• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مخاطر الأزمة السياسية الأخيرة .
                          • الكاتب : صالح الطائي .

مخاطر الأزمة السياسية الأخيرة

علق اتحاد القوى العراقية (السنية) مشاركته في جلسات البرلمان والحكومة احتجاجا على أعمال العنف التي تطال أهلنا العراقيين في المقدادية، ونحن نقف بثبات وقفة حقيقية لا رياء فيها مع كل طرف يدين هذه الأعمال الإجرامية الحقيرة، وندين ونستهجن ونستنكر ونرفض كل عمل يستهدف أي إنسان عراقي مهما كان معتقده الديني أو السياسي ومهما كانت قوميته ولونه وجنسه، ونرفض بشدة جميع أعمال العنف، وندعو إلى إحلال السلام والأمن في ربوع بلدنا العزيز بعد السنوات العجاف التي فرضت علينا خلال الأربعين سنة الماضية، ولكننا نسأل: لماذا لم يتخذ اتحاد القوى العراقية مثل هذا الموقف يوم حدثت الإبادة الجماعية في سبايكر حيث قتل ألفي شاب عراقي بريء بدم بارد؟ لماذا لم تصدر عن الاتحاد مجرد إدانة لأعمال الإبادة التي تعرض ويتعرض لها (الشيعة) منذ أربعين عاما وإلى الآن؟ لماذا أصيبوا بالخرس والطرش يوم سبيت النساء العراقيات الإيزيديات؟ لماذا أخفوا رؤوسهم يوم أحرقت داعش كنيسة سيدة النجاة؟ لماذا لم يحركوا ساكنا وهم يرون تفجير السيارات والعبوات في شوارع بغداد الحبيبة؟ وأخيرا لماذا الآن وفي هذا الوقت بالذات تزامنا مع انعقاد قمة البرلمانات الإسلامية والعربية في العراق؟
مع تصاعد الدعوات الخليجية الطائفية لدخول قوات إسلامية إلى العراق بحجة حماية مكون هو بالأساس أحد أهم أركان العملية السياسية، فاثنين من أصل الرئاسات الثلاث يشغلها سنة، وعدد الوزراء السنة من العرب والكرد ضعف عدد الوزراء الشيعة، والقرار السني أكثر تأثيرا من القرار الشيعي، والمحافظات السنية تنعم بما لم تر مثله المحافظات الشيعية؟ لماذا؟ لماذا الآن؟.
ألا يعني ذلك أن هذا التصرف الأهوج مقصود من وراءه الإخلال بواقع الديمقراطية في العراق؟ ألا يعني أنه يأتي مؤيدا لما طرحة السيد أسامة النجيفي حول رفض وجود المشاركة الشيعية في الحكم؟ ألا يعني مثل هذا الموقف الأزموي محاولة لإثارة أعمال الشغب في الداخل بما يستوجب انشغال القوات الأمنية عن التصدي للدواعش؟ 
إن ما يجب أن تدركه كافة المكونات العراقية بكل أطيافها أننا نحن العراقيين بمجموعنا وبكل مكوناتنا نمخر عباب بحر هائج متلاطم الأمواج مليء بالقراصنة واللصوص والمجرمين والأعداء؛ بسفينة مشتركة واحدة متهالكة ممزقة الأشرعة، تتطلب من الجميع الإسهام في صيانتها وإدامتها وتوجيهها لأن تخلي أي مكون عن مهمته سوف يترك فراغا لا يمكن لأحد أن يشغله وبالتالي يتعرض ويعرض الآخرين إلى الهلاك المؤكد ويعرض السفينة إلى الغرق المأساوي.
إن تطور الأوضاع باتجاه التأزيم الحاد يبدو من جانب آخر وكأنه الفرصة الأخيرة لكي يثبت كل عراقي شريف ومخلص عراقيته ووطنيته لكي نشترك جميعا في الحفاظ على العراق واحدا موحدا قويا حرا مستقلا بدل أن نحوله إلى نطيحة تمزقها الذئاب المحيطة بنا، أو نحوله إلى أشلاء مبعثرة تفصل بينها حدود واهية، تتقاتل فيما بينها من أجل لا شيء!.
إن أطفالنا وشبابنا ورجالنا ونساءنا وترابنا ونخيلنا ودجلتنا وفراتنا وتاريخنا وموروثنا المشترك وديننا وعروبتنا وعشائرنا وقبائلنا وبيوتنا ومحلاتنا وشوارعنا أمانة بشارب كل الخيرين، وكل من يريد أن ينال منها هو عدو للشرف وللعراق وأهله وللعالم كله، ولا يختلف عن الدواعش بشيء هذا إن لم يكن داعشيا بامتياز.!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73317
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28