• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : رواية ( الكافرة ) ادانة للفكر الديني المتشدد .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

رواية ( الكافرة ) ادانة للفكر الديني المتشدد

صدرت حديثاً من منشورات المتوسط - ايطاليا . عام 2015 رواية ( الكافرة . 229 صفحة  ) للروائي ( علي بدر ) وهي تعتبر الرواية الثانية عشرة للكاتب . ويعتبر الروائي العراقي , من الجيل المعاصر للرواية العراقية  الحديثة  , المتميزة في حداثتها واسلوبها  الراقي , الذي ينزع عنها الثوب التقليدي والكلاسيكي  , لتدخل في تيار المعاصرة المتطورة , وقد برز الكاتب ( علي بدر ) في اسلوبه الروائي المتميز بالاقتحام  المغامرة في الحبكة الفنية , بجملة من المفاجأة التي تشد القارئ اليها شداً , في اسلوبه الممتع والمشوق بالفنية القديرة , ليسوق جملة افكار هي حصيلة  مستلة من مخلفات  الواقع , لتكون المرآة العاكسة بما ينتجه العمل الروائي بان يكون صدى  للواقع والحقائق التي الموجود فيه  فعلاً , ويخلطها بعجينة الخيال الفني المبتكر باحتراف في مهارة الصنعة الادبية   , ويطرحها ضمن الافكار المتصارعة والمتفاعلة مع بعضها البعض , ومن خلال رسمه لحقيقة الواقع , الذي يحمل عوامل  العسف والاضطهاد والعنف , الذي يولد مكونات  الخوف والرعب بمصاحبة بالموت والقتل وحتى الاغتصاب والسبي والانتهاك , حتى تكون على مشرحة العمل الادبي الفني المطروح  ,  ليكون مادة للانتقاد والسخرية منه , ومن العقليات المتخلفة والمتشددة التي تمسك في زمامه  ,  هي التي تحركه وتقومه , وهي التي تدير دفة الارهاب والرعب , لتكون معاول خراب وهدم للواقع المعاشي والحياتي  , في انتهاج سلوك التخريب والمعاناة , في مظاهر العنف اليومية , التي تقلب الواقع نحو أسوأ حالات التدهور , لتجعله يترنح تحت وطئة الاثقال المرهقة  , من  الظلم والقمع والارهاب , لقد غزت الثقافة الظلامية الدينية  لجماعات الاسلامية المتشددة والمتطرفة  , التي تمارس طقوس الموت والقتل , والتي خربت الواقع الحياتي , اكثر من اي وقت مضى , لتجعله يتقوقع في دوامة الكوابيس المرعبة بالاهوال والمحن , بأن تكون الحياة عبارة عن مسلسل من الرعب , او سجن مظلم بين الضحية والسجان , ان هذه  العقلية الدينية , تمارس كل الفظائع الوحشية بأسم الدين وبحجة تطبيق  الشريعة الاسلامية , وهما براء منهم , هذه العلقليات المتعصبة والمتحجرة بالثقافات عصور الظلام غير مؤهلة لرفع راية الدين او التحدث بأسمه    , بأنها اول من ينتهك الدين وشريعته , بوحشية   القتل والارهاب والذبح والدماء   , وحتى الاغتصاب الجنسي  والسبي , بأن يكونوا الوجه المظلم والوحشي لدين والانسانية جمعاء   , وليس لهم  عقيدة ودين رغم زيفهم المنافق , انهم بهذه العفونة الوحشية  , كأنهم ليس من فصيلة البشر , بل من فصيلة الذئاب الوحشية السائبة , التي تبحث عن ضحية لايقاع بها , لاشباع غرائزهم الجنسية  , بممارسة السادية الهمجية في المجتمع ليكون ضحاياهم المواطنين الابرياء   , وخاصة مع المرأة بأن تكون مسلوبة الارادة والانسانية , او انها ليس مخلوق له سند شرعي في الوجود . ورواية ( الكافرة ) خير مثال على ذلك , في معاملة المرأة بشكل همجي في السلوك البطش والتنكيل  , وتروي الرواية حياة ( فاطمة ) منذ الصغر حتى هروبها الى دول الهجرة . , انها صورة واقعية تعكس واقع المرأة في بلدان التخلف والتطرف والتعصب  , مثل عراقنا اليوم , الذي يرزح تحت ركام الخراب  والاضطهاد . تتحدث الرواية عن مدينة نائية فقيرة , سيطر عليها , مسلحون اسلاميون متشددون , ليبسطوا شريعة الخراب والموت , ودفع الحياة  الى السجن وحياة القبور , من الممارسات البالغة القسوة , دون رحمة , او دون ادنى مستوى من التسامح , بل يطلق العنان للارهاب السادي المجنون , فقد هدموا ابسط مقومات الحياة , فقد اجبروا المسلحون ذوي الوجوه العابسة , ويرتدون ملابس غريبة , ويضعون على رؤوسهم العمائم السوداء ولحاهم الطويلة , على خناق المواطنين في الاذلال والاهانة , كأنة واجب ديني مقدس , في انتهاج طقوس الرعب والموت . فقد اجبروا عائلة ( فاطمة ) على الخدمة المنزلية من الصباح حتى المساء , كأنهم عبيد وخدم تحت رحمة  المسلحين المتشددين , لذلك انضم والد  ( فاطمة ) الى جماعة  المسلحين , وانقلبت حياته الى سلوك النهج  الارهابي المروع , بتعامل نهج  القمع والاهانة  , وهي صفة عامة لهؤلاء المهووسين بالتطرف الديني حتى الى اقرب الناس اليهم , وعندما قتل في عملية انتحارية , تزوجها اخر من المسلحين , ليمارس طقوس العذاب اليومي في البيت  , لذا فأن ( فاطمة ) تقول عن امها , بان الحزن والدموع , صارت اسلوب حياتها وثوبها اليومي  , كأن الفرح والابتسام ,  كفر وجريمة بالنسبة لهذه الجماعات الدينية المتشددة , تزوجت ( فاطمة ) من شاب عاطل انضم الى المسلحين , وكان يبحث عن احلام وهمية , كأنه وجد ضالته في هذه العصابات الدينية المتطرفة , بان يقدم لهم شتى الخدمات , وفي احد الايام جاء الى البيت متوتر الاعصاب , فحاولت ( فاطمة ) ان تعرف اسباب هذا التوتر , فاخبرها بأنه سينفذ غداً عملية انتحارية , فصرعها الخبر وشعرت بالحزن والاسى وانهالت الدموع باكية لهذا المصاب القادم , وسط ذهول واستغراب زوجها في وجهه الباسم وملامح الفرح تغزو وجهه , وقال لها
( - اسكتي . غداً ستنتظرني , سبعون حورية عذراء على باب الجنة
- ماذا ؟
- سبعون حورية عذراء . ستكون بانتظاري غداً
قالها بصوت الواثق ) ص126 . عند ذلك توقف الحزن والدموع والاشفاق عليه   وتحولت الى سورة الغضب , وشعرت بالقرف والتقزز والتقيؤ , وكادت ان تصرخ بوجهه غاضبة .
( - سبعون حورية عذراء يا ابن القحبة . تريد ان تضاجع سبعين عذراء ؟ وانت معي لا تستطيع ان تفعلها مرتين يا ابن القحبة . هل سيعطونك فياغرا مقدسة ؟ ماذا ستلتهم لتضاجع سبعين عذراء ؟ لهذا اليوم انت مبتسم ؟ من خدعك يا حمار ؟ )
وبعدها عرفت بأنه فجر نفسه بالحزام الناسف في سوق المدينة , واغلب المقتولين هم من الباعة المتجولين , وحين ارسل بطلبها رئيس العصابة الدينية المسلحة , وقال لها : بأن زوجها ذهب الى الجنة بعملية انتحارية , وعليها ان تسأل الله وتتذرع اليه بأن تلحق بزوجها في الجنة بعملية انتحارية , لكنها اختارت طريق الى جنتها , وليس الى  جنة هؤلاء الوحوش الادمية , فقد دبرت حالها مع احد المهربين ان يوصلها الى اوربا , مقابل مبلغ من المال حدده المهرب , وبالفعل اوصلها الى اوربا - بروكسل , بعدما اغتصبها في الطريق , وحين حط بها المقام في بروكسل , ارادت ان تشفي غليلها بالانتقام من زوجها المخدوع , بان تضاجع سبعين شاباً اوربياً , وعندما حصلت على الاقامة الشرعية , انخرطت في سوق العمل , لان المنحة الشهرية شحيحة ولا تسعفها , وحاولت ان تنزع كوابيس الماضي المرعبة , فحولت اسمها من ( فاطمة ) الى ( صوفي ) لتنزع عن ذكريات الخراب والموت من ( بلاد الحروب التي لا تنتهي . من الارض الملعونة من خضم القتل الغامضة . من عالم الشعوذة . من خنق الزوجات وقتل الصبايا , وسائر الوقائع التي تدور في اطار الرعب ) ص7 . وجدت ( فاطمة / صوفي ) صعوبة بالغة في التأقلم مع الوضع الجديد , وان تتكيف له , لانها وجدت المعاملة القاسية بالاحتقار والاهانة والاذلال والسخرية من الشباب المهاجر , لانهم شعروا انها تنافسهم في سوق العمل  , من خلال بيع المواد المستعملة والخردة , فطردوها شر طردة بالاحتقار من السوق , اضافة انهم تحرشوا بها جنسياً , فشعرت بالمهانة والاحتقار من حياتها , وشعرت ان الابواب تنسد بوجهها , لذلك قررت الانتحار وانهاء حياتها , وبالفعل عزمت على ذلك , لكن لحسن حظها بان تركت باب شقتها مفتوحاً , مما اسرعت جارتها العجوز , , التي رأتها تسبح في بركة من الدماء , فاسرعت في انقاذها وارسالها الى المستشفى . بعد ذلك تعرفت على الشاب ( ادريان ) وارتبطت معه في علاقة حب ,  في بداية تعارفهما ظنت بأن ( ادريان ) من البلدان الاسكندنافية ( السويد ) في شقرته وزرقة عينيه , لكنها تعرفت على حقيقة اصل هويته , بأنه ( لبناني ) تربى منذ الصغر في السويد , وانه يحمل عذبات وكوابيس الماضي , فقد اشترك والده  في المجازر التي حدثت اثناء الحرب الاهلية اللبنانية , وانه قتل بدم بارد عائلة باكملها , لم تنجو منها , سوى طفلة صغيرة يعبث القدر بعد اعوام لتصبح زوجة ابنه  ( ادريان ) وان يرزق منها  بطفلة ( سولي ) , تظل كوابيس الرعب تلاحق والده من اشباح الضحايا القتلى , واصيب بالجنون , ثم انتحر ليتخلص من كوابيس الرعب , في يوم عيد ميلاد ابنه ( ادريان ) تشعر ( فاطمة / صوفي ) بعد هذا الاكتشاف لصديقها , بان من الخير ان تقطع صلة الحب ليعود الى زوجته وطفلته , وهي الى احضان الضياع في حياة الهجرة




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73273
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29