• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على الراكب اختيار القبطان .
                          • الكاتب : علي علي .

على الراكب اختيار القبطان

  في مقولة يكررها دوما الأشخاص الذين تحكم مهنتهم او طبيعة عملهم أن يلازموا البحر، مثل أفراد طواقم السفن والباخرات والبوارج، لاسيما الذين يتنقلون في سفريات تستمر أسابيع أو أشهرا في المحيطات عابرين خلالها قارات، تلك المقولة هي: (البحر الهادئ لايصنع بحارا ماهرا)
    وبذا تكون في البحر المتلاطمة أمواجه دروس وعِبَر لمن يركبه، فان كان ملاحا ستزيد المحن التي يمر بها والصعاب التي يواجهها من خبرته في قيادة السفن، وان كان سائحا او مسافرا فان مايمر به من ظروف على متن سفينة في بحر هائج ستقوي من رباطة جأشه ومن جلادته في تحمل الظروف القاسية التي قد تحيق به وتحيطه من حيث يدري ولايدري، وستعلمه الصبر على المحن وبالتالي يتولد لديه انطباع ان لكل شدة أجلا في انتهائها ولو كنت محله لتذكرت قول الشاعر:
اذا الحادثات بلغنَ النهى    
وكـادت لهـنّ تـذوب المهـجْ
وحلّ البـلاء وقـلّ العزاء      
فعند التناهي يكون الفرج
    ما ذكرني بالبحر وهيجانه هو ماوصل اليه عراقنا اليوم بعد سنين من الإبحار في بحور سحيقة القرار حاملة على ظهرها ثلاثين مليون نفر جلـّهم لايطمحون أكثر من الوصول الى مرفأ الأمان، وبر يجدون فيه عيشا كريما يليق بمواطن له من جدوده حضارات كانت فنارا تهتدي به أمم المغرب والمشرق. وقد آن الأوان أن يلتفت ربابنة سفينة العراق الى مصلحة البلد والعمل على كل ما من شأنه تقديم الأفضل والأنسب له وفق المتطلبات والتطورات الزمانية والمكانية، وهذا بدوره يتطلب عمل الطاقم بكل أفراده وكل ضمن اختصاصه ليؤدي دوره في رفد عمليات بنائه للحاق بركب الدول التي سبقته بالتطور العمراني والعلمي والتحضري في مجالات الحياة كافة. 
  وبعودة الى مقولة البحارة أرى ان الذي مر به العراقيون كفيل بصناعة بحارين مهرة أيما مهارة، وقد آن الآوان لتطبيق ماتعلمناه من الشدائد والمحن التي أغدقها علينا ساسة وحكام على مر عقود، لم يألوا جهدا في إذاقتنا فنون الاضطهاد والقمع والحرمان، من أبسط حقوق المواطنة المشروعة، ولاأظننا بعد كل هذا نكرر قول الشاعر:
فأنا اليوم كالسفينة تجري      
    لاشــراع لهــا ولا مــلاح
    فالدور اليوم تقع مسؤولية كبيرة منه على المواطن الراكب في السفينة وليس فقط دور الملاح والقبطان يسيرنا أنّى شاء، وبات الراكب هو من يختار القبطان، وما على الأخير إلا العمل للصالح العام ونبذ الخاص من المصالح، وإلا فالراكب يكون له الخيار في اتخاذ القرار، بعد يأسه من قرارات قبطانه.
aliali6212g@gmail.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79612
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29