• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) .
                          • الكاتب : د . السيد حسين البدري .

سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع)

 الغريزة المتأصلة في نفس الانسان للدراية والمعرفة حقيقة ثابته، خصوصا فيما يرتبط بالكشف عن اسرار الانسان المودوعة في اعماق نفسه او الزمن، وكثيرا ما ترجع اسئلة الانسان عن نفسه الى ثلاث جمل: من اين اتيت؟ وما المطلوب مني؟ والى اين سوف اذهب؟ وقد تعددت الكلمات والمقالات في الجواب، وخلاصتها الى فكرتين:
الاولى: من المادة ولا شيء غيرها، والمطلوب تحقيق الذات فيها ولا شيء ورائها، وثم العودة إليها والفناء ولا شيء بعدها.
الثانية: ان الله هو خالق الانسان وليس له شريك، والمطلوب الوصول الى الكمال بالعلم والعمل عن طريق: اتباع تعاليم الخالق والسعي وعدم التهاون ؛ فان كل انسان يأدي امتحانه في هذه الدنيا، وثم من وراء الدنيا الآخرة وفيها يعطى جزاء عمله ومقدار صلاحه بتصديق عمله لعلمه.
وعملية الوصول الى الواقع ومن ثم النجاح تحتاج اولاً الى معرفة صحيحة عن الكون والحياة، وثانيا فطرة سليمة وغير مريضة يمكنها التحرك نحو هذا الواقع.
وكل فرد تدعوه فطرته وعقله الى سلوك “طريق الوصول” ولا يستثنى احد، وعلى مر الزمن ووجود الانسان تتكرر هذه التجربة لكل فرد رجل او امرأة شاب او كهل او معمر، ولم يترك الانسان وحده ليخوضها بل ارسل الخالق الانبياء والرسل ليُدَلّوا الانسان على افضل طريق واسهل سبيل للخروج بالنجاح والفوز، والابتعاد عن التَّيْه والخسران.
ولم يتبق من تجارب السابقين إلا القصص وبعض الآثار وفيها امرين: الخِبرة، والعِبرة. وهي بالإضافة الى كلمات كتاب الله عز وجل ونبيّه الاكرم (ص) واهل البيت الطاهرين (ع) تكون اقصر طرق المسير في “طريق الوصول”. ويُختصر له الطريق خصوصا بعد مرور الزمن الطويل وتراكم مواريث العلم والحكمة وفيها اجوبة عن كثير من اسئلته الطويلة: كيف؛ متى؛ اين؛ ما؛ كم؛ أي؛ هل؛ ايان؛ و. . . والمزيد وثم المزيد.
وهنا قضية جديرة: ان قدر الانسان وقيمته تتحدد بما يحسنه في هذا الطريق وبمقدار ما يعمل به فيقاس بسبعة او بسبعين او بسبعمائة او الف أو اكثر من امثاله من الناس الذين لا يحسنون او هم يتهاونون ولا يعملون، وهذه الامر يخفي في عمقه شيء آخر وهو السؤال عن الدرجة القصوى والعليا في هذا الميزان وهي القياس بمجموع الناس كلهم فهل انطبقت هذه الدرجة على احد؟ نترك الجواب لسورة الواقعة:
﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ٭ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ٭ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ٭ ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ ٭ وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ﴾ الواقعة 10 _ 14. (الآخرين يعني امة محمد).
وهؤلاء القليل من الآخرين هم المطهرون: ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ الأحزاب/33.
وقد أوصى بهم النبي (ص) امته قوله (ص): إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل الله ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. (صحيح الترمذي ج2 ص208).
وفيهم امرأة واحدة بلغت درجة قياسها انها سيدة نساء العالمين.
قال النبي (ص): فاطمة سيدة (1) نساء العالمين أو المؤمنين أو أهل الجنة. (صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق في علامات النبوة و أحمد في مسنده ج6 ص282 وغيرهم).
وقال (ص): كمُل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم، وآسية إمرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد (ص). (تفسير ابن جرير الطبري ج3 ص180).
وقال (ص) لفاطمة: إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك (المستدرك على الصحيحين ج3ص153 وقال هذا حديث صحيح الإسناد).
نظرة اجمالية في حياتها (ع):
هي فاطمة بنت محمد رسول الله (ص) نبي الإسلام الأعظم.
وأمها خديجة الكبرى أول ازواجه (ص) قال (ص): والله ما أخلف لي خيراً منها، لقد آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذّبني الناس وأنفقتني مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولاداً إذ حرمني أولاد النساء (تذكرة الخواص ص303).
ولدت (ع) في مكة المكرمة السنة الخامسة بعد البعثة (أصول الكافي ج1 ص485) في العشرين من جمادى الثاني.
من أسمائها وألقابها (ع): الصدِّيقة، المباركة، الطاهرة، الزهراء، البتول، المحدثَّة، الزكية، الراضية، المرضية. سئل الإمام الصادق (ع) عن فاطمة (ع) لم سميت زهراء فقال: لانها كانت اذا قامت في محرابها زَهَرَ نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
وأما كناها (ع): ام الحسن، وام الحسين، وام المحسن، وام الأئمة، وام أبيها.
وحضرت الزهراء (ع) سنوات الحصار مع أمها وأبيها (ص) في الشعب حيمنا قاطعت قريش النبي وبني هاشم.
توفيت أمها خديجة رضوان الله عليها وعمرها (ع) خمس سنوات. 
ولما هاجر رسول الله (ص) في السنة الثالثة عشر من البعثة من مكة إلى يثرب هاجرت (ع) مع الفواطم مع علي (ع) ونزل من القرآن في شأنهم في الطريق ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ﴾ آل عمران/191. (المناقب ج1ص184).
ولما بلغت مبلغ النساء خطبها أكابر قريش من أهل الفضل والسابقة في الإسلام والشرف والمال من النبي (ص) فكان يردهم وعن الإمام أبي جعفر الصادق (ع): قال رسول الله (ص) إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء. (الكافي ج5 ص568). وزوجها رسول الله (ص) علي بن أبي طالب (ع). وكان (ص) يقول: إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب (تاريخ بغداد ج2 ص316). وكان زواجها بعد معركة بدر في الأول من شهر ذي الحجة السنة الثانية من الهجرة.
ولما نزلت آية المباهلة في قصة نصارى نجران ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ. . . فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ. . . ﴾ آل عمران/61، أخرج النبي (ص) للمباهلة عليا والحسن والحسين وفاطمة (ع) (تفسير الفخر الرازي بتفسير الآية).
ولما نزل قوله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً﴾ الإسراء/26 دعا رسول الله (ص) فاطمة (ع) فأعطاها فدكا (تفسير الدر المنثور الآية).
أولادها: الحسن والحسينوزينب وام كلثوم ومحسن.
واستشهدت سلام الله عليها في الثالث عشر من جمادى الأولى أو في الثالث من جمادى الآخرة في السنة الحادية عشر من الهجرة وهي الرواية الأكثر شهرة ولعلها الأرجح، مظلومة مقهورة.
طرف من سيرتها (ع):
مع أبيها (ص): عن الإمام الصادق (ع) قالت فاطمة (ع): لما نزلت ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً﴾ هِبْتُ رسول الله (ص) أن أقول له يا أبه، فكنت أقول: يا رسول الله، فأعرض عني مرة أو اثنين أو ثلاث ثم أقبل عليّ فقال: يافاطمة إنها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك أنت مني وأنا منك إنما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر، قولي يا أبه فإنها أحيى للقلب وأرضى للرب (المناقب ج3 ص102). وكانت (ع) ترعى أباها كرعاية الأم لابنها حتى كُنِّيَت بأمِّ أبيها. (تاريخ دمشق لابن عساكر ج3 ص158). .
زهدها (ع): عن الإمام الصادق (ع) عن جابر الأنصاري انه رأى النبي (ص) فاطمة (ع) وعليها كساء من أجلة الأبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول الله (ص) فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقالت: يا رسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه، فأنزل الله ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى﴾ الضحى/5 (فتح القدير ج5 ص460).
العمل في البيت: عن الإمام الصادق (ع):. . . وكان علي (ع) يستقي ويحتطب وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز وترقع وكانت من احسن الناس وجها كأن وجنتيها وردتان، صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وولدها (الكافي ج8 ص165).
وعن الإمام الباقر (ع) قال: إن فاطمة (ع) ضمنت لعلي (ع) عمل البيت والعجين والخبز وقم البيت، وضمن لها علي (ع) ما كان خلف الباب نقل الحطب وان يجيء بالطعام (تفسير العياشي ج1 ص171).
مع زوجها (ع): يقول الإمام أمير المؤمنين (ع)حاكيا عن فاطمة: ولقد كنت أنظر إليها فتنجلي عني الغموم والأحزان بنظرتي إليها. وأيضا يقول (ع): فو الله ما أغضبتها ولا أكربتها حتى قبضها الله إليه، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرا (المناقب للخوارزمي ص353).
فاطمة (ع) والفقراء: عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: صلى بنا رسول الله (ص) صلاة العصر، فلما: انفتل إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب سمل قد تهلهل واخلق، وهو لا يكاد يتمالك كبرا وضعفا. فأقبل عليه رسول الله يستحثه الخبر، فقال الشيخ: يا نبي الله أنا جائع الكبد فاطعمني وعاري الجسد فاكسني وفقير فارشني، فقال: ما أجد لك شيئا ولكن الدال على الخير كفاعله، انطلق إلى منزل من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يؤثر الله على نفسه، انطلق إلى حجرة فاطمة، وكان بيتها ملاصق لبيت رسول الله (ص).
فانطلق الاعرابي فلما وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، فقالت فاطمة (ع): وعليك السلام، من أنت يا هذا؟ قال: شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيد البشر مهاجرا من شقة بعيدة، وأنا يا بنت محمد عاري الجسد جائع الكبد فواسيني رحمك الله.
 
وكان لفاطمة وعلي ورسول الله (ص) ثلاثا ما طعموا فيها طعاما، وقد علم رسول الله ذلك من شأنهما،. . . ، فعمدت (ع) إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمها حمزة بن عبد المطلب، فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي، فقالت: خذه وبعه فعسى الله أن يعوضك به ما هو خير منه.
فأخذ الأعرابي العقد وانطلق إلى مسجد رسول الله، والنبي (ص) جالس في أصحابه، فقال: يارسول الله أعطتني فاطمة بنت محمد هذا العقد وقالت: بعه فعسى أن يصنع الله لك، قال: فبكى النبي (ص) وقال: وكيف لا يصنع الله لك وقد أعطتك فاطمة بنت محمد سيدة بنات آدم.
فقام عمار بن ياسر فقال: يارسول الله أتأذن لي بشراء هذا العقد؟ قال: اشتره يا عمار فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنار.
فقال عمار: بكم هذا العقد يا أعرابي؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم. . . ، فقال: لك عشرون دينارا ومائتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلغك أهلك وشبعة من خبز البر واللحم، وانطلق به عمار فوفاه ما ضمن له. . .
فعمد عمار إلى العقد وطيبه بالمسك ولفه في بردة يمانية وكان له عبد اسمه سهم، فدفع العقد إلى المملوك وقال له: خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول الله (ص) وأنت له، فأخذ العقد فأتى به رسول الله (ص) وأخبره بقول عمار فقال النبي (ص): انطلق الى فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها، فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله، فأخذت فاطمة العقد وأعتقت المملوك فضحك الغلام فقالت فاطمة (ع): ما يضحكك يا غلام؟ فقال: أضحكني عِظَم بركة هذا العقد، أشبع جائعا وكسى عريانا وأغنى فقيرا وأعتق عبدا ورجع إلى ربه. (بأختصار عن بشارة المصطفى- محمد بن علي الطبري ص 217).
عبادتها (ع): عن الإمام الحسن (ع) قال: رأيت أمي فاطمة قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم، وتكثر من الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء فقلت لها يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني الجار ثم الدار (دلائل الإمامة ص152). وروى الحسن البصري: ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتى تورم قدماها (المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص119).
خير للمرأة: سئلها النبي (ص) يوما أي شيء خير للمرأة؟ فقالت: لا ترى رجلاً ولا يراها رجل. (المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص119).
وسئلت عن المرأة متى تكون أدنى (أقرب) من ربها؟ قالت: أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها فقال رسول الله حين سمع جوابها فاطمة بضعة مني (بحار الأنوار ج43 ص92).
تسبيح فاطمة الزهراء: هو تسبيح علمه الرسول (ص) ابنته فاطمة (ع) وهو أربع وثلاثين مرة (الله اكبر) وثلاثة وثلاثين مرة (الحمد لله) وثلاث وثلاثين مرة (سبحان الله) بعد صلاة الفريضة وعند إرادة النوم يبدأ بالتسبيح وينتهي بالتكبير. وعن أبي عبد الله (ع): تسبيح فاطمة (ع) في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم. (الكافي ج3 ص343).
مقامها (ع)في الإسلام:
1. أنها (ع) سيدة نساء العالمين: فهي القدوة لجميع النساء في مختلف جوانب الحياة، فكلَّما كان منهج حياة المرأة قريباً وموافقاً لمنهج حياة سيدة نساء العالمين (ع) كانت قريبة إلى رضا الله عزوجل ومنهج الإسلام والسعادة وحسن العاقبة والفوز بالخير والنعيم وكلما كانت أبعد كانت أبعد كذلك وهذا معنى قول النبي (ص): فاطمة سيدة نساء العالمين.
2. أنها (ع) حجة: فهي في هذا المقام كأبيها (ص) وبعلها علي بن أبي طالب (ع) وذريتها المعصومين، فقولها الحق ورضاها رضا الله وغضبها غضب الله ومخالفتها معصية لله واستحقاق لغضبه وسخطه عزوجل ويدل على ذلك آية التطهير وآية المباهلة وغيرها.
وكلا المقامين مبتنيان على اصطفائها وتطهيرها كما جرى ذلك لمريم بنت عمران: ﴿وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ﴾ آل عمران/42 وقد ذكرنا في المقدمة ما يدل على اصطفائها وتطهيرها. ولاشك بأن هناك مقامات أخرى لسيدة نساء العالمين (ع) لم نتعرض لها للإختصار، ككونها (ع) شفيعة ومحدثَّة وأنها أفضل نساء أمة رسول الله وأنها خلقت من ثمار الجنة وأنها أول من يمر على الصراط وأول من يدخل الجنة وغيرها تراجع في الكتب المفصلة مثلة كتاب فضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروز آبادي وغيره.
 
مصحف فاطمة (ع): افترى بعض الكتاب على أتباع مدرسة أهل البيت (ع) بأن لهم قرأنا غير القرآن المتداول عند المسلمين يسمى (قرآن فاطمة) وأنهم لم يطلعوا عليه إلا الخواص فقط! وأما حقيقة هذا الإفتراء فهو خلل في الفهم وخلط بين المعاني (تعمدا او خطأ) في لفظة (مصحف) و (قرآن)، فالقرآن هو الكتاب الإلهي، والمصحف في اللغة: هو الجامع للصحف (اي الاوراق) بين الدفتين (راجع صحاح الجوهري مادة صحف) فهو اسم للكتاب المجلد سواء أكانت هذه الأوراق والصحائف فيها آيات الكتاب الإلهي او غير ذلك من الحديث وغيره. وما ورد في تراث أهل البيت (ع) هو أن الأئمة من ذرية فاطمة (ع) عندهم مصحف فاطمة ولم يرد مطلقا أنه (قرآن فاطمة)، بل الروايات تنفي ذلك كما عن الإمام الصادق (ع) انه قال: ومصحف فاطمة ما أزعم ان فيه قرآنا، أو قوله (ع): وخلَّفت فاطمة مصحفاً ما هو قرآن، (راجع كتاب بصائر الدرجات باب أن الأئمة أعطوا الجفر والجامعة ومصحف فاطمة). وأما حقيقة ما في هذا المصحف فهو اخبار ما يجري على ذريتها من بعدها. (راجع الكافي كتاب الحجة باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة).
السيد حسين البدري
الثالث عشر من جمادى الاولى سنة 1436 هجـ (2015)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ساد سيادة وسؤددا: عظُم ومجُد وشرُف. والسيِّد: المتولي للجماعة الكثيرة وكل من افترضت طاعته، وسيد كل شيء: اشرفه وارفعه فمثلا يقال للقرآن سيد الكلام (المعجم الوسيط). وعن المفضل بن عمر، قال: قلت لابي عبد الله (ع): أخبرني عن قول رسول الله (ص) في فاطمة أنها سيدة نساء العالمين، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال: تلك مريم، كانت سيدة نساء عالمها، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين. (دلائل الامامة لمحمد بن جرير الطبري (الشيعي) ص 149).



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74783
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28