• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : الأخطاء الشائعة في التحليل السياسي .
                          • الكاتب : كيفي أمين .

الأخطاء الشائعة في التحليل السياسي

ما زال اغلبية المحللين سواء كانوا اشخاص من العامة او خبراء سياسيين يستندون على افكار اشبه ما تكون بالخرافات عند قيامهم بتحليل اي حدث. و من بين هذه الاخطاء او الاوهام الشائعة هي النظرة الى مختلف الدول و الاطراف السياسية و الانظمة على اساس انها كيانات واحدة منسجمة من الناس. فمثلا عند الحديث عن احداث 11 سبتمبر في امريكا اصبح من المؤكد بالادلة القطعية بانها كانت حادثة مدبرة من الداخل. و لكن ليست الحكومة الامريكية هي التي دبرت الحادثة, لسبب بسيط و هو ان انه لا يوجد كيان منسجم اسمه الحكومة الامريكية. هذه الحكومة تتكون من لوبيات مختلف الشركات و البنوك و المصالح التي تتعارض حينا و تتصالح حينا اخر. فلم تقم الحكومة الامريكية بالتخطيط لهذا الحدث بل ان هنالك شركات و بنوك كبرى عبارة عن مافيات اخطبوطية عالمية عملاقة و متنفذة داخل هذه الادارة تخطط للحصول على مكاسب مما تقوم به. و قد حدث في الماضي ان قامت المافيات هذه بالايقاع ببعضها عندما تعارضت مصالحا.

يتحدثون عن تعارض المصالح الروسية الامريكية كثيرا هذه الايام و برغم ذلك فان شركة شيل للنفط تقوم الآن بتنفيذ مشاريع نفطية في روسيا و توقع على عقود ضخمة تؤدي الى افراغ محتوى العقوبات التي تفرضها جماعات اخرى من هذه المافيات على روسيا بسبب تضرر مصالحها من سياسات بوتين. و في الوقت الذي تبدي روسيا معارضتها الشديدة للسياسة الامريكية في في الشرق الاوسط على وسائل الاعلام فان شركات الاسلحة الروسية تحقق ارباح هائلة من الحرب الدائرة في سوريا و العراق.

في الحقيقة لا يوجد شيء اكثر ايهاما للناس من هذه النظرة الى الدول و الانظمة على اساس انها كيانات سياسية و ان هذه الكيانات السياسية تتصرف وفق مصالح الدولة و انها متحدة منسجمة لديها مصالح مشتركة.

لا توجد حكومات و لا سياسيين. تذكر ذلك دائما!

هنالك تجار و شركات و بنوك تجارية و الحروب ليست سوى اسواق. عندما تتخلص من فكرة “الحكومة” و تحاول التحليل على اساس الشركات فانك ستفهم سبب التناقض في الاحداث على الارض. فلماذا تدعم تركيا الدولة الاسلامية و امريكا تدعم خصومها و في نفس الوقت يكشف هنا و هناك عن صفقات امريكية للاسلحة يتم انزالها على مقاتلي الدولة الاسلامية بينما تقوم طائراتها بقصف مواقعهم. امريكا ضد ايران و ايران تدعم الحكومة العراقية التي تؤيدها امريكا .. ما هذه الهريسة التي ليس فيها اشياء منطقية و لماذا تختفي الحدود بين الاعداء و الخصوم حتى اصبح من غير المعلوم من يقف ضد من و مع من؟

الامر بسيط ..

انه عرس الدم في عالم رأسمالي متأزم يحتاج فيها التجار الى الحروب للاحتفاظ باسعار الاسهم في كازينوهات وولستريت و غيرها. لم تعد هنالك دول تدير سياسات بل هنالك شركات تدير السياسيين. و العالم ليس سوى سوق وحشي ترتع فيه طفيليات الدولار. و هذه الشركات تتجول بين الزبائن المتحاربين بلا تمييز للحصول على اكبر حصة من الصفقات المعقودة.. و كلما تفوق طرف على اخرمن اطراف النزاع و يبدو انه سيحسم القتال لصالحه يسارع التجار الى دعم الطرف الاخر لابقاء التوازن.

 و بالطبع فان ما ينطبق على الحكومة الامريكية ينطبق على جميع الحكومات. فلا يوجد شيء اسمه حكومة عراقية مثلا, بل هناك مافيات و عصابات و امراء حرب من اصحاب المليارات لديهم مسلحيهم و مناطق نفوذهم و هم في صراع و تصالح على المصالح. بل ان هنالك مناطق اقتصادية حرة بين اطراف النزاع في العراق تعقد فيها الصفقات بين الاعداء الذين يقاتلون بعضهم البعض.

انت تتساءل الآن بالتأكيد .. ماذا نستطيع ان نفعل؟؟
الجواب .. على البشرية باسرها ان تقف ضد تجار الحروب جميعهم بلا استثناء مرة واحدة, و ان تنظر اليهم لا على اساس ان هذه المجموعة افضل من تلك و هذه الحكومة افضل من تلك, بل ان نتنفر منهم جميعا و نتعامل معهم على اساس انهم ممثلون يلعبون ادوارهم في مسرحية واحدة. علينا ان نرص صفوفنا لانهاء المسرحية باسرها لا ان نصبح وقودا لها. هذه المسرحية هي من تداعيات ازمة و انحطاط منظومتنا الاجتماعية التي لن تتوقف عن قتلنا دون ازالتها او انها ستنهي الحياة على الارض.
علينا ان ننشر هذا الوعي و ندع الجميع يعلمون حقيقة السياسة و السياسيين.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74429
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18