• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العشق الاسطوري للزعيم .
                          • الكاتب : عباس العزاوي .

العشق الاسطوري للزعيم

 قبل  ثلاثون سنة تقريبا رأيت أمي ( رحمها الله ) وهي تقلب بين يديها بعض مقتنياتها البسيطة والاوراق الرسمية والثبوتية لافراد العائلة , فما ان وقعت عيني على صورة صغيرة للزعيم عبد الكريم قاسم كانت مخبئة مع باقي الاشياء, حتى سألتها  " شنو هاي يمه؟ " فردت وهي تنشر الصورة امامها بعد ان اطلقت زفرة شعرت انها خرجت من قلبها  " هذا الزعيم يمّه ..... هذا عبد الكريم ... هذا حبيب كَلوبنه..... كتلوه المايخافون الله!!  سالتها مرة اخرى بفضول.... لتكمل لي سرد تفاصيل هذا العشق الاسطوري الذي يغمر قلوب البسطاء تجاه رجل حكم العراق لخمس سنين فقط.... اتحبينه يمّه؟ " شتحجي انته ... لو ما هو يمّه جان اكلتنه الجلاب وظلينه بالصرايف مال الشاكرية!! اجابتني وهي تقبّل صورته وتعيدها لمكانها بعنايه.

اتذكر انها اقحمتني في فضاء واسع من الخير والطيبة والسخاء ومديات وردية  شاسعة لايستطيع احد أستيعاب شخوصها واحداثها لاسيما الذين ولدوا بعد اغتيال الزعيم , امثالي , وعاصروا بعد ذلك اشباه الرجال من البعثيين .... واخذت تحكي لي حكايات غريبة وخيالية عما كان يفعله الزعيم مع العراقيين!! جولاته التفقدية, زياراته لبعض القرى والارياف ... رئيس يجالس الفقراء!! ... ويحتسي الشاي في الشارع مع الكسبة والبسطاء... وينام على الارض! .. رئيس يموت وليس في حسابه دينار واحد...ولايملك بيتاً... هل حدث هذا في العراق ؟
بعد هذه الحادثة  بدأت أبحث عن عبد الكريم قاسم في ذاكرة الناس الكبار , ابحث عن تاريخة , افعاله ,انجازاته.. لم يطفئ شوقي ورغبتي بمعرفة المزيد عنه احد ... فأمي لاتعرف اكثر من بعض القصص التي تبدو كأساطير الاولين.. ومن اعرفهم من كبار السن لايعرفون اكثر مما تعرف هي ,كنت دائما عندما تضيق نفسي بالبعث وازلامه وحروبه واعتقالاته المستمرة للشباب... اسال نفسي  لماذا عفى الزعيم عن هؤلاء الاوباش القتلة ؟ حين كانوا في قبضته وتركهم يخططون لاغتياله وثورته المجيدة ....وفي ثورتي وغضبي احيانا كنت القي باللوم عليه في كل مايحدث لنا بسبب عفوه وتسامحه , لكن لساني لم يطاوعني يوماً على شتمه .... فمثله لايشتم.
 
 
 
بعد ذلك عرفت بان حزب البعث الفاشي كان يعاقبنا جميعا في مدينة الثورة ويضيّق علينا طوال الوقت لاننا نحب الزعيم الراحل ولان آبائنا خرجوا بمظاهرات كبيرة ضدهم يوم اغتياله.. يوم اغتيال حلمنا ,اغتيال عيدنا الذي لم ياتِ بعد ذلك ..... لانه قتل صائماَ ... وبقي الايتام والمحرومون والشرفاء في مدينتي سنين طويلة ينظرون بعيون دامعة صوب جسر القناة, لعل سيارة الزعيم تاتي اليهم .... لكنها لم تأت.
 
 
 
قتلوه لانه ليس عميل وتابع مثلهم .... قتلوه لانه يحب الفقراء والمساكين... لانه قاسم الناس الخبز والبؤس والالم ... قتلوه لانه الزعيم عبد الكريم قاسم ....... لك كل الحب والدموع سيدي.
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7776
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29