• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دمُّ الوطن!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

دمُّ الوطن!!

 الكتابة عن الدماء التي تتدفق كل يوم من عروق الأبرياء في مدننا كافة وبلا إستثناء , وجيع أليم على سكة المرارات والويلات والتداعيات القاسية , والتوجهات الآثمة الداعية للفتك بالناس أجمعين.

 
فالذين يُقتلون ليسوا أرقاما أو أحجارا , إنهم بشرٌ بدم ولحم وعظم وروح وقلب ونفس وفكر وإرادة , إنهم من بني الإنسان الصادق الشريف الطيب المكابد , الذي يسعى للحفاظ على آدميته وإنسانيته وكرامته.
 
إنهم أبرياء أنقياء يبحثون عن لقمة العيش الحلال , التي تؤمّن لهم ولأطفالهم وذويهم ما يساعدهم على البقاء , متمتعين بأدنى الحقوق التي يستحقها الإنسان في أي مكان في الدنيا.
 
إنهم أناس لهم آباء وأمهات وأبناء وبنات وأخوة وأخوات وأزواج وزوجات , وهم طاقة حضارية إقتصادية وقوة وطنية لا يجوز التفريط بها , والتقليل من قيمتها ودورها في صناعة الحياة.
 
ولا يمكن للإنسان البريئ أن يكون ورقة سياسية أو طحينا في مطحنة التفاعلات والتجاذبات , ما بين الأحزاب والقوى والتكتلات التي تدين بمذهب الكرسي , والإمعان بالجشع والتبعية والفساد.
 
إن الإنسان قيمة كبرى وعليا في الحياة , وهو حرّ كريم يحمل رسالة المحبة والخير والتطلع نحو المستقبل الأفضل.
 
وفي كل مجتمع هناك أشرار , ولا يمكن أخذ الأخيار الطيبيين بجريرتهم , ولا يجوز التضليل والخداع والإيهام والتعميم , وإنما يجب وفقا للقانون الإنساني العادل , أن تؤخذ كل حالة بما فيها وما عليها.
 
إن ما يجري في بلدٍ تشابك مواطنوهُ على مرّ العصور وتواشجوا وتزاوجوا , وتفاعلوا بآليات حضارية راسخة جامعة , لا يمكن قبوله والسكوت عليه.
 
فلماذا يكون قتل الإنسان سهلا في أكثر بلداننا؟!!
ولماذا صار قتل العربي المسلم سلوكا عاديا لا تهتز له شعرة واحدة في رأس المجتمعات البشرية؟!!
لماذا يموت الناس بالجملة , وتحترق البيوت وتتحول إلى خراب , وكأن الأمر عادي ومكرور , ولا يستأهل النظر؟!!
ألف لماذا ولماذا؟!!
 
فهل أن العرب يهينون أنفسهم , والمسلمون يحرقون وجودهم , وجميعهم سيتحولون من كونهم بشر إلى حشر , وآفات ضارة ومعادية للحياة , إنطلاقا من بلدانهم إلى بلدان الدنيا كافة؟!!
 
ولا يمكن لمجتمع يهين مواطنيه ويحسبهم بلا قيمة أو دور , ويعتقلهم ويعذبهم ويشردهم , وينال من أسباب وجودهم ومبررات حياتهم , أن يتوقع من الآخرين خيرا مما يقوم به ويفعله تجاه مواطنيه.
 
فقيمة الإنسان في وطنه تحدد قيمته ومعناه في أي مكان يحل فيه.
 
إنه لمن الموجع حقا , والمحزن شديدا , أن يسقط الإنسان مضرجا بالدماء , والأحزان والحسرات والخسران , كل يوم , وأصحاب الكراسي في صراعاتهم منهمكين .
 
ولو أن نسبة ضئيلة جدا مما يحصل قد تحقق في مجتمع آخر لإنهارت الحكومة وهاجت العباد , لكن الشعور الوطني ربما في مأزق , والإنسان قد تم تجريده من دلالاته البشرية , وصارت الحياة ليست من حقه , وإنما من واجبه أن يموت , لكي يتمتع بالحياة الطيبة مَن يريدونه أن يفعل ما يقولونه له وحسب!!
 
وكم آهةٍ صادقةٍ أصيلةٍ قد إخترقت آفاق الأكوان , وزعزعت النجوم والكواكب والأركان؟!!
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78684
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28