• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سِيِاسِة الَعٌدٍلَ فُيِ مًوٌاجّهّة الَظُلَمً وٌالَفُسِاد .
                          • الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي .

سِيِاسِة الَعٌدٍلَ فُيِ مًوٌاجّهّة الَظُلَمً وٌالَفُسِاد

العدل هو اﻷساس العام لبناء إنسانية اﻹنسان ، وهو لا يتعلق بالدين أو المذهب ، وانما هو مفهوم شامل لكل اﻷديان والمذاهب والقوميات . 
   يُعد العدل في الرؤية القرآنية محوراً لكل شيء، وعليه ترتكز فلسفة التشريع، وحكمة التكوين، وبناء المجتمع، وحفظ الحقوق، وتعميق المبادئ الأخلاقية.والعدل لا يقتصر على جانب دون آخر؛ بل هو مطلوب في كل المجالات والحقول، إذ يجب أن يعم العدل في كل شيء، في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والتربية والحقوق، وبدونه لا يمكن أن ينعم المجتمع بالسعادة والأمن والاستقرار.ومما يدل على أهمية العدل في المنظور القرآني أنه «تكررت مادة العدل بمشتقاتها ما يقرب من ثلاثين مرة في القرآن الكريم، ويشير هذا التكرار إلى عناية التنزيل المجيد بالحديث عن العدل».وإذا دققنا النظر في القرآن وجدناه يدور حول محور واحد هو العدل من كل الأفكار القرآنية، من التوحيد إلى المعاد، ومن النبوة إلى الإمامة والزعامة، ومن الآمال الفردية إلى الأهداف الاجتماعية. فالعدل في القرآن قرين التوحيد، وركن المعاد، وهدف تشريع النبوة، وفلسفة الزعامة والإمامة، ومعيار كمال الفرد، ومقياس سلامة المجتمع.والعدل القرآني عندما يتعلق بالتوحيد أو المعاد فإنه يعطي معنى خاصًّا لنظرة الإنسان إلى الوجود والعالم، وبعبارة أخرى نقول: إنه نوع من النظرة الكونية.ففي الموارد التي يتعلق فيها العدل بالنبوة أو التشريع والقانون فإنه يعتبر معياراً أو مقياساً لمعرفة القانون. وبعبارة أخرى: يعد إعطاء مجال للعقل بعد الكتاب والسنة ليكون منبعاً للفقه والاستنباط. وأما في الموارد التي يتعلق فيها بالإمامة والقيادة فإنه يعد نوعاً من اللياقة، وفي الموارد الأخلاقية يعتبر أملاً إنسانيًّا، وفي المجالات الاجتماعية يعد مسؤولية.ولأهمية العدل في حياة الناس؛ فإن أهم هدف لبعث الأنبياء والرسل بعد تعريف الناس بالخالق جلَّ وعلا هو بسط العدل بينهم، قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ﴾ذلك لأن الاجتماع البشري لا يمكن أن يتأسس فيه روح النظام والقانون والمساواة إلا بتحقيق العدل والعدالة، ومن هنا جاء الأمر الإلهي بضرورة تطبيق العدل: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالقِسْطِ﴾وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾.فالعدل هو جوهر الإسلام وروحه، وهو المحور الأساس لتطبيق أصول الدين وفروعه، وبتطبيقه تنعم البشرية بالسلام والاطمئنان والأمن والرفاهية والرخاء، أما عندما ينتفي العدل والعدالة من حياتنا، فإن نقيضه سيحل محله، وهو الظلم والجور، وهو أساس كل شر، وسبب كل شقاء، ومنبع الرذائل والفواحش، وجذر التخلف والتقهقر الحضاري ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾.
  ولقد قال أمير المؤمنين عليه السلام {فَإِنَّهُ لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الاَْجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر} في إشارةٍ الى انّ الأصل الذي ينبغي التطلّع اليه هو العدل من الحاكم، وليس هويَّتهُ ابداً، فاذا لم يكن الحاكم عادلاً في رعيّتهِ لم يبقَ من شرعيّتهِ ايَّ شَيْءٍ يعتدُّ به، حتّى دينه، فلماذا، إذن، تقبل به الرّعيّة وتمنحهُ حقّ الخلافة والحكم والسّلطة على رقاب النّاس؟!.
   ذات المنهج أكّد عليه الامام الحسين عليه السلام عندما لقي الحرّ بن يزيد الرياحي الذي جاء على رأس قوَّةٍ من الخيّالة تقدّر بألفِ فارسٍ، فقد خطب فيهم الامام (ع) قائِلاً {امّا بعدُ، أيّها النّاس: فانّكم إِنْ تتّقوا الله وتعرِفوا الحقّ لأهلهِ يكن أرضى لله، وَنَحْنُ أهل البيت أولى بولايةِ هذا الأمرِ عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليسَ لهم، والسّائرين فيكم بالجور والعُدوان} في إشارةٍ الى انّ الرفض الحسيني للبيعة للطاغية يزيد قائمة على أساس رفض الظُّلم والجَور الذي اعتمدهُ النّظام الأموي كقاعدةٍ أساسيَّةٍ لتثبيت الحكم والسّلطة.
   وصدق امير المؤمنين (ع) الذي قال {فَإِنَّ في العَدْلِ سَعَةً، وَمَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ العَدْلُ، فَالجَوْرُ عَلَيْهِ أَضيَقُ!}.
   تأسيساً على هذا المفهوم العميق لشرعيّة السّلطة التي لا تكتسبها من شيء اكتسابها من العدل تحديداً، فانَّ العدل هو المحور فاذا تحطّم وحلّ محلَّهُ الظّلم والجور والعدوان فلم يبق من السّلطة وشرعيّتها شيءٌ ترتجى لهُ ابداً.
   وهو حالنا اليوم في بلادنا، فقد يتصور بَعضنا ان هويّة السّلطة وحدها تكفي لتكتسب بها الشّرعية المطلوبة ولذلك ينبغي الدّفاع عنها والتمسّك بها والقتال من أجلها ديمومتها.
   أبدا ،الهوية ليست أساساً لشرعيّة السّلطة، ايّة سلطة، ابداً، وانّما الأساس هو العدل، فاذا عدَلَت السّلطة اكتسبت الشّرعية حتى اذا كانت كافرة والعكس هو الصّحيح فاذا مارست الظُّلم والجور والقهر والعبوديّة مع الرّعيّة فإنّها تفقد شرعيّتها مهما رفعت من شعارات وتلفّعت بأزياء ومارست من شعائر وطقوس، دينيَّةً كانت او مذهبيّة!.
فما نراه اليوم من ممارسات سلطوية تسقيطية مسيسة ب"اسم الدين" ظالمة بحق أبناء اﻷمة يقودها سياسيون ورجال دين يتفننون في تمزيق وحدة "الصف الشيعي" من أجل الحفاظ على كراسيهم
والنيل من بعض الرموز التي لا تعجبهم توجهاتها أو طريقة تفكيرها أو حتى تصديها لبعض الشؤون في المجتمع ، بدلا أن توجد تلك السلطات القامعة للفكر والحرية  مقاربات في وجهات النظر وحلولا نهضوية فكرية تقضي على الظلم والجهل واﻷضاليل اﻹعلامية التي باتت تصنف اﻷفراد والمجتمعات على أساس القومية والحزبية والعنصرية والفئوية . وهذه هي السمة البارزة في هذا العصر التي تشكل تهديدا حقيقيا. من هنا يتأكد الوجوب الشرعي واﻷخلاقي أن نقف في وجه المد التضليلي الاعلامي الفاسد ونحاربه بعيدا عن العوالق الذهنية والترسبات الفكرية ، 
ونسعى في تشييد سلطة اﻹسلام الواقعي الذين يوحد اﻷمة أمام تيارات الظلم والقمع والفساد.
➰منتدى أهل البيت (ع) الثقافي➰
1/12/2015



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72919
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19