• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ساستنا يتشاورون.. .
                          • الكاتب : علي علي .

ساستنا يتشاورون..

 "جلسة البرلمان بدأت تشاورية ثم تحولت الى جلسة قانونية بعد اكتمال النصاب".
ما تقدم كان مقتطفا من تصريح لأحد نواب برلماننا، يصف فيه جلسة كان قد حضرها تحت قبة مجلس النواب، وهو قطعا أفاد بهذا التصريح بما ينم عن اختلافات بين الأعضاء، والاختلافات مشروعة بين أي اثنين او جماعتين او فئتين، إذ عادة مايسوق الاختلاف الى التباحث والنقاش بغية الوصول الى الوئام والاتفاق والوفاق. فالتشاور الذي كان عنوان الجلسة التي تكلم عنها نائبنا، كان يهدف -حتما- الى الخروج بمخارج إيجابية من الاجتماع، لاسيما في ظرف حرج كالذي يمر به البلد، إذ آن أوان الجد وحان وقته -إن لم يكن قد فات-. ويبدو أن التشاور الذي قصده النائب كان مقصودا به الأخذ والعطاء في وجهات النظر، او قد يكون قصده إبداء الآراء وتبادلها، وفي حال كهذا يكون العراقيون في (گمره وربيع) وكيف لايكونون كذلك؟ وهم المرتبط مصيرهم باجتماع برلمان بلدهم، وكثير من قضاياهم مربوط ومعلق بما تفضي اليه الاجتماعات من نتائح ومشاريع وقوانين. لكن الخوف -كل الخوف- من أن سيادة النائب هذا كان متفائلا أكثر مما ينبغي، فراح يسبغ على الخلافات ثوب الاختلافات، ظنا منه أن النواب يتمازحون في صراعهم، كما يتمازح الأطفال او فلنقل الـ (زعاطيط)..! والـ (زعاطيط) عادة لايؤاخذون على سلوكهم، لأن طورهم وأعمارهم لم تتح لهم بعد فسحة العقل والكياسة والتؤدة في التفكير، وبالتالي فهم عاجزون عن اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب والظرف المناسب.
 وكما تقول (بيبياتنا) "يافرحة الماتمت"، فإن التبادل بين المجتمعين لم يكن بوجهات النظر -كعادتهم- كما أن الآراء لم تكن تتقارب إلا لتزداد تباعدا، وخلافهم الذي ظنناه مشاكسة (زعاطيط) كان أكبر من هذا وأكثر تعقيدا وخبثا ومكرا، فهم على علم ودراية تامة بما تتداعى اليه اجتماعاتهم غير المجدية، بل أغلبهم كان قد هيأ قبل حضوره الاجتماع مفردات الاختلاف، وصيغ المعارضة، وأساليب اللف والدوران حول حقوق المواطنين الذين نصبوه في موقعه، إذ بدل الوفاء بالوعود راح يبتدع وسائل الغدر والخديعة، وابتكار طرائق لم تخطر على بال أحد في التحايل والتلاعب بكل ماهو قانوني في البلد، لتصب في تحصيل حاصل مجتمعة في جيبه ومنافعه الخاصة والفئوية.
  فالتشاور إذن، في اجتماعات ساستنا ونوابنا عادة ماتتصاعد وتيرته وتتفاقم حدته، فيغدو تنابزا ليس بالألقاب فحسب، بل يتعدى هذا لتأخذ الأيادي دورها في التبادل، وقناني الماء في التراشق، ولن تكتمل الصورة على نحوها الأبهى إلا بتشجيع الصناعة الوطنية، وذلك باستخدام ماتنتجه شركة الصناعات الجلدية من أحذية، تكون هي السائل والمجيب في حوارات ساستنا الساخن، فيما يتقلب المواطن هو الآخر على صفيح ساخن من ويلات الأمن المتردي، والخدمات السيئة، وانحدار أداء مؤسساته الى مادون الصفر، فضلا عن ركود اقتصاد بلده، وانعدام فرص العمل فيه، واستشراء أصناف الفساد بين شرائحه، وتطول قائمة السلبيات التي باتت ماركة مسجلة وعلامة ممهورة لبلدنا، يحوز في ظلها على قصب السبق بين باقي دول العالم الثالث والرابع والعاشر، فيما "يتشاور" ساسته في واد غير واديه، ولغاية غير غايته. 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79314
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29