• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَلنِّمْرُ..إِنْتِصارُ الدَّمِ عَلى [الشَّرْعِيَّةِ] (٦) لِكِلِّ فِرْعَونٌ مُوسى! .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَلنِّمْرُ..إِنْتِصارُ الدَّمِ عَلى [الشَّرْعِيَّةِ] (٦) لِكِلِّ فِرْعَونٌ مُوسى!

 مهما تفرْعنَ الطّاغوت وعلا في الأَرْضِ، يبقى في المجتمع من يتصدّى لهُ يوماً ما ويقاومهُ ويفضحهُ وإذا اقتضت الضّرورة يستشهد من أجل ذلك.

   قد يستسلم المجتمع للطاغوت لمدّةٍ وتغيب المعارضة لفترةٍ، ولكن لابدَّ من ثائرٍ ينهض من بين الرُّكام ليُعلن الثّورة على الطّاغوت.

   وإذا شكّك المُرجفون بالقدرةِ على التّغيير، فسيبرزُ مَن يُؤْمِنُ به ويتصدّى له، أولم يقصّ علينا ربّ الْعِزَّة ذلك بقوله {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}؟.

   الطّاغوتُ يُمارس الظّلم والقهر لتكميم أفواه النّاس، والثّائر يصرخ بوجههِ ليفكّ عقدة اللّسان عِنْدَ المجتمع، ليكون أَفصحَ لساناً، والطّاغوت يشتري الضّمائر لتخرسَ الالسُن وتصمُت وتُكسر الاقلام، والثّائر يرفع صوتهُ بوجههِ ليحرّك الضّمائر ويستنطق الألسنة المخرسّة ويحيي الاقلام الحرّة، ومن هنا جاءت عظمة كلمة العدل والحق التي ينطق بها الثائر عند الحاكم الظّالم، كما أشار الى ذلك امير المؤمنين (ع) بقوله {وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، عِنْدَ الاَْمْرِ بالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنكَرِ، إِلاَّ كَنَفْثَة فِي بَحْر لُجِّيّ، وَإِنَّ الاَْمْرَ بالْمَعْروُفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنكَرِ لاَ يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَل، وَلاَ يَنْقصَانِ مِنْ رِزْق، وَأَفضَلُ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ عَدْل عِنْدَ إِمَام جَائِر}.

   انّها مُعادلة التحدّي والتصدّي التي تبدأ وتنتهي كالتّالي:

   أولاً؛ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ.

   ثانياً؛ اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي* اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ.

   ثالثاً؛ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ.

   رابعاً؛ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ.

   فاذا طغى الحاكم المستبدّ وتفرعنَ لابدَّ لهُ من (موسى) الذي يتصدّى له بشجاعةٍ لإسقاطهِ عن عرشهِ وانقاذ الامّة من ظُلمهِ، فاذا تصدّى موسى لفرعون كان الله مع الثّائر والنصرُ حليفهُ {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.

   هذه المعادلة الثّابتة ظلّت تحكم العلاقة بين الاستبداد والتحرّر، بين العبوديّة والكرامة، بين الظّلم والعدل، على مرّ التاريخ، ولن يشذّ واقعنا المعاصر عن هذه المعادلة ابداً مهما قسا الطّاغوت وتجبّر، فمن المستحيل ان يكونَ في مجتمعٍ ما فرعون لا يتصدّى لهُ موسى، او يزيد ًلا يواجهه (الحسين) ولذلك قيل، وصدقَ من قال، انّ لكلِّ فرعون موسى و انّ كلّ ارضٍ كربلاء وكلّ يومٍ عاشوراء، فعندما يتمادى الحاكم في ظلمهِ وبغيهِ وجبروتهِ فلابدّ ان ينبري لهُ (موسى) من بين الجموع ليتصدّى لهُ، وهو معنى قول الامام الحسين (ع) {مِثْلي لا يُبايِعُ مِثْلَهُ}.

   وهذا ما فعلهُ الثّائر الشّجاع الشّيخ النّمر عندما تصدّى لمواجهة الحاكم المستبدّ الذي تمادى في ظلمهِ وبغيهِ وجبروتهِ.

   قد يَقُولُ قائلٌ مُستفسِراً؛

   فأين إذن التّقية التي قال عنها المعصوم {التَّقيَّةُ ديني ودينُ آبائي}؟ أولا يعرف الشّيخ انّ نظام القبيلة الفاسد ظالمٌ يقسو في تعاملهِ مع كلمة الحقّ التي يُطلقُها مواطن بوجههِ، وهو لا يرعى إلاًّ ولا ذمّة؟ فكيف يواجههُ بمثلِ هذا النّداء المدوّي والصّرخة الثّوريّة والمواقف الجريئة؟.

   ثمّ؛ أَوَليسَ كان من الاولى بالشّيخ ان يصطفّ الى جانبِ الآخرين فيتّخذ موقف المُداهنة والمُصارعة والمُضارعة، وهو موقف الاعمّ الأغلب من المجتمع؟ فلماذا شذّ بموقفهِ الثّوري عن القاعدة؟.

   هذه الأسئلة وغيرها سنُجيبُ عليها في الحلقةِ القادمةِ باْذن الله تعالى.

   يتبع




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73267
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29