• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : مرحباً أيُّها الأقرع قصة: محمود نجم الدين .
                          • الكاتب : جمعة الجباري .

مرحباً أيُّها الأقرع قصة: محمود نجم الدين

ترجمة: جمعة الجباري

 
- اتركني، هيا اتركني.
- اتركوها. تفضلي بالجلوس ايتها الانسة الصغيرة.
- لستُ بالصغيرة.
- اعذريني آنستي لقد كنتُ أمزح.
- لاتمزح مثل هذا المزاح معي.
- اعتذر مرة اخرى.
- نساران..
- ارجوك يا أبي لاتتكلم أنت.. ارجوك، ارجوك..
- حسناً حسناً، انا لن اقول شيئاً.
- عمي الحبيب دعها هي..
- نعم أنا.. أنا اقدر...
- هكذا اذن؛ أنا مصغٍ.
- نعم يجب ان تصغي، اذا لم تصغي ساكسرُ رأسك الاقرع هذا.
- ها ها ها ها..
- هل تضحكُ علي ؟
- لا، بل برأسي الاقرع.
- هي هي هي... هيا ايها الاقرع...
- هيا ماذا؟ انا منصتٌ لكِ انتِ !
- لا، بل انتَ احكي لي كيف اصبحتَ اقرعاً هكذا؟ بماذا تساقط شعرُك؟ هل تستعمل الجل ؟ أم نمتَ مثلي في احد الليالي واستيقظت في الصباح...
- نعم، وماذا بعد ان استيقضتَ من النوم؟
- لم أقل تكلم أنت.
- ئاه، حسناً لقد نسيت، عندما كنتُ شاباً كان شعري كثيفاً جداً، ولكن بعد ذلك تساقط شيئاً فشيئاً، كنتُ اهتمُ بنفسي كثيراً، وكنتُ منشغلاً دائماً بسرح شعري، وكنتُ استعملُ الجل والكريم بكثرة، وهكذا تساقط شعري شيئاً فشيئاً، الى ان وقفتُ امام المرآة في يوم ما، ونظرتُ الى نفسي، فرأيتُ الصلعَ بناصيتي. وهكذا اصبحتُ بما انا عليه الان.
- ألم يكن ذلك صعباً عليك؟
- في البداية قليلاً، الا انني تعودت عليه بعد ذلك. والان احس بانني جميلٌ هكذا ايضاً، وليس عندي اية مشكلة.
- ها ها ها.. ترى نفسكَ جميلاً، ولكن هذا غير صحيح، فانتَ قبيح و مقزز. رأسكَ يشبه الكرة ها ها ها..
- ها ها ها وما مشكلتكِ أنتِ؟
- أنا ؟ لاشىء.
- كيف لاشىء. ألم يكن مقرراً ان نفرِّغ همومنا لبعضنا البعض؟
- نساران، يا ابنتي الحلوة.
- ارجوكَ ابي، ارجوك.
- عمي الحبيب اذهب الى الشرفة لاستنشاق هواءٍ نقي.
- حسناً. حسناً.
- أتعرفين يا نساران أنَّ اسمكِ رقيق جداً.
- أنا نفسي جميلة و رقيقة، ولكن...
- ولكن ماذا ؟
- لا أعرفُ لماذا صرتُ هكذا ؟
- ماذا حصل لكِ ؟
- أتعرفُ انَّ طولي كان مئة واثنين وثمانين سنتمتراً؟! وكنتُ رشيقة ونشيطة. كنتُ جميلة جداً، كان هناك رجالٌ يتقدون حسرة من جمالي، جعلتُ رجالاً مرموقين يبولون على انفسهم، كان ديرسيم واحداً منهم.. كنتُ نائمة على السطح في احد صباحات الصيف، رفع هواءٌ قوي فستاني؛ فظهرت رجلي الى حد فخذي، وحين استفاق ديرسيم في تلك اللحظة ورأى فخذي هكذا؛ بال على نفسه. جعلتُ الكثيرين يبولون على انفسهم. في بعض الاحيان، كنتُ انظرُ الى جسمي العاري في المرآة ؛ فكنتُ ابول ايضاً على نفسي من شدة اللذة، في احد الليالي الشتوية الباردة، كانت الثلوج هاطلة بغزارة، غطيتُ نفسي بلحافين اثنين، وتكورتُ تحتهما، ومن شدة البرد لم اكن اجرؤ على اخراج اصبع رجلي من تحت اللحاف، وفي الصباح حين افقتُ من النوم، لم اشعر في البداية بشىء، ولكن حين رأيتُ نفسي في المرآة المعلق امام المغسلة، رأيتُ ان قامتي قد قصُرَتْ. فصرختُ على الفور، فهرع ابي وأمي واخواتي اليَّ وقالوا: ماذا حدث؟ ماذا حدث؟ هل خفتي يا ابنتي؟ ماذا رأيتي؟ فوقعت أمام المغسلة، كانت أمي تقول باستمرار: هل خفتي... فقلت باكية: الا ترين ماذا حلَّ بي؟!
- ماذا حلَّ بكِ يا ابنتي الحلوة! مازلتِ مثلما انتِ، لم تتغيري!
- كيف مثلما أنا ! أين قامتي الممشوقة؟ وأين سُحنتي المشرقة! لقد صرتُ قصيرة، قصيرة مثل يأجوج و مأجوج في حكايات جدتي، كانت جدتي تخيفني في صغري، وتقول لي: اذا لم تتعقلي فان يأجوج ومأجوج سوف يهجمان عليكِ و يُشوِّرانكِ، لم اسمع كلامها، لهذا حصل لي ما حصل. جعلتُ كل هؤلاء الرجال المساكين يبولون على أنفسهم، وها قد جُرِّدتُ من قامتي الفارعة وجسمي الجميل و سحنتي المشرقة. يا الاهي ماذا حصل لي؟ يا الاهي، يا للهول، يا الاهي...
- يا ممرضة، يا ممرضة، يا ممرضة.
- نعم ، نعم يا دكتور برويز.
- اضربوها ابرة بسرعة.
- يا ابنتي الحلوة.
- من قالَ لكم بان تدخلوا؟
- ولكن يا دكتور انها تصرخ.
- فالتصرخ
- ابنتي يا دكتور..
- كن مطمئناً
- هي الان فاقدة للوعي، ماذا نفعل بها يا دكتور؟
- خذوها الى الطابق الثاني، الصالة B
- این تأخذون ابنتي؟
- يا خالة، انها تحتاج الى الراحة ويجب ان تبقى في المستشفى، وحالما تتحسن صحتها؛ سنكتب لها العلاجات المناسبة لتعود الى حالتها الطبيعية شيئاً فشيئاً.
- اعطني الامل يادكتور.
- تجلَّد يا عمي، سنفعل كل ما بمقدورنا.
- ياعمي صالح، اسمع كلامي فالحياء عبءٌ ثقيل، دعها لي ولاتتدخل انت، فقط اغمظ عينيك و تجلد بالصبر لفترة حتى نتجاوز هذه المحنة.
- أفناكم الله، بدل ان تواسوني وتساعدوني؛ تريدون ان تقطعوا كبدي؟!
- ياعمتي، الاقرباء لم يتفوهوا بكلام سيىء، وانما هو من مصلحة الجميع.
- القذارة بقبور اجداد الاقارب، انهم يريدون خراب بيتي.
- كفى يا امرأة، يكفي عدم الاحترام.
- دعها يا عمي، هي الان حامية وستتعود.
- سأخبركم بالحماوة، والله ساذهبُ اليوم الى مركز الشرطة واشتكي، ماذا فعلت ابنتي؟ ماهو ذنبها؟
- ستَحُلُ هذه العجوز كلَّ ما غزلته.
- اعذروني فانتم ملأتم المستشفى بالضجيج، هلا ذهبتم انتم الى البيت وتبقى امها لوحدها هنا.
- ولكن يا دكتور قلبي لا يطاوعني.
- كن مطمئناً يا عماه.
* * * * * *
    - مرحباً كيف حالكم.
    - مرحباً بكَ يادكتور برويز.
    - شكراً ايتها الممرضة، كيف حال مرضانا؟
     هل نساران بخير؟
- مازالت نائمة.
- جيدجداً، حسناً، انا ايضاً مرهق وساذهب الى البيت.
- رافقتكَ السلامة يادكتور برويز.
- الله معكَ يادكتور.
* * * * * * *
- مساء الخير.
- حمداً لله على عودتك يادكتور.
- شكراً ياسيدتي اشتقتُ اليكِ، اعطني قبلة.
- تبدو مرهقاً يا عزيزي؟
- مرهقٌ جداً يا امرأة.
- طبختُ لكَ البرياني، اشبَع واستحمْ واخلد الى النوم.
- سلمتْ يداكِ ياسيدتي الجميلة.
* * * * * * *
     - يا امرأة يا امرأة...
     - ماذا حصل، ماذا حصلَ عزيزي دكتور هل رأيتَ حلماً مزعجاً؟
     -  لا أي حلم، بل حقيقةً.
     - حقيقة ماذا؟
     - شعري شعري.. لقد بدأ شعري بالنمو.
     - اين؟ لم يحصل شىء مثل ذلك يا زوجي الحبيب مازلت كما انت لم تتغير.
     - ماذا، لم يحصل شىء! كيف مازلتُ كما كنت؟ فمسحَ بيده على رأسه.. 
       هاهو ذا، شعري نامٍ.
- دقيقة واحدة عزيزي برويز سآتي حالاً.. ألو ألو الحقنا يا دكتور آسو فبرويز حالته سيِّئة جداً.
- خيراً، ماذا حصلَ يازوجة اخي؟
- لا أعلم، فبرويز يصيح ويقول انَّ شعره قد نما من جديد.
- ماذا؟! سآتي حالاً، خمسُ دقائق وسأكون في بيتكم.
- ماذا حصل يا دكتور برويز، مابك يا أخي؟
- لقد نما شعري من جديد يا دكتور آسو!
- لا يا اخي فمازال شعرك كما هو.
- لا يا اخي فانت لا تراه، فها هو نامٍ من جديد.
- راقبه يا زوجة اخي.
- ألو من الخفر؟ أنا الدكتور آسو، أبعثوا بسيارة اسعاف فوراً الى منزل الدكتور برويز.
- ماذا حصل يا دكتور آسو؟ ماهذا الصراخ؟
- ليس الوقت ملائماً لذلك الان، ارسل الاسعاف فوراً.
- نعم حسناً، فوراً.
         * * * * * * *
- تنحوا جانباً وافسحوا الطريق.
- ماهذا؟ ماذا حصلَ للدكتور برويز؟!
- تدهورت صحته، حالته خطيرة.
- شعري يا دكتور آسو، شعري.
- حسناً حسناً، يا عزيزي برويز، ارى ذلك لقد اصبحتَ وسيما جداً.
- اضربوه ابرة فوراً، وارسلوه الى الصالة رقم A 
- مرحباً يا عزيزي الاقرع.
- لعنكِ الله يا نساران.
- ها ها ها لا تغلق النافذة يا اقرع.
- اللعنة عليكِ اللعنة عليكِ، أين انتما يا دكتور آسو و دكتور هندرين؟ أحضرا حالاً وابعدا هذه المجنونة عن النافذة.
 
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78863
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28