• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : قِراءة فِي مَنشور وكالة \" شَفَـقنا العراق " !. .
                          • الكاتب : نجاح بيعي .

قِراءة فِي مَنشور وكالة \" شَفَـقنا العراق " !.

 
ــ \" الفتوى الذي غيرت وجه العالم \" العنوان الرنّان للمقال الذي خلا من إسم كاتبه , والمنشور على صفحة الموقع الرسمي لوكالة شفقنا العراق ــ العربي ــ العراق ــ 27 ــ 28 / 5 / 2016 , لم يكن فقط يحوي على مغالطات وشبهات , لما تضمنه خطاب المرجعية الدينية العليا , لفتوى الجهاد الكفائي في 14شعبان الموافق 13/6/2014م فحسب , وإنما حوى على تحريف لأهم بنود ومرتكزات الفتوى , وإخراجها عن هدفها العام المرسوم له , مثل محدوديّة الفتوى من عدمها !. وتشكيل الحشد الشعبي بموجب الفتوى !. واقتصار الفتوى على التحدي الأمني دون السياسي !.
ولا يغيب عن بال كل مَن قرأ المقال , من ان الكاتب كان يهدف من وراء ذلك التحريف والتشويه إضافة للأهداف السياسية الضيقة , الإساءة لمقام المرجعية الدينية من خلال تقديم قراءة مغايرة تماما ً لفتوى الجهاد المقدسة كما هو واضح . ولم يكن بمقدورنا أن نحمل الأمر على سبعين محملا ً , لأن الكاتب وعلى ما يبدو كان قد قرأ خطاب الفتوى جيدا ً , وراح يؤول ويضع من جعبته ما يريد , وطرحه بمقال يقحم القارئ به , وكأن الخطاب لا يمكن قراءته إلا ّ بهذا الشكل المدلس . وكنت قد أحصيت ثلاث ( تحريفات ) لثلاث فقرات تضمنها خطاب الفتوى , تعتبر من مقومات ومرتكزات فتوى الجهاد الكفائي , وسأتناول كل فقرة بالرد , بعد ذكر فقرة الكاتب المحرّفة , منطلقا ً من ذات الخطاب المبارك الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه .
 
ــ التحريف الأول
ذكر الكاتب في مستهل مقاله : \" لم تكن فتوى الجِهاد التي أطلقها سماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف)، مُحددة أو محدودة ، نَظراً لأسبابِها وأثارِها.. \" .
ذكر أن فتوى الجهاد لم تكن مُحددة أو محدودة , وهذا خلاف نص فتوى الجهاد باعتبارها محدّدة لقتال التنظيم الإرهابي المسمّى ــ داعـش ــ ومحدودة لحفظ الوطن ــ العراق ومقدساته ــ لأن العدو الظلاميّ كان قد استهدف كُلَّ العراقيين وفي جميع مناطقهم . وإذا ما أردنا أن نسلم بــ ( اللا محدوديّة ) الفتوى , فقط من جانب أنها تخاطب جميع مكونات الشعب العراقي , وتحثّهم على التصدي للعدو ومقاتلتهم , لأنها مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفة دون اخرى او بطرفٍ دون آخر. 
حيث وردت في الفقرات ــ أولا ً و ثانيا ً و خامسا ً ــ من خطاب المرجعية : ( ان العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً، وخطراً عظيماً .. ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفة دون اخرى او بطرفٍ دون آخر .. ) و( فإنّ المسؤولية في الوقت الحاضر هي حِفْظُ بلدنا العراق ومقدساته من هذه المخاطر .. ) و ( ان طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه، وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي) و ( .. على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الارهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم ... عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية ( .
 
ــ التحريف الثاني
ذكر الكاتب في فقرة تالية من مقاله : \" أصدرَ المرجع الأعلى السيد السيستاني فتواه بالجهاد الكفائي، لتتشكل بموجبها سرايا الدفاع المُقدس ــ الحشد الشعبي ــ \" .
سوف لن أقف عند مصطلح ( سرايا الدفاع المُقدس ) الذي هو أصلا ً من الأدبيات الأمنية لنظام أحادي شمولي , في بلد آخر هو جار للعراق . وأن ربط هذا الاسم بالحشد الشعبي خاصة , يعرب عن إفلاس الرؤيا وبشكل مفضوح .
الحشد الشعبي لم يتشكل بموجب فتوى الجهاد . ولم تكن الفتوى قد دعت الى تشكيل أي عنوان مسلح آخر قط . بل كان جُل خطابها موجه الى القوات المسلحة العراقيّة واستنهاض هممها , وبنفس الوقت دعت المواطنين للتطوع والانخراط في القوات الأمنية تحديدا ً . حيث جاء في الفقرة خامسا ً من الخطاب : ( ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح , ومقاتلة الارهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم ..عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية ) .
كما أوضحت المرجعية في الخطبة الرديفة لخطبة الفتوى في الجمعة الثانية الموافق 20 / 6 / 2014م , من إن الدعوة كانت إنما للانخراط في القوات الأمنية الرسمية , وليس لتشكيل ميليشيات خارج أطار القانون . حيث جاء في الفقرة ثانيا ً : ( إن دعوة المرجعية الدينية إنما كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية وليس لتشكيل ميليشيات مسلّحة خارج أطار القانون ..) .
ويعلم القاصي والداني من أن تشكيل هيئة الحشد الشعبي جاء بعد إصدار الفتوى ــ بخمسة ــ أيام من الفتوى , ــ وعشرة ــ أيام من سقوط الموصل , بأمر ديواني من مكتب رئاسة الوزراء ذي العدد ( 9852 ) في تاريخ 18 / 6 / 2014 م , والقاضي باستحداث هيئة ترتبط برئاسة مجلس الوزراء باسم ( هيئة الحشد الشعبي ) , استنادا ً لأحكام المادة ( 78 ) من دستور جمهوري العراق . وأن هذه الهيئة مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة , وليس بالمرجعية الدينية العليا في النجف .
ومن نافلة القول علينا التمييز هنا بين واجبين , لقتال العدو ــ داعــش ــ وعلينا عدم الاشتباه بينهما :
ــ الأول : الواجب الوطني الواقع على عاتق القوات الأمنية المسلحة العراقية , وهو الدفاع عن العراق ومقدساته (إن دفاع أبنائنا في القوات المسلحة , وسائر الأجهزة الامنية هو دفاع مقدس ..) و (يا أبنائنا في القوات المسلحة..إنكم امام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية..).
وأن المرجعية قد خصّت القوات المسلحة العراقية تحديدا ً بخطابها ( وإنَّ من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وأعراضهم؛ فإنه يكون شهيداً إن شاء الله تعالى ) لا غير .
 
ــ الثاني : الواجب الشرعي المناط بالمواطنين المتطوعين . وهم المشمولون بفتوى الجهاد الكفائي . ( وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي .. ) .
 
ــ التحريف الثالث
وخطورة هذه النقطة تكمن في التلاعب المقصود , بترتيب التحديات التي يواجهها العراق وشعبه , حيث أجاز لنفسه وقدم التحدي الاقتصادي على الأمني , بينما أخفى التحدي السياسي الذي يُعد أسّ المشاكل والتحديات الأخرى في العراق , منذ تغيير النظام السابق عام 2003 م والآن . حيث ذكر الكاتب : \" إنها الفتوى فقط ؛ من باستطاعتها مواجهة التحديات , الاقتصادية والأمنية في وقتٍ واحد \". 
طالما حذّرت المرجعية كافة القوى السياسية ومن بيدهم القرار في البلد, من اتباع السياسات الخاطئة والغير مخطط لها , ووضعتهم أمام مسؤولياتهم بتجاوز المحاصصات الحزبيّة والطائفيّة , ودعتهم لأن يخطوا خطوات جادة في سبيل اصلاح مؤسسات الدولة . كما حذّرت من أن الأوان قد حان لجميع الأطراف , لنبذ العنف تحقيقا ً لأهدافها السياسية , حتى صرّحت المرجعية بكل وضوح , من ان جميع القوى السياسية قد جربت الظاهرة الداعشية كوسيلة دنيئة لتحقيق اهدافها وفشلت . ولا شك في أن التحدّي الأمني والاقتصادي سببه الأول هو التحدي السياسي الذي مُني به العراق نتيجة الفساد المستشري والسياسات الخاطئة التي انتهجتها الأطراف الحاكمة .
و خطبة الجهاد قد أشارت في الفقرة ثالثا ً , الى دعوة القيادات السياسية الى ترك التناحر , وأن تعي دورها التاريخي والوطني , وتوحد موقفها وكلمتها ( إن القيادات السياسية امام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية كبيرة .. وهذا يقتضي ترك الاختلافات والتناحر خلال هذه الفترة العصيبة، وتوحيد موقفها وكلمتها، ودعمها واسنادها للقوات المسلحة .. ) .
 
وكلمة أخيرة : أن موقعا ً كبيرا ًورصينا ً , مثل موقع ــ شفقنا العراق ــ الذي يعمل بخمس لغات , وبست صفحات مستقلة لست بلدان كبيرة , والمهتمة بالشأن المرجعي سواء في النجف الأشرف أو في قم المقدسة ومشهد , كما ويحسبها المراقبون أنها قريبة من توجهات مرجعية السيد السيستاني , يبقى يتحمل المسؤولية الشرعية والأخلاقية والإعلامية الكاملة والمباشرة للقراءة التحريفية لخطاب فتوى الجهاد الكفائي ,والهدف الكامن وراءه ,الذي تضمنه مقال \" الفتوى الذي غيرت وجه العالم \" .
 
 
 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : البصري ، في 2016/05/29 .

لا اجد ان مقال شفقنا يستحق كل هذا النقد ، إلّا بخصوص تسمية الحشد او سرايا الدفاع المقدس ، فالمتتبع يعرف ان هناك تحفظ كبير تجاه تلكم التسميات..
على كل حال فالنقد آلة ضرورية للتقييم وحتما سيستفيد موقع شفقنا ليشدد التدقيق في المكتوب قبل عرضه.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79017
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20