• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ما تشاؤون أمِلّوا .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

ما تشاؤون أمِلّوا

في كل مرة يرتكب نظام مملكة النفط واللفط حماقة انسانية ، تنبري بل وتتبارى اقلام الكتبة وافواه الخطباء مبشرة بقرب سقوط النظام كنتيجة حتمية لانتقام الهي على الابواب . طبعا لا احد من هؤلاء الكتاب او الخطباء الافاضل يحدد لنا سقفا زمنيا ولو تقريبيا لهذا السقوط حتى نلزمه به ذات يوم . ويبقى الامد مفتوحا الى ما شاء الله ، فقد تنقرض امم باكملها وتتدحرج رؤوس حكام عادلين وظالمين على السواء ، فيما الانتقام الالهي لم يتحقق بعد . لب المشكلة يكمن في ان البشر "نحن بالذات" يتعامل مع المفهوم الالهي للسنن ضمن مفهومه الارضي البشري المادي الضيق الافق . فعندما نغضب لفعلة ما فاننا نرسم صورة في مخيلتنا لله وهو مقطب الجبين وغاضب كما نغضب عندما تپنچر تايراتنا في يوم عاصف. واذا ما ارتكب طويل العمر مجزرة في اليمن او القطيف ، فان الله توترت اعصابه كما يفعل البشر والعياذ بالله . والحال ان الزمن عند الله "جل وعلا" لامعنى له على الاطلاق فالامس واليوم والغد وما قبلهم وما بعدهم مجرد توقيتات تصلح للحيوان فقط . اما الذي لديه علم الساعة بكل دقائقها فلا يتفاجا لمنكر ارتكب في الاحساء او موبقة في كوباكابانا . كل شيء مكشوف لديه ومطوي في يمينه، لكننا نسقط رؤيتنا الشخصية البشرية الترابية على رب العالمين ثم ندعوه ليتصرف كما نشتهي لا كما يقدر بتدبيره . قد يُبطش بالنظام السعودي المتهتك اليوم او غدا وقد يمتد به العمر الى يوم يبعثون وهذه سنن الله في خلقه . اما المحتجون بالكريمة " انا من المجرمين منتقمون" فهذا لا يعني الالتزام الزمني ، فقد يقدر الله امرا في عالمنا الارضي في لحظة بحساباته الملكوتية ، لكن هذه اللحظة قد تمتد الى خمسين الف سنة مما نعد ، وهذا ما يرمز اليه العراقيون في مثلهم الشهير "موت يا حمار الى ان يجيك الربيع" . عندما أعدَم صدام العوجة الشهيد الصدر "رحمة الله عليه" لم يبق كاتب اسلامي الا وتنبا بمقتل صدام في اليوم التالي انتقاما الهيا . اكثرهم تساهلا اعطى صداما اسبوعا او شهرا في الكثير وهي مهلة كافية للملمة حقائب سفره الى الدرك الاسفل من النار . لكن صداما المجرم عاش اطول حتى ممن تنبا بمقتله في اليوم التالي . عاش ربع قرن من الزمن خاض فيها من الجرائم ما هون جريمة قتل الشهيد الصدر وعندما سقط لم يسقط بسواعدنا بل ببساطيل جاءته عبر المحيطات فداست رقبته بكل اذلال . لو ان الكاتب او الخطيب يشعر ان خلف كلمته رقيبا عتيدا يحاسب على الكلمة كما يحاسب على الفعل لصمت جميع كتابنا وخطبائنا في مجال النبوءات الفارغة . لكن الكلام بلا ضريبة وقد اصبحت الخطابة و الكتابة – كما افعل انا الان - اسهل مهمة في زمن الفيسبوك وتويتر ويوتيوب ، حيث لا حساب ولا كتاب . كم كاتبا او خطيبا فينا قدم اعتذاره لاراجيف ساقها لقرائه او سامعيه ؟ لا اتذكر احدا ، لانني متاكد من ان ثقافة الاعتذار مغيبة عندنا تماما ، وقد يظهر الامام الغائب ولا تظهر بوادر هذه الثقافة بين ظهرانينا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72603
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28