• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هذه فلسفتي 7 .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

هذه فلسفتي 7

الرغبة في السفر العقلي تقدحها ماهية كائن وجد في قلب عالم أحكمت شروطه سلفا..وجد هناك بتعبير هيدغر أو وجد من خارج كما هي حكاية الوجود وفق الميتافيزقا اليونانية ومن بنى عليها..وحيث وجد ضمن شروط لم يشهد عليها كان لا بد أن يتدارك ماهيته الأخرى، الولادة الجديدة لذات سعى لتجاوز وجودها المعطى..البحث عن الإنسان الكامل..ما يعطي فكرة عن إحساس بأنّ الانوجاد هو محض إمكانية داخل الوجود لكائن وجد ليرقى أو يضمحل..وما دون الإنسان الكامل أو من يتمثّل حقائقه هو منفصل عن الشجرة الكونية لا محالة..كائن كادح..متطور في معاشه وروحه وعقله..من ارتضى مكانته الأولى في الوجود لن يغني عنه تطوره في مناحي ظواهر العالم..ومن أخطأ السير باتجاه الشجرة الكونية لن يشفع له تعلمنه أو تديّنه، لأنّ المطلوب أكبر والسفر أبعد والغاية قصوى..أيها الكائن الذي يزعم أنه وصل وأنّى له الوصول ببغراوند الفكر اليومي أو وتجارب يشاركه فيها من هبّ ودبّ في العالم السفلي..فللوصول آيات يشرق لها الوجود وترقى بها النفوس ولا يستوي فيها من يعلم ومن لا يعلم في المعرفة والوجود..وهلاّ اقتحمت العقبة وصعدت في مدارك السفر حتى غدا صدرك حرجا كأنّك تصّعّد في السماء..ما أسهل السقوط حين نستسهل أمر الوجود ومراتبه..وحين يجهل الكائن ويتجاهل هاربا من حقيقة وجوده، فإنه يبدو حالة مزرية في وجود يبدو كله أصيلا إلاّ وجوده.. يصبح الكلب والبقر أصيلا لما هي عليه حقيقتها وماهيتها ووظيفتها القصوى في الوجود..يصبح أي شيء حتى أنّه يولد في مرآت..كما يراه الآخر لا كما يرى نفسه..ويبقى على تلك الحالة من وهْم الذات حتى أرذل العمر.. وما لي أراك بعد كلّ هذا تستشكل على داروين إن كان أصلك نبتة برّية أو لك مع الشامبانزي علاقة عمومة وخؤولة..فلئن كان هذا نصفك الأدنى الذي يجذبك إلى أسفل سافلين فاجعله سيد الأدلّة على أصل الأنواع..ولا أرى المدنية هي من تكفّل بتهذيب هذا الكائن حين يخلد لبعده القردي..فمع تغليب قرديته يعانق نوعه مسخا أو فسخا أو نسخا..ذلك لأنّ حكاية الجسد ليست هي المنتهى..وليس متاحا لابن عمّك الجسدي أن يسافر عقليا حيث شجرة الكون..ولكن حينما تبارز هذه الإمكانية بالعناد فمأواك العودة إلى قبيلة أبناء عمّك الذين سيكونون على أصالة من نوعهم ولن تكون إزاءهم إلاّ مسخا..أنت قرديّ إن لم تحسن المشيء رافعا هامتك إلى السّماء..أنت قردي إذا لم تجد في ذاتك جنوحا للاكتشاف والإبداع وسرت على مذهب أبناء عمّك في التقليد البليد..أنت قرديّ إذا هربت فيما تدلّى من صور لن ترقى بك في الوجود..أنت قرديّ إذا لم تشرق روحك وعقلك وتكون لك في الوجود شؤون..أنت قرديّ إذا أصبح مزاجك يشبه مزاج القردة في فقدان مسؤولية التطور باتجاه اكتساب درجة الأنسنة..أنت قردي بقدر استشعارك الامتلاء الواهم بوجود خادع لا يتجاوز المرحلة المرآوية وفق مفهوم جاك لاكان..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78364
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28