• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ربيع شيشاني في بلاد الياسمين.. .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

ربيع شيشاني في بلاد الياسمين..

أراد خبراء العلاقات العامة أن يدخلوا على نمط آخر من الاستعمال، ففكروا في مدى إمكانية تطبيق فكرة الفوضى الخلاّقة في سياق جيوبوليتيكي تراجعت فيه مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية..ولم لا الدخول على البيئة المأزومة للعرب واستغلال الرغبة العارمة للمجتمعات في إعادة ماء الوجه بعد احتلال العراق وتدمير مجتمع بكامله تحت عناوين شتّى؟..كانت فكرة الفوضى الخلاّقة مغرية بالنسبة لكوندوليزا رايس..وكان لا بدّ أن تبدأ الحكاية من إيران التي أفشلت فكرة ربيع فارسي بالضربة القاضية..أحيانا كثيرة تلعب العلاقات الخاصة دورا في التشويش على حركة التاريخ...في سابق عهدها كانت كوندوليزا رايس على علاقة غرام مع شخص هولاندي من أصول إيرانية وعضو في منظمة خلق(حديث آحاد)..فشل الربيع في إيران فكان لا بدّ أن يتدحرج باتجاه العالم العربي..وذلك في محاولة للإلتفاف على إيران وبالتالي محور الممانعة، فكان لا بدّ من التضحية بالنظم التي تراءت لهم يومئذ منتهية الصلاحية في لعبة الأمم ولا بدّ من التضحية ببعضها من أجل تحقيق نتائج استراتيجية أهم..في العالم العربي كانت السياسة قد اضمحلت، والعزوف السياسي بات علامة فارقة تكشفها مواسم الانتخابات. الأحزاب متدهورة ودرجة اليأس لدى المواطنين بالغة الخطورة..في هذا المجال كانت التنظيمات التابعة للبيت الإخواني هي الأكثر جاذبية وقدرة تنظيمية ونفوذ في الهوامش والمراكز والأكثر نشاطا اجتماعيا..المراهنة على الإخوان انبنت على أساس أنها الجماعات القادرة على شدّ عصب المجتمع وإعادته للسياسة ولكن في الوقت نفسه الجماعات الأكثر قابلية لمنح شرعية للتطبيع والحفاظ على المصالح الغربية..ومن ناحية أخرى الجماعة التي تحتفظ بحساسية عميقة ضدّ الممانعة..اعتقد خبراء سيكولوجيا الجماعات الوظيفية بأنّ الإخوان لهم طموح للسلطة مع تنامي جنوح للانتهازية وتضخم كبير لعقدة ستوكهولم مما نتج عنه قابلية للاحتواء..فمرسي الذي كان على رأس جمعية لمكافحة التطبيع هو نفسه الذي تمدّح بإسرائيل وزعيمها أنذاك في رسالة مشهورة..كان الغرض من التمكين للإخوان في مصر وسائر بلدان الربيع العربي هو عزل سوريا باعتبار أنها الهدف الأخير في تسلسل انهيار البلدان العربية..هذه القلعة الصامدة في وجه سياسات التطبيع ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية لا يمكن أن تعود إلى بيت التسويات إلا إذا نجحوا في احتوائها من قبل الإخوان..فهؤلاء إذا منحوا السلطة نسوا المقاومة..أوّل إنجاز حققه قادة بيت الإخوان في الحكومات التي مكنوا منها هو طرد السفير السوري..في تركيا أوردوغان تم طرد السفير السوري لكن تعززت العلاقات مع إسرائيل..وفي الأثناء نفسها تراجعت علاقة حماس بدمشق واقتربت أكثر مع تركيا ـ اوردوغان التي لها علاقات استراتيجية مع إسرائيل..في مصر طرد مرسي السفير السوري وعبّر عن حبّ عذري لبيريز واستمرت سفارة الكيان الصهيوني هي العنوان الضامن والمعبر عن حسن سلوك مرسي السياسي..يرفض الغنوشي وضع أي بند من شأنه إزعاج إسرائيل في الدستور ولكنهم طردوا السفير السوري من تونس..وحينما فشل الربيع العربي أن يأتي بالإخوان إلى سوريا بعد أن منح اللاعبون الإقليميون مهلة تطبيق هذه الأجندة حصل تعديل في المخطط وكان لا بد من إزاحة الإخوان فورا من مصر..صمود سوريا أدى إلى إفشال هذا المخطط..في تونس قبل الغنوشي بالتنازل عن مكتسبات كثيرة وأصبح يمضي على بياض ويلعب ضمن أجندت ما بعد الإخوان..أوردوغان بات هاربا في التراث العثماني محاولا السطو على كل السلطة هروبا من العزلة والمحاسبة..ليبيا تستعد للإطاحة بالإخوان ومن في حكمهم، وفي أقل تقدير من المكن أن ينهجوا طريقة الغنوشي في الانحناء للعاصفة والقبول بكل إملاءات عهد ما بعد الإخوان....لم يعد الإخوان مرغوب فيهم نتيجة فشل مخطط أخونة سوريا..وهذا مؤشّر على أن الغاية من أخونة الربيع العربي هو سوريا والتشويش على المقاومة وإحداث التوازن مع محور الممانعة..لقد كان الإخوان على استعداد لتسليم كل القضايا العربية للإمبريالية مقابل تمكينهم من السلطة..ولهذا تحديدا تمت إعادة تأهيلهم في مراكز التدريب على الديمقراطية وهو شكل من غسيل الدماغ..ففي لحظة ما من عهد الفتنة أصبح كل من ينتمي للبيت الإخواني يتحدث لغة برنار هنري ليفي وجان ماكين..سوف تكون جريمة سوريا الكبرى هي أنها صمدت وفضحت هذا الربيع الكاذب، الذي بدأ ورديّ المظهر ثم سرعان ما كشّر عن أنيابه..إنه ليس من الطبيعي أن يبدؤوا الربيع العربي باستعمال داعش، كان لا بد أن تبدأ اللعبة ببراءة.. مظاهرات بدأت وانتهت موضوعيا بينما ظلّت حيّة على شاشات الإعلام الحربي محرّضة على الفوضى قبل إقحام جيوش جاهزة و جرارة من الشيشان وسائر الأفغان العرب...كان أحرى أن يسموه ربيعا شيشانيا في بلاد الياسمين..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78905
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16