• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) شعيرة من شعائر الاسلام .
                          • الكاتب : عبد الزهره المير طه .

تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) شعيرة من شعائر الاسلام


من الشعائر الإسلامية التي أكد عليها القرآن الكريم هي شعيرة التسبيح ، تلكم الشعيرة التي تزيد في إيمان الإنسان وتضيف عليه هالة من النورانية عبر أداء هذه الركيزة الإسلامية التي أكد عليها القرآن الكريم في كثير من آياته المباركة فقد جاء في قوله تعالى  ( وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) ليؤكد على هذه الحقيقة الخالدة التي أثبتها الله تبارك وتعالى لجميع الأشياء ، فالكون يسبح والنجوم تسبح في مداراتها الغارقة في أعماق الفضاء والشجر والنباتات والحيوانات بكل صنوفها تشترك في هذا الموكب الرهيب الذي يثير الدهشة ويجتذب القلوب ، وفي ذلك يقول القرآن الكريم : ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) .

وأيضا قوله تعالى : ( فسبح باسم ربك العظيم ) . أي نزه الله سبحانه عن السوء ، والشرك وعظمه بحسن الثناء عليه ، ومعناه أيضا نزه اسمه عما لا يليق به . . فلا تضف إليه صفة نقص أو عملا قبيحا . . ومعناه أيضا قولوا سبحان ربي العظيم . . والعظيم في صفة الله تعالى معناه كل شئ سواه يقصر عنه فإنه القادر العالم الغني الذي لا يساويه شئ ولا يخفى عليه شئ جلت آلاؤه وتقدست أسماؤه .

ولقد ورد في القرآن الكريم عدة ألفاظ للتسبيح فتارة يأتي على نحو صيغة الأمر تسبح وتارة أخرى بصيغة الماضي أو الحاضر . . يسبح . . تسبح . . وسبحان الله . . وهذا يعني أن التسبيح له صفة الاستمرارية في كل شئ وكما قلنا فالكون يسبح . وإذا تفحصنا القرآن الكريم نجد زخما كبير من الآيات المباركة تصل العشرات تؤكد على مسألة التسبيح ومنها : ( سبح لله ما في السماوات والأرض ) ( يسبح له ما في السماوات وما في الأرض ) ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) ( سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ).
إذن رحلة التسبيح في القرآن الكريم عظيمة وكبيرة جدا كل ذلك ليكون إيمان الإنسان عبر التسبيح أعظم وأفضل ما يكون عليه الإيمان ، وقد ذكرنا هذه المقدمة لتكون لنا عونا على استيعاب الموضوع الذي نحن فيه - تسبيح الزهراء ( عليها السلام ) - ومن الطبيعي جدا نرجع إلى المصدر الأول للمسلمين الذي هو القرآن الكريم لنرى كيف أكد على هذا التسبيح ، وبعد ذلك ننطلق ونسبح في فضاء تسبيح الصديقة الطاهرة فاطمة ( عليها السلام ) .
فالقرآن الكريم قال إن الكل يسبح ولكن لا نعرف نحن القاصرون عن إدراك الكثير من الحقائق التي تخصنا نحن كبشر في حياتنا ، وإلا فالكل يسبح ولكن نحن لا نعرف لغة هذا التسبيح الذي يخص الكائنات الأخرى سواء النباتية أو الحيوانية أو الجمادية أو الأفلاك المتحركة ، فإن لهذه الوجودات لغات خارجة عن تصوراتنا وعن حدود معرفتنا ، وليس لنا القابلية في معرفة هوية هذا التسبيح الخاص بها ، إلا من وفقه الله تعالى في مجاهدة نفسه ووصل إلى مرحلة الكشف والشهود لكثير من الحقائق الكونية . . وهذا ما نجده متحقق في كثير من الأنبياء ( عليهم السلام ) كما في قصة سليمان ( عليه السلام ) الذي أعطاه الله تبارك وتعالى معرفة لغة الحيوانات  ( وعلمنا منطق الطير ) ويقول الله تعالى في ذلك : ( قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها ).
فسليمان يعرف لغة الغير من الحيوانات كالنمل والطير وإلا لو كان لا يعرف لغة النمل لما تبسم ضاحكا من قولها ، وعلى هذا الأساس فإن لكل شئ في هذا الكون لغة ومنطق ولكننا لا نفقه لغته ولا نعرف منطقه ولا ندرك ذلك إلا لمن أعطاه الله تبارك وتعالى نور البصيرة في كل شئ ( ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور ) . إذن فكل شئ له لغة وله منطق غير أننا لا نفقه تلك اللغات اللهم إلا أن يكون الإنسان نبيا أو وصي نبي أو أحد الأئمة الهداة الذين علمهم الله منطق كل شئ وكما ورد ذلك في كتاب مدينة المعاجز الذي يعطيك عشرات الشواهد على ذلك .

وبعد أن وقفنا بعض الشئ مع معالم التسبيح في القرآن الكريم نأتي الآن إلى نورانية تسبيح فاطمة ( عليها السلام ) الذي يعتبر من الشعائر الدينية لدى الشيعة والسنة والذي يعتزون به كأفضل الأعمال عقيب الصلاة المفروضة .
ولقد جاء الحث عليه من قبل الأئمة ( عليهم السلام ) في كثير من الأحاديث التي وصلت إلينا عبر الرواة والمحدثين ومنها ما جاء عن لسان أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : " ما عبد الله بشئ من التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة ( عليها السلام ) ، ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاطمة ( عليها السلام ) "  . وعنه ( عليه السلام ) قال : " من سبح تسبيح الزهراء ( عليها السلام ) ثم استغفر غفر له وهي مائة باللسان ، وألف في الميزان ، وتطرد الشيطان ، وترضي الرحمان "  . وجاء عن أبي هارون المكفوف ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " يا أبا هارون ! إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة ( عليها السلام ) كما نأمرهم بالصلاة فالزمه ، فإنه لم يلزمه عبد فشقي " 
وأيضا عن الصادق ( عليه السلام ) قال : " من سبح تسبيح فاطمة ( عليها السلام ) قبل أن يثني رجله بعد انصرافه من صلاة الغداة غفر له ويبدأ بالتكبير " ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) لحمزة بنحمران : " حسبك بها يا حمزة "  . ونعلم من سيرة الزهراء أنها لما أرهق بدنها الكدح والنضال ، وأتعبها الطحن بالرحى ، جاءت أباها تمشي على استحياء ، تطلب منه خادمة تساعدها على تخفيف أعباء المنزل ، وثقل الحياة العائلية التي كانت تكابدها ليلا نهارا ، علها تخفف عنها بعض همومها . وقفت بين يدي أبيها رسول الله ، مطرقة برأسها حياء بعد أن سلمت عليه ، فرد عليها السلام ، وكان من عادته أنه إذا أقبلت عليه فاطمة ، كان يقوم إجلالا لها ويقبل يدها ثم يجلسها في مجلسه ، فجلست وهي مطرقة برأسها إلى الأرض ، وما كادت تجلس في مكانها ، حتى سألها الرسول الأعظم قائلا : ما جاء بك . . وما حاجتك أي بنية ؟ فغلبها الحياء ولم تتمكن من سؤال النبي ، فقالت : جئت لأسلم عليك . . وبعد لحظات قامت فودعها النبي ، ورجعت إلى دارها دون أن تحقق هدفها الرامي إلى طلب فتاة لخدمة المنزل .
وبعد هذا اللقاء بأيام وجدت فاطمة نفسها لا تستطيع مواصلة العمل دون وجود فتاة إلى جانبها في البيت ، فقررت أن تشكو حالها إلى أبيها الحبيب المصطفى لعله هذه المرة يلبي نداءها ، ويستجيب لدعوتها ، خصوصا وقد انتصر المسلمون في معارك الجهاد ، فأحرزوا غنائم كثيرة وأموالا عظيمة . . فقامت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من ساعتها ، وأتت أباها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وطلبت منه خادمة ، فقال لها : يا فاطمة أعطيك ماهو خير لك من خادم ومن الدنيا وما فيها .قالت : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : " تكبرين الله بعد كل صلاة أربعا وثلاثين تكبيرة ، وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين تحميدة ، وتسبحين الله ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، ثم تختمين ذلك بلا إله إلا الله ، وذلك
خير لك من الذي أردت ومن الدنيا وما فيها "




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74006
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18