عندما تؤدي بعض الدول دور الأب فأنها بشكل او اخر تتقاطع مع ماتسعى اليه الديمقراطية ولكن مالذي يحصل عندما يكون هذا الأب بحسب الموروثات مستبدا او متفردا او طاغية ..؟ 

على ان الدول التي اختارت الديمقراطية ستعمل على تحقيق مفهوم الدولة المغاير للمفهوم الأبوي كي تمثل الديمقراطية تحولا في المفاهيم والتطبيقات ولكنها ستواجه اشكاليات الارتداد والازدواجية والترقيع ايضا ذلك لان اختيار الديمقراطية في الأصل ضرورة تاريخية وليس محض شعار او دعاية .

ان البحث عن دولة غير مستبدة ١٠٠٪ دفع بعدد من المفكرين  والفلاسفة الى تصورات مثالية قبل ان يكتب أفلاطون جمهوريته وبعد ان شُيد الفارابي مدينته الفاضلة فالتاريخ زاخر بالاحلام المستحيلة ! 

ذلك لان مفهوم الدولة ذاته يتضمن تعقيدات كبرى من يقود ومن يتحكم بمصائر السكان او الشعب وماهي الفلسفة القائمة عليها الدولة لان هذا التسلسل له دوره في بناء الدولة من الأعلى الى القاعدة وليس من الأسفل الى الرأس .

ففي المجال الاول ثمة احادية لها آلياتها المركزية ولها تسلسلها الذي يؤدي النظام الهرمي، اي الى التفرد بالسلطة وفي المجال الثاني ينتخب الشعب قيادته الأكثر كفاءة وقدرة على تحقيق متطلبات الأغلبية .

فهل نحن دولة وجدت نفسها تسعى الى تحقيق الديمقراطية بعد عقود من الأنظمة الاستبدادية وحكم الصوت الأوحد ام ان الشعب وجد في الديمقراطية الأسلوب المناسب لتجاوز مراحل العبودية ومنح الشعب حرية بناء دولة تعددية ضامنة لحقوق الجميع وقائمة على القوانين ..؟

وهنا تحديدا ستواجه الديمقراطية معضلات حقيقية في العبور من الاحادية الى التعددية ومن الاستبداد الى الحرية ومن التعصب الى المرونة ومن القسوة الى الشفافية نحو مجتمع يدرك انه ازاء بناء مؤسسات يديرها أفراد يؤمنون بأن المعرفة  والكفاءة ، والتضحية لن تتحقق بسلاسة بوجود عقبات لا تحصى تركتها العهود السابقة ، ولعل ملفات الفساد وهدر المال العام وضحايا العنف وبروز زمر مازالت تستخدم التصفيات واساليب الطغاة والاحتكار والممارسات الاخرى غير الشرعية وغير الانسانية وغير الحضارية ... الخ مجتمعة ستشكل عائقا او تحديا حقيقيا لأي  ممارسة ديمقراطية حقيقية كي يتحتم على البرامج الديمقراطية ان تبذل جهودا جبارة ونبيلة لتحقيق العدالة وكرامة الجميع .

 

العراق - بغداد