• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : موازنة تقشفية .
                          • الكاتب : عبيدة النعيمي .

موازنة تقشفية

لايزال المواطن ، الموظف تحديداً، مستهدفاً بالإجراءات التقشفية التي باتت تهدد مورده الوحيد ، برغم التطمينات التي تطلقها الحكومة بعدم المساس بالراتب، فهناك أزمة ثقة بالتصريحات، الى جانب شكوك في قدرة الحكومة على الإستمرار في دفع الرواتب للموظفين للشهور المقبلة، ولاسيما مع إستمرار إنخفاض أسعار النفط، الذي تجاوز حد التقديرات التي بنيت عليها موازنة 2016 وهي سعر 45 دولاراً لبرميل النفط، ما يعني أن الموازنة سوف لن تستوعب النفقات الحكومية، وفي المقدمة منها رواتب الموظفين، غير أن الرهان على موارد أخرى أصبحت حديث الشارع، ربما تنعش بعض الأمل لشريحة أصحاب الدخول المحدودة، لكن ناقوس الخطر الذي أطرقه وزير المالية قبل أسابيع لم يزل يرن في  آذان المشككين بقدرة الحكومة على تجاوز هذه الأزمة، فيما يفسر آخرون التصريح الذي تراجع عنه وزير المالية في ما بعد، بأنه محاولة للتمهيد لفرض إجراءات تقليص في الرواتب، بدلاً من القطع الكلي، على قاعدة " اللي يشوف الموت يرضى بالسخونة". 

لكن، البيئة الإقتصادية للموظف لاتتحمل اصلاً اية قطوعات، بل هو ، مع بعض الإستثناءات، يعيش ضائقة مالية ناتجة عن إرتفاع أسعار المستلزمات الحياتية التي لايمكنه التنازل عنها، وبالتالي يحاول أن يقنن نفقاته بالقدر الذي يستوعبه الراتب، وبمعنى آخر أنه ينظم شؤون حياته على اساس موازنة تقشفية مسبقاً، وبالتالي فإن اية إستقطاعات سوف تدخله في أزمة مالية حادة، ولاسيما أن هذه الإستقطاعات لايرافقها إنخفاضاً في أسعار الخدمات والسلع . 

لقد مر العراق بحصار إقتصادي قاسٍ، لكن كانت البطاقة التموينية، تشكل صمام أمان نسبي للعائلة العراقية، إضافة الى جملة من الخدمات التي كانت توفر للمواطن إحتياجاته بأسعار مدعومة، غير أنه اليوم، لايستطيع ان يضع في حساباته مثل هذه الضمانات، فيما أصبحت البطاقة التموينية أشبه ماتكون بمريض في غرفة الإنعاش، ينتظر الموت في أية لحظة. 

ومن هنا، ينبغي على الحكومة أن تصارح الشعب بموقفها المالي، ولا تترك الموضوع سائباً لما تخبئه الأيام، سواء بالإيجاب أو السلب، كما عليها أن تعيد حسابات الأسعار مع أي تقليص تتخذه لرواتب الموظفين، فتضع في الحسبان أن هذا الموظف مطالب بنفقات كثيرة " إيجار، كهرباء، ماء، مولدة، مدارس الأولاد بما في ذلك خطوط النقل، ودروسهم الخصوصية، وملازمهم، والكليات بشقيها الأهلية والحكومية "، إضافة الى الأكل والشرب والطبيب والدواء، وكل هذا وغيره يلزمها أن تفرض إجراءات خاصة على السوق والأجور الأخرى، من خلال وضع تسعيرات ملزمة  تناسب الظرف الحالي، وعدم الإكتفاء بالتقشف على الموظف فقط. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74568
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29