• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قضاتنا.. حماتنا!! .
                          • الكاتب : فالح حسون الدراجي .

قضاتنا.. حماتنا!!

نحن الصحفيين أقوى خلق الله في الحق.. نهز العروش، ونرعب الطغاة، ونرهب الفاسدين، ونذل الجبابرة، لكننا في نفس الوقت أضعف خلق الله، حين تضعنا الأقدار في فوهة مدفع الباطل.. أو تسلم أعناقنا المنايا لسكين جزار سافل!!
ونحن الصحفيين كالصقور التي يتغنى بها الشعراء، ويتشبه بها الفرسان، ويتباهى بها الأثرياء، لكن رأس كل صقر فيها مطلوب لألف صياد، فلا يعرف في أي مكان او زمان سيصاد. لذلك قال عنهم الروائي، والصحفي الكبير غابريل ماركيز في حديث لصحيفة إلـ (تيمبو) الـكولومبية:
(الصحفيون صوت الشعب السري الذي يبحث عنه المخبرون.. ولسان الوطن الذي يتسابق الطغاة مع سيوفهم على قطعه)!!
وأنا أقول أيضاً: الصحفيون مثل السمك المذموم.. يتلذذ بطعمه الآكلون، ويذمه الجاحدون بعد الأكل، فيسمونه (السمك الزفر)!!
ولعل المشكلة التي يعاني منها الصحفيون في العراق، وربما في الوطن العربي أيضاً، ان المسؤول في الدولة، لا يقرأ ما يكتبه الصحفي، إلاَّ عندما يكون الأمر متعلقاً بشخصه الكريم: مدحاً كان، أم قدحاً!. فإن كان مدحاً، فالأمر يمضي دون تعقيب.. ودون أية ردة فعل، أما إذا كان قدحاً فإن هذا المسؤول، وكل حبربشيته سيقلبون الدنيا عليه كي يجدوه (ويتفاهموا) معه حول ماكتب، ومن أجل أن لا يكتب بعد ذلك، خصوصاً إذا كان قد وعد القارئ بحلقة جديدة، أو بمقال لاحق، أو بتتمة للمنشور، بينما بالأمس كان يلاقي الصدود، والتطنيش من المسؤول أو من مدير مكتبه! ونفس الشيء يحدث بين الصحفي ورجال الأعمال، أو أصحاب المال، حيث يسعى الصحفي بكل ما يملك، لاسيما رئيس التحرير او رئيس مجلس إدارة الصحيفة الى لقاء (الحجي)، وهو لا يريد أكثر من إعلان لجريدته تتكرم به إحدى شركات (الحجي).. ويقيناً أن هذا الأمر مشروع وطبيعي، وجارٍ في كل (دول الله)!!
لكن الجواب يأتي دائماً: الحجي مسافر، أو الحجي عنده أجتماع، أو الحجي طالع. ولايأتيك الحظ والسعد، وتلتقي جناب (الحجي)، إلاَّ عندما تنشر إحدى الصحف، او أحد المواقع خبراً سيئاً عن (الحجي)، او حين يكتب أحدهم مقالة (يشرشح) فيها الحجي، عندها فقط تنفتح أبواب الحظ امامه، فيرن هاتفه منذ الساعات الأولى للصباح، ولن يكون غير جناب (الحجي) على الخط، حيث يطلب بنفسه ان يتكرم الصحفي بزيارته في البيت، وليس في المكتب فحسب، وساعتها سيغمره الحجي بدفء مشاعره، وكرم ضيافته، ولن يتركه إلاَّ وهو يتناول الغداء معه على مائدة واحدة!! وطبعاً فإن جنابه سيعطيه مقدماً (فلوس) الإعلان الذي سينشره على شكل تهنئة في الصفحة الأولى من جريدته، ولأن المناسبات الوطنية والدينية غير متوفرة ذلك اليوم فإنه سينشر لجنابه تهنئة بمناسبة عيد الشجرة، أو بمناسبة يوم (الإطفاء) العالمي!
أما الموضة التي بدأ سياسيونا يمارسونها هذه الأيام بإصرار عجيب، فهي إقامة الدعاوى على الصحفيين، وأصحاب الصحف، لمجرد أن يكتب الصحفي: أن بدلة أسامة النجيفي البيضاء تشبه بدلة السيد أردوغان، أو أن حيدر الملا يفضل الفستق على الجاجيك. وقد ترفع النائبة الفاتنة ناهدة الدايني، أو النائبة لقاء وردي الأشد فتنة من زميلتها الدايني، (وأقصد بذلك جمالها، وليس فتنتها الطائفية)!! دعوى قضائية ضد الصحفي لأنه كتب: أن عارضة الأزياء الإيرانية (ماهلاغا جابري) التي هي اجمل أمرأة في العالم حسب آراء المختصين بالجمال، (ربما ربما) هي أحلى من هاتين النائبتين الحلوتين!! وهكذا تأتيه الدعوى راكضة!!
لذلك تجدون (داعيكم أبو حسون، مصلوخ بعشرين دعوى نشر) ولو كان القضاة العراقيون قد حكموا للسياسيين المشتكين عليَّ، بما طلبوا في شكاواهم الظالمة، لما تمكنت من دفع الغرامات، والتعويضات المطلوبة، حتى لو بعت ولدي حسون في السوق!!
لكن الله الرحمن الرحيم قد رأف بنا، فجاء لنا بقضاة عراقيين، شرفاء نزهاء، عادلين، منصفين، وطنيين، أحرار، وديمقراطيين بحق وحقيق (مو ديمقراطيين بس بالإسم)!
فوقفوا معنا وقفة حرة شريفة، وهم بذلك يقفون مع الحق، ومع القانون الذي يكفل للصحفي حرية التعبير.. ويقفون مع المواطن العراقي (الماكول من هالفچ لهالفچ). وهم بهذا الفعل الشجاع، الحر، المتفهم لموقف الصحافة الوطني الرقابي، يمارسون فعلهم القضائي، ويؤدون دورهم الوطني، الداعم للنزاهة، وليس تعاطفاً مع الصحافة، كما يظن البعض..
دعوني أشهد، وأعترف أمام الناس جميعاً، وأقول، بأننا محميون، ومسنودون، ومدعومون، برعاية الله أولاً، وبقوة الدستور، والقانون ثانياً، وبحماية القضاء العراقي، المتمثل بقضاتنا الأبطال، الذين وقفوا بصلابة مع الحق، فلم ترهبهم أسماء المشتكين، ولا ألقابهم الطويلة، أومناصبهم (العريضة). فألف شكر لقضاتنا الشجعان، الذين حمونا من حيتان السياسة، والمال الحرام!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77045
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20