• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحكمة والنفاق في تاريخ وأدب العرب .
                          • الكاتب : ياس خضير العلي .

الحكمة والنفاق في تاريخ وأدب العرب

العلوم والآداب بدأت بالشرق العربي الثقافة الحضارة من بناء الملكة العراقية سميرأميس جسر على نهر الفرات عام 2000قبل الميلاد ملكة بابل , وللعلوم وآيات الفكر وروائع الرأي وبدائع الفن , وتشكلت أقطاب الحكمة والفكر لدى العرب وباعتراف العالم من مشاهيرها نمر على نوادرهم ونختار للذكر منهم النظام والبيروني وأبن المقفع والجاحظ وابن خلدون , كمثال ونموذج للابداع , ولو أن لكل منهم لون من الفكر والفن ومن النماذج نأخذ ما روي عن دخول ( أبراهيم بن سيار النظام ) على ( الخليل بن أحمد) وفي يد الخليل قدح زجاجي فيه ماء .
فقال له الخليل _   صف هذه الزجاجة .
فقال النظام – أبمدح أم بذم ؟
قال الخليل_ بمدح
فقال النظام_ تريك القذى ولاتقبل الأذى     ولا تستر ما وراءها 
قال الخليل _ فذمها 
قال النظام _ يسرع أليها الكسر      ولا تقبل الجبر
قال الخليل _ فصف هذه النخلة بمدح 
قال النظام _ حلو جناها             باسق منتهاها ناضر أعلاها 
فال الخليل _ صفها بذم
قال النظام _ صعبة المرتقى      بعيدة المجتبى محفوفة بالأذى
ذلك هو النظام الذي أبحر في الفلسفة , وقد أشتهر النظام من أجادته الكلام ونظمه , وقالوا أنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة وقد عرفت عنه الجمل القصير اللطيفة مثل قوله _
هو أحلى من أمن بعد خوف ودرأ بعد سقم 
ومن خصب بعد جدل
وغنى بعد فقر
ومن طاعة المحبوب وفرج المكروب
 ومن الوصال الدائم والشباب الناعم
وقوله في المال_
من حق المال علي أن أطلبه من معدنه وأصيب به الفرصة عند أهله ومن حقي عليه أن يقيني السوء بنفسه ويصون عرضي بأبتذاله وصرفه ومن قوله العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك , فأذا أعطيه كلك فأنت من أعطاه لك البعض على خطر ...
ثلاثة أشياء تفسد الذهن وتضعف العقل , طول النظر في المرأة والأستغراق في الضحك وطول النظر الى البحر ...
ومما يروى عن البيروني ما رواه ياقوت , عن النيسابوري أن قاضيآ من أصحاب أبي الريحان البيروني , قال _ دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه وقد حشرج , وضاق صدره فقال لي_
كيف قلت لي يومآ حساب الجدات الفاسدة ؟
قلت _ أشفاقآ عليك _ أفي هذه الحالة ؟
قال لي _ يا هذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ألا يكون خيرآ من أخليها وأنا جاهل فيها ...
فأعدت ذلك عليه فحفظه وعلمني ما وعد .
وخرجت منه وأنا في الطريق سمعت الصراخ عليه لأنه فارق الحياة .
كان أبو الريحان البيروني عالمآ وطبيآ وفلكيآ ورياضيآ وجغرافيآ ومؤرخآ وله مشاركة في الفسلفة والعلوم اللغوية والأدبية والشعر والفقه , وكان قد ولد بمدينة خوارزم ورحل الى جورجان ودخل مع محمود بن سبتكين بالهند فألف عنها كتابه الشهير ( تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ) , وله كتاب ( الأثار البافية عن القرون الخالية ) تحدث فيه عن اليوم والشهر والسنة عند مختلف الأمم القديمة من الآشوريين واليونانيين .
ويقول أبن المقفع _ لا عقل لمن أغفله عن أخرته ما يجده من لذة الدنيا وليس من العقل أن يحرمه حظه من الدنيا بصره بزواله وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبآ على نفسه أن لا يشغله شغل عن أربع ساعات وهي _
ساعة يرفع فيها حاجته و بها  الى ربه ,  وساعة يحاسب فيها نفسه , وساعة يقضي فيها لأخوانه وثقاته , وساعة يخلوا فيها لنفسه وبين لذاتها مما يحل أليه ويجمل .
ويقول الأمر أصله في صلاح الجسد أن لا تحمل عليه من المآكل والمشارب ألا خفافآ وأصل الأمر في البأس والشجاعة أن لا تحدث نفسك بالأدبار وأصحابك مقبلون  على عدوهم , ثم أن قدرا على أن تكون  أول حامل وأخر منصرف من غير تضييع للحذر فهو أفضل .
وأصل الجود بأن  لا تمنن بالحقوق على أهلها , وأصل الحلال أن لا تنيء في المعيشة وطلب الرزق وأن تحسن التقدير ولا يغرنك السعة التي أنت فيها , وأصل الكلام أن تسلم من السقط بالتحفظ , ثم أن قدرت على بارع الصواب فهو أقدر .
وأني مخبرك عن صاحب كان أعظم الناس في عيني , وكان أعظم ما عندي عنه صغر الدنيا في عينيه .
وكان أبن المقفع يتحدث العربية والفارسية وعالم بمختلف علوم عصره وسخي يطعم الطعام على كل محتاج له , وقال في رسالة له _
أبذل لصديقك دمك ومالك ..ولمعرفتك رفدك ومحضرك ...وللعامة بشرك وتحننك .. ولعدوك عدلك ...واضنن ( أحرص) بدينك وعرضك عن كل أحد .
ويقول الجاحظ _ الكتاب وعاء مليء علمآ , وظرف حشي ظرفآ و ومن لك بواعظ مثله , وبناسك فاتك , وناطق اخرس , ومن لك بطبيب أعرابي ورومي وهندي وفارسي ويوناني , ونديم مولد وحبيب ممتع و ومن لك بمؤنس لا ينام ألا بنومك ولا ينطق ألا بما تهوى , أكتم للسر من صاحب السر , وأحفظ للوديعة , ومن لك بزائر أن شئت كانت زيارته غيآ وورده خمسآ , وأن شئت لزمك لزوم ظلك وكان منك كبعضك , والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك , والصديق الذي لا يقليك , ولا يعاملك بالمكر ولا يخدعك بالنفاق , والكتاب هو الذي أذا نظرت  فيه أطال أمتاعك و شحاء طباعك وبسط لسانك , وجود بيانك ...
ويقول عن رسالة الكاتب _   ليس الكاتب الى شيء أحوج منه الى أفهام معانيه وينبغي للكاتب أن يكون رقيق حوشي اللسان عذب ينابيع البيان أذا حاور سدد سهم الصواب الى غرض المعنى ولا يكلم العامة بكلام الخاصة ولا الخاصة بكلام العامة , ذلك هو الجاحظ الكاتب الخبير بالحياة العميق الفهم لطبائع الناس , وعي جميع معارف عصره في الأدب والدين والفلسفة وطالع كتب العرب واليونان والفرس والهنود .
قال أبن خلدون _ أعلم أن الكسب أنما يكون بالسعي في الأقتناء والقصد في التحصيل , فلابد أن في الرزق من سعي وعمل ولو في تناوله وأبتغاءه من وجوهه , والسعي أنما يكون بأقدار الله تعالى وألهامه والكل من عند الله , فلابد من الأعمال الأنسانية في كل مكسوب , ومتحول , لأنه أن كان عملآ بنفسه  مثل الصنائع فظاهر وأن كان مقتنى من الحيوان والنبات والمعدن فلابد فيه من العمل الأنساني وألا لم يحصل ولم يقع به  أنتفاع .
أبن خلدون عالم مؤرخ يمثل شخصية عريقة خصبة في عالم الرحلات والبحث له ( مقدمة أبن خلدون ) التي سبقت أبحاث علماء الأجتماع في تصوير المجتمع البشري وتطوره , وله كتابه التاريخي الكبير ( العبر وديوان المبتدأ والخير ) .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7413
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28