• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : عِـلّـة وجـوُد .. أبَـا الـفَـضْـلِ الـعـبّـاس ( ع ) .! .
                          • الكاتب : نجاح بيعي .

عِـلّـة وجـوُد .. أبَـا الـفَـضْـلِ الـعـبّـاس ( ع ) .!

  قال أمير المؤمنين ( ع ) لأخيه عقيل : \" انظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا \" . / كما في عمدة الطالب ، وفي خبر: \" لكي أصيب منها ولدا يكون شجاعا ً وعضُداً ينصُرُ ولدي الحسين ، ويواسيه في طفِّ كربلاء \" .

فقال له عقيل: تزوج يا أمير المؤمنين أم البنين الوحيدية الكلابية , فانه ليس في العرب أشجع من آبائها ، فتزوجها علي (ع)...)).

أنّ في إعادة قراءة الرواية الآنفة الذكر , قراءة ثانية متأنيّة , والنظر والتمعّن في آفاق مرامي طلب أمير المؤمنين ( ع ) من أخيه عقيل في أمر التزويج , تتجلّى لنا عدّة أمور مُسبّبة , لعلة مشورة الأمام (ع) لأخيه عقيل منها : 

1ــ أنّ مشورة الأمام ( ع ) لا تتعارض مع مقامه العلمي الفذ , وهو القائل \" سلوني قبل أن تفقدوني \" وهو القائل أيضا ً \" لولا آية في كتاب الله , لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن , إلى يوم القيامة \" / البحار ج 4 , وإنما هو من باب التنزّل والتواضع للأمّة , وعدم الاستفراد بالأمر , وهو أدب قرآنيّ جم , حيث ورد في كتاب الله العزيز \" وامرهم شورى بينهم \"/ شورى 38 , وهو حضّ الأمّة وارشادهم وتعليمهم , نحو مزاولة اتخاذ القرار , إصابة للهدى المُفضي الى الرشد , وقد روي عن النبيّ ( ص واله ) أنه قال : \" ما من رجل شاور أحداً إلاّ هدى إلى الرشد \" .

2- بيان لحكم شرعي انفرد به أمير المؤمنين (ع) . فالأمام تزوج بأم البنين بعد وفاة فاطمة الزهراء (ع) , لأنه لا يجوز عليه الزواج من غيرها في حياتها (ع) بلحاظ عدم ترك الأولى . فلا كـُفئَ لسيدة النساء (ع) في حياتها إلا ّ أمير المؤمنين (ع) .

3– إشادة بطـُهر أم البنين (ع) وأنها من سلالة طاهرة , , لأن مولوداً بهذه الصفات ( أبا الفضل العبّاس ) لا يأتي الا من رحم ٍ طاهر . ولا غرو أن نراها تعلن وتجاهر بولائها لبيت النبوّة المتمثل بدار أمير المؤمنين , حينما دخلته بعد وفاة سيدة النساء الزهراء (ع) , حيث نراها ترفض ان تدخل البيت الاّ خادمة , عرفانا ً منها بمقام الزهراء (ع) أولا ً, وبمقام أمير المؤمنين وبمقام الحسنين (ع) . لذا خصّها الله تعالى بمقام شامخ وجعلها باباً للحوائج , كما خصّ ولدها العباس (ع) وجعله بابا للحوائج وملجأ ً للمهمات لكل من قصده .

4- إشارة وتوجيه للأمّة , انّه لو خلُصت النيّة , بإصابة وَلد دون البنت من هذا التزويج , سيكون كذلك بأذن الله تعالى . أو انّ التي ولدتها الفحول ( فاطمة الكلابية ) لا تلد الا ّ غلماناً بأذن الله .

5– إشارة الى ان هذا المولود سيكون قويّ الأيمان ثابت الجأش , وعلى بصيرة من أمره , وأنه سيهتدي بالفطرة الى الحقّ ويعرفه , وسيستأنس به ويلازمه ولا يفترق عنه . وبالفعل عرف العباس (ع) الإمام الحسين (ع) منذ نعومة أظافره , أماما ً مفترض الطاعة و قبل أن يعرفه أخاً . وليس غريبا ًأن نراه على رأس تلك القلة القليلة , عضداً للحسين (ع) في طفّ كربلاء , حتى آخر قطرة من دمه الطاهر (ع) .

6- الكشف بما لا يقبل اللبس , من أن الثورة الحسينية , قد جاءت وجرت بتخطيط إلهي مسبق . بدليل الإخبار الغيبي الذي تضمّنته الرواية , وتشير إلى إنّ ولده الحسين (ع) مقتول لا محالة بطفّ كربلاء \" ينصُرُ ولدي الحسين ، ويواسيه في طفِّ كربلاء \" . مع تحديد بما لا يقبل اللبس أيضا ً , القتلة والجُناة العُتاة , الذين قتلوا الإمام الحسين (ع) , وهم بني أميّة اللعناء , وعلى رأسهم يزيد اللعين , وقتل ذريته وسبي عياله . فأمر التزويج هذا كاشف عن فاجعة عاشوراء الأليمة .

7– الهدفيّة .. فالزواج هنا ليست غاية في حدّ ذاتها , وإنما كانت نيّة الأمام (ع) تتضمّن عدة مطالب سامية , تكمن وراء هدفه من التزويج , وتصب جميعها في سبيل الله. وهو أن يولد له غلاماً فارساً , ليكون بالتحديد عضُداً ينصرُ ولده الحسين ( ع ) , وينصره في طفّ كربلاء . 

فكان للأمام (ع) ما أراد . وحسبنا من نيّة ما أجلها وأعظمها , لأن خلوص النيّة وتوجهها الى الله تعالى , بمطلب سام واقع في سبيل الله, يَكشف ويُظهر مِن أنّ الإمام الحسين ( ع ) ونصرته , كانت علّة وجود , سيدنا ومقتدانا أبي الفضل العباس عليه السلام .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78332
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19