيما أوصى النبي| لعلي×: قال: يا علي ثلاث من لم يكن فيه لم يقم له عمل. يعني لولا ذلك للزم حبط العمل وبطلانه ـ ورع يحجزه عن معاصي الله عز وجل، وخُلق يُداري به الناس، وحلم يردّ به جهل الجاهل.
 
11ـ وقال أمير المؤمنين× : من أحبّنا فليعمل بعملنا، وليستعن بالورع، فإنّه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا والآخرة.
 
12ـ وقال×: واعلموا أنكم لو صلّيتم حتى تكونوا كالحنايا (الأقواس) وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، ما نفعكم ذلك إلّا بورع حاضر. 13ـ وقال×: من أفضل الورع أن لا تبدي في خلوتك ما تستحي من إظهاره في علانيتك.
 
14ـ وقال×: لا خير في عمل إلّا مع اليقين والورع.
 
15ـ عن أبي الحسن الأول الإمام زين العابدين × قال: كثيراً ما كنت أسمع أبي يقول: ليس من شيعتنا من لا تتحدّث المخدّرات ـ النساء المستورات في البيوت ـ بورعه في خدورهّن، وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة الآف رجل فيهم من خلق الله أورع منه، وفي خبر آخر: في بلد فيه مأة ألف وفيهم  من هو أورع منه.
 
16ـ عن ختيمة قال: دخلت على أبي جعفر الباقر× أودَعّه فقال: يا ختيمة أبلغ من تری من موالينا السّلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيّهم على فقيرهم، وقویّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن لُقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا يا ختيمة: أبلغ موالينا إنا لا نغنى عنهم من الله شيئاً إلّا بالعمل.
 
17ـ وقال×: إنّما أصحابي من اشتد ورعه وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، هؤلاء أصحابي.
 
18ـ وقال×: ألا وإنّ من إتّباع أمرنا وارادته: الورع، فتزينّوا به يرحمكم الله، وكيدوا أعدائنا به ينعشكم الله.
 
19ـ عن عمر بن سعيد عن أبي عبد الله× قال: قلتُ له: إنّي لا ألقاك إلّا في السنين، فأخبرني بشيء آخذ به، فقال: أُوصيك بتقوى الله والورع والإجتهاد، واعلم أنّه لا ينفع أجتهاد لا ورع فيه.
 
20ـ عن أبي أُسامة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: عليك بتقوى الله والورع والإجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة، وحسن الخُلق، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، وعليكم بطول الركوع والسجود، فإنّ أحدكم إن أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه، وقال: يا ويله أطاع وعصيت؟ سجد وأبيتُ.
 
21ـ قال رجل لأبي جعفر×: إنّي ضعيف العمل قليل الصلاة قليل الصوم، ولكن أرجو أن لا آكل إلّا الحلال، ولا أنكح إلا حلالاً؟ فقال×: وأيّ جهاد أفضل من عفّة بطن وفرج.
 
فلابد من الإجتهاد في طاعة الله سبحانه في كل مجالات الحياة، ومن الإجتهاد والورع عن المحارم والشبهات، ومن يسأل الله التوفيق والسعادة في حياته إلّا أنه لم يجتهد في عمله، فإنّه قد إستهزء بنفسه.
 
22ـ عن الإمام الرضا× قال: سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الإستهزاء: 1 ـ من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه فقد إستهزء بنفسه.
 
2 ـ ومن سأل الله التوفيق ولم يجتهد فقد إستهزء بنفسه.
 
3 ـ ومن استحزم ولم يحذر فقد إستهزء بنفسه.
 
4 ـ ومن يسأل الله الجنّة ولم يصبر على الشدائد فقد إستهزء بنفسه.
 
5 ـ ومن تعوّذ بالله من النّار ولم يترك الشهوات فقد إستهزء بنفسه.
 
6 ـ ومن ذكر الله ولم يشتق إلى لقائه فقد إستهزء بنفسه.
 
فمن يعمل ويجتهد في عمله إنما يعمل لنفسه ﴿ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ﴾ (فاطر: 18) ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا...﴾ (فصلت: 46) (الجاثية: 15) ﴿ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ ﴾ (العنكبوت: 6) فالحذار الحذار من التقصير والتهاون والكسل والتضجّر في العمل، والتّسيب في الأمور واللّامبالاة وعدم التفكّر في العواقب.
 
23ـ وجاء في سيرة رسول الله وصفته‘: ولا عرض له قطّ أمران إلّا أخذ بأشدّهما.  ولكم في رسول الله أسوة حسنة وقدوة صالحة.
 
24ـ وقيل للإمام الصادق×: على ماذا بنيت أمرك؟ فقال: على أربعة أشياء: علمت أن عملي لا يعمله غيري فاجتهدت، وجاء في سيرته× عن آبان بن تغلب قال: دخلت على أبي عبد الله الصادق وهو يصلّي، فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة: وعن حفص بن غياث قال: رأيت أبا عبد الله يتخلّل بساتين الكوفة، فانتهى إلى نخلة فتوضأ عندها ثمّ ركع وسجد، فأحصيت في سجوده خمسمأة تسبيحة، ثمّ إستند إلى النخلة فدعا بدعوات قال مالك بن أنس: كان الإمام جعفر بن محمد الصادق× لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إمّا صائماً وإمّا قائماً وإما ذاكراً، كان من عظماء العبّاد في عصره بالتهجد والتبتل وكان من أكابر الزهاد في الدنيا الذين يخشون الله عز وجل، وقال: ما رأت عين ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق علماً وعبادة... كان يقسّم أوقاته على الطاعات...
 
وللكلام صلة إن شاء الله...



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=80038
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28