• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التوازن السياسي ومحنة صياغة الحكومة .
                          • الكاتب : عبد الخالق الفلاح .

التوازن السياسي ومحنة صياغة الحكومة

      

مؤامرة الهجوم على المنطقة الخضراء تؤكد على ان لازالت هناك تحديات داخلية واقليمية ودولية تواجه العراق في طريقه لبناء العملية السياسية، بعد خروجه من فترة الاستبداد المطلق مدى اكثر من 3 عقود سابقة ، سخر خلالها الحكم انذاك كل امكانيات البلاد لخدمة تسلطه على مقاليد الامور وتكريس وفرض نفسه على العراق. وفرق ابناء الوطن الواحد على اساس الطاعة له .
ان المرحلة الماضية التي مرت على الشعب  علمته الكثير وبداء يتعلم فنون العوم منها بشكل طبيعي من خلال الممارسات والاستفادة من السلبيات والايجابيات التي مرت بها البلاد وقد كانت تجرية غثة ومليئة بالعبر والدروس مما خلقت بعض الشخصيات السياسية البارعة في ادارة الملفات والازمات وتشخيص الاسباب والعوامل وايجاد الحلول بتجاوز الفئوية والحزبية والمصالح الضيقة ويمكن ان يستفاد منها في المرحلة القادمة لوضع مصالح الجماهير في مقدمة الاعتبارات والاهتمامات. ولاشك ان الجماهير اليوم تراقب مجريات الاحداث والشخوص لمعرفة حقيقة كل منها وكشف عوامل الزيف والحقيقة لان هذه المرحلة هي تجربة لاختيار العناصر التي تتمثل فيها الوطنية والاخلاص وحرصها على انجاز المشاريع التي ترى فيها مصلحة البلد لبناء العراق ومستقبله ومن هو يفكر في مصلحة الخاصة وداعم لعناصر التخريب وتقسيم الوطن . يبدو أن  الأزمة السياسية آخذة بالتصاعد وسط خلافات عميقة بين الفرقاء، وباتجاه معطيات قد تضع الجميع أمام تحديات كبيرة، وأمام مواقف لايمكن و من الصعب السيطرة عليها، لاسيما بعد فشل نموذج المحاصصة، وتأثيراتها السلبية في العملية السياسية ، وعلى المجتمع، فهذا الأنموذج قد فرض هيمنته على الواقع السياسي العراقي منذ ثلاثة عشر عاما ، وانعكست فرضياته على مجريات المشهد، حتى بات عمل المؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية بحسابات هذة الافة الخطرة التي نهشت الاجساد والمجتمع  الى درجة أن البعض أخذ يُروّج لها بوصفها تعبيرا عن  فكرة التوازن وكأنها تعبير حقيقي عن استحقاقات وطنية وطائفية.
هذه الصورة المُضلِلة للحالة العراقية، وجدت في نمطية الخطاب السياسي التقليدي مجالا لترويج أطروحاتها، وللقبول بها بوصفها أمراً واقعاً، مثلما وجدت في ضعف البنية المؤسساتية للدولة أرضية يسرت لتكريس التقاسم، وتدوير المصالح السياسية، وبما جعلها السبب الأكثر تأثيرا في إنتاج مظاهر الفساد والفشل والعشوائية وبطء بناء أسس الدولة الحقيقية التي يطمح اليها المواطن. كما ان
خطورة معطيات هذه الحالة تحولت الى مشكلة وطنية خطيرة قد ضعفت النسيج المجتمعي العراقي، فضلا عن تأثيراتها السلبية على تحشيد الطاقات والامكانيات لمواجهة الإرهاب البعثي والتكفيري وما تقوم به الجماعات الداعشية، وعلى مواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية التي وجدت في هذه البيئة الهشة ارضيتها المناسبة للتضخم ولتعطيل أي جهد وطني للوقوف أمام هذه التحديات. 
ولعل ما حدث من تظاهرات واعتصامات على مستوى البرلمان بعد ان شعر  الكثير من اعضائه منهم بذنبهم وصحت ضمائرهم وقرروا الانتفاضة على نظام المحاصصة الطائفية والعرقية التي كانت السبب  في كل ما حدث ويحدث من فساد وارهاب،و  لعلهم ادركوا ان الطائفية والعنصرية والمحاصصة الوظيفية التي لم يعرفها تاريخ العراق من قبل ولا تنسجم مع الواقع المجتمعي لمختلفة اطيافه.
 أما على مستوى الشارع تحول الى الموضوع الأكثر إثارة، فبقدر ما تأخذ هذه الفعاليات الشعبية بعدها الحقيقي في التعبير عن رفضها للفساد السياسي  والمالي والاداري، تدعو الى شرعنة وجود مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية تنهض بمسؤوليات البناء الوطني، وحماية الثروات الوطنية، ووضع العراق الديمقراطي الجديد على الطريق الصحيح . اخترقتها عوامل لاتريد لها الخير و تريد ان تسرق المطالب الشعبية
ان حسابات الوقت عامل مهم في التأثير على الأحداث اذا لم توجد الحلول بالسرعة نفسها ، بينها السياسية والاقتصادية التي لو تم التركيز على موضوعها بقصد التصحيح، لرأينا ان الوقت عامل من بين العوامل التي تحتاجها السياسة لانضاج فكرة ما أو حل مقترح، ويحتاجه السياسيون للتهيؤ والمناورة والاستيعاب. لكنه وفي الجانب المقابل عند المبالغة في الاحتياج لمستوى الاستغراق في التمدد سيكون له الأثر السلبي الحاصل للفعل السياسي المطلوب التعامل معه وايجاد الحلول له على النفوس التي تنتظر الحل قبل فوات الاوان ، مما يزيد من كم التعقيد الحاصل ويحول دون تحقيق الحلول المقترحة. الكتل السياسية لا تعمل بشكل طبيعي الى تطبيق قيم الديمقراطية المتمثلة بالسعي الى فرض مفردات الادارة الرشيدة وتحقيق الامال انما قيم المصالح واستنزاف الوقت ، وبغياب هذه القيم لا يكون للمؤسسات المختلفة دور فعال في تقديم الخدمات العامة، وينعكس ذلك على وهن وعدم كفاءة القطاع العام، وشل القطاع الخاص المحلي وخوف القطاع الاجنبي للدخول في الاعمال . ان الوهن والضعف والخوف المشار اليهما كانت مادة خصبة في افتعال الازمات والخلافات  القومية والمذهبية والسياسية.
 
ولو أخذنا ألازمة الحالية في تشكيل الحكومة بنظر الاعتبار والتدقيق  نجد أن موضوعها أخذت وقتا كبيرا دون وضع العلاجات المناسبة ، و وضع أصحاب الحل من السياسيين أنفسهم أمام مأزق جديد بل وأكثر من مأزق مطلوب لحله ولم تكن  وثيقة الشرف وتقديم قائمة وزراء من ترشيحات الكتل منطقية وغير مناسبة بسبب الاتكاء على الاسلوب السيئ والالتزام بصيغة هذا لك وهذا لي . ومما زاد من انقسام البرلمان وخروج الاعضاء من الكتل وارادة الرؤساء مما يكون عاملاً من عوامل تعطيل الحياة في العراق وفتح أبواب لتعقيدات جديدة. ومنها الخطر الامني والانقسامات بين الكتل نفسها .
و تعد مجموعة تعقيدات اخرى اسهمت في تغيير تمنيات الجمهور وحورت من بعض أفكاره لقبول الحلول التي قد تدفعه لرفض ما كان حلا مطروحا في الأمس والمطالبة بحلول يستصعبها السياسيون اليوم فيطلبوا وقتا اضافيا للدراسة والتفكير بغية اصدار القرار ، أن عامل الوقت مهم واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب مهم. وان احتساب الوقت لا بد وأن يكون دقيقا. والذي لم يستخدم في أزمته الحالية بشكل صحيح، بعد أن أخذ التفكير بالحلول وصياغتها وقتا يكاد يكون طويلا ودخلت فيها عوامل المراوغة بعد أن مرت الحلول المقترحة في دهاليز المناورة وقتا طويلا . والاستنتاج أيضا أن بعض السياسيين المشاركين في العملية السياسية لم يدركوا حتى وقتنا الراهن عامل الزمن بنظر الاعتبار  ولم يعوا جيدا أبعاد المشاكل التي قد تنتج عنها في التاخير، وان استمرارهم في التجاوز على الوقت عامل سلبي مؤثر في ايجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تعصف بالوطن ، ان خصوصية العراق الحالية تتطلب حل الازمة السياسية القائمة بأختيار حكومة تكنوقراطية غير محسوبة على الكتل والاحزاب المذهبية اوالقومية ، تتمتع بصفة الفريق الواحد و بمهارات عالية تتناسب وحجم التحديات التي يواجهها العراق، وأن يكون لها برنامج عمل يستند على اسس وتجارب عالمية .
 و العودة الى تشكيل حكومة توافقية على اساس المحاصصة كما يراد لها تمثل العودة الى تجارب السنوات الماضية الفاشلة ، يعني الدوران في حلقة مفرغة والمراوحة في نفس المكان



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78033
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28