• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ليلة الرغائب سنة ام بدعة؟ .
                          • الكاتب : محمد تقي الذاكري .

ليلة الرغائب سنة ام بدعة؟

كنت جالسا أمام الكعبة المشرفة بعد ان أكملت الصلاة ومايختص باعمال تلك الليلة، خطر ببالي البحث في فضيلة هذه الليلة، مع علمي بان بعض من يدعي العلم من أهل السنة يرفض أعمال هذه الليلة المباركة.

فاخذت ببحث حول اللفظ ومن جملة ما عثرت عليه كان ماذكره موقع اسلام سؤال وجواب، فاخذت بالتأمل في عباراته، وهذا ملخص القول: 

قال: صلاة الرغائب من البدع المحدثة في شهر رجب ، وتكون في ليلة أول جمعة من رجب ، بين صلاتي المغرب والعشاء ، يسبقها صيام الخميس الذي هو أول خميس في رجب . وأول ما أُحدثت صلاة الرغائب ببيت المقدس ، بعد ثمانين وأربعمائة سنة للهجرة ، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها ، ولا أحد من أصحابه ، ولا القرون المفضلة ، ولا الأئمة ، وهذا وحده كافٍ في إثبات أنها بدعة مذمومة ، وليست سنة محمودة . وقد حذر منها العلماء ، وذكروا أنها بدعة ضلالة ...

 اقول: الرواية يذكرها العامة (كماسيأتي) في بعض كتبهم، وذكرها من طريقنا الخاصة السيد ابن طاووس، والعلامة المجلسي بطريق آخر، وهي مروية عن انس، وهو موثوق عند العامة ولايقبله الشيعة لموقفه السلبي من أمير المؤمنين علي عليه السلام.

لنتابع الادلة وفق الموقع:

قال: قال النووي .. في "المجموع" (3/548) : 

" الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب , وهي اثنتا عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب , وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان ولا يُغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب , وإحياء علوم الدين , ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل ، ولا يُغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما فإنه غالط في ذلك , وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابا نفيسا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد .. " انتهى . 

قال: وقال النووي – أيضاً - في "شرح مسلم" : 

" قاتل الله واضعها ومخترعها , فإنها بدعة منكرة من البدع التي هي ضلالة وجهالة وفيها منكرات ظاهرة . وقد صنف جماعة من الأئمة مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصليها ومبتدعها ودلائل قبحها وبطلانها وتضليل فاعلها أكثر من أن تحصر " انتهى . 

قال: ول..١ نور الدين المقدسي فيها تصنيف حسن سماه "ردع الراغب عن صلاة الرغائب" أحاط فيه بغالب كلام المتقدمين والمتأخرين من علماء المذاهب الأربعة " . 

وقال: وسئل ابن حجر الهيتمي .. : هل تجوز صلاة الرغائب جماعة أم لا ؟ 

فأجاب : " أما صلاة الرغائب فإنها كالصلاة المعروفة ليلة النصف من شعبان بدعتان قبيحتان مذمومتان وحديثهما موضوع فيكره فعلهما فرادى وجماعة " انتهى . 

ونقل عن "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/216) قول ابن الحاج المالكي في "المدخل" (1/294) : 

" ومن البدع التي أحدثوها في هذا الشهر الكريم (يعني شهر رجب) : أن أول ليلة جمعة منه يصلون في تلك الليلة في الجوامع , والمساجد صلاة الرغائب , ويجتمعون في بعض جوامع الأمصار ومساجدها ويفعلون هذه البدعة ويظهرونها في مساجد الجماعات بإمام وجماعة كأنها صلاة مشروعة .

ثم نقل عن مذهب ابن مالك انه( مكروه فعلها..) .

ثم نقال عن ابن تيمية:

" فأما إنشاء صلاة بعدد مقدر وقراءة مقدرة في وقت معين تصلى جماعة راتبة كهذه الصلوات ... كصلاة الرغائب في أول جمعة من رجب .. فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام , كما نص على ذلك العلماء المعتبرون ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع , وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام , وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله " انتهى .

ثم نقل مافي "الفتاوى الكبرى" (2/239) لابن تيمية ايضا:

" هذه الصلاة لم يصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة , ولا التابعين , ولا أئمة المسلمين , ولا رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا أحد من السلف , ولا الأئمة ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها . والحديث المروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك ; ولهذا قال المحققون : إنها مكروهة غير مستحبة "

ثم قال: وجاء في "الموسوعة الفقهية" (22/262) : 

" نص الحنفية والشافعية على أن صلاة الرغائب في أول جمعة من رجب , أو في ليلة النصف من شعبان بكيفية مخصوصة , أو بعدد مخصوص من الركعات بدعة منكرة . . . 

وذكر كلام أبو الفرج بن الجوزي حيث قال : صلاة الرغائب موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب عليه . قال : وقد ذكروا على بدعيتهما وكراهيتهما عدة وجوه منها : أن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين لم ينقل عنهم هاتان الصلاتان , فلو كانتا مشروعتين لما فاتتا السلف , وإنما حدثتا بعد الأربعمائة " انتهى .

اما موقع امام المسجد، فنقل كامل ماذكرناه آنفا باضافة الرواية:

عن أنس بن مالك-...-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي...، وما من أحد يصوم يوم الخميس ، أول خميس في رجب ، ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة، يعني ليلة الجمعة، اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}ثلاث مرات و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} اثنتي عشرة مرة ، يفصل بين كل ركعتين بتسليمه ، فإذا فرغ من صلاته صلى عليَّ سبعين مرة، ثم يقول : اللهم صلى على محمد النبي الأمي وعلى آله، ثم يسجد فيقول في سجوده : سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبعين مرة، ثم يرفع رأسه فيقول : رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت العزيز الأعظم ، سبعين مرة ، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله تعالى حاجته فإنها تقضى . قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والذي نفسي بيده ما من عبد ولا أمة صلى هذه الصلاة، إلا غفر الله تعالى له جميع ذنوبه ، وإن كانت مثل زبد البحر ، وعدد ورق الأشجار ، وشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ، فإذا كان في أول ليلة في قبره ، جاء ثواب هذه الصلاة فيجيبه بوجه طلق، ولسان ذلق، فيقول له : حبيبي أبشر فقد نجوت من كل شدة ، فيقول : من أنت فو الله ما رأيت وجهاً أحسن من وجهك، ولا سمعت كلاماً أحلى من كلامك ، ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك ، فيقول له: يا حبيبي أنا ثواب الصلاة التي صليتها في ليلة كذا في شهر كذا جئت الليلة لأقضي حقك ، وأونس وحدتك ، وأرفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور أظللت في عرصة القيامة على رأسك ، وأبشر فلن تعدم الخير من مولاك أبداً"1

ثم نقل عن ابن الجوزي :"ولقد أبدع من وضعها فإنه يحتاج من يصليها أن يصوم، وربما كان النهار شديد الحر، فإذا صام ولم يتمكن من الأكل حتى يصلي المغرب، ثم يقف فيها، ويقع ذلك التسبيح الطويل ، والسجود الطويل ، فيتأذى غاية الإيذاء، وإني لأغار لرمضان ، والصلاة التراويح كيف زوحم بهذه؟! بل هذه عند العوام أعظم وأجل، فإنه يحضرها من لا يحضر الجماعات!"2.

ثم ناقش حكمها وقال: لا شك في بدعية صلاة الرغائب، لاسيما أنها أحدثت بعد القرون المفضلة، فلم يفعلها الصحابة, ولا التابعون, ولا تابع التابعين، ولا السلف الصالح ، وكانوا على الخير أحرص ممن جاء بعدهم . وقد جرى بين العز بن عبد السلام, وابن الصلاح مساجلة علمية جيدة من خلالها يتأكد لنا بدعية هذه الصلاة المحدثة . فقد أكد الإمام العز بن عبد السلام أن صلاة الرغائب موضوعة على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وكذب عليه، وأنها مخالفة للشرع من وجوه يختص العلماء ببعضها، وبعضها يعم العالم والجاهل. فأما ما يختص به العلماء فضربان:

الأول : أن العالم إذا صلى كان موهماً للعامة أنها من السنن ، فيكون كاذباً على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بلسان الحال الذي قد يقوم مقام لسان المقام.

الثاني : أن العالم إذا فعلها كان متسبباً إلى أن تكذب العامة على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيقولوا : هذه سنة من السنن، والتسبب إلى الكذب على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لا يجوز.

وأما ما يعم العالم والجاهل فمن وجوه :

الوجه الأول : أن فعل البدع مما يغري المبتدعين الواضعين بوضعها وافترائها ، والإغراء بالباطل والإعانة عليه ممنوع في الشرع واطَّراح البدع والموضوعات زاجر عن وضعها وابتداعها ، والزجر عن المنكرات من أعلى ما جاءت به الشريعة .

الوجه الثاني : أنها مخالفة لسنة السكون في الصلاة ، من جهة أن فيها تعديد لسورة الإخلاص ، وسورة القدر ، ولا يتأتى عده في الغالب إلا بتحريك بعض أعضائه .

الوجه الثالث : أنها مخالفة لسنة خشوع القلب وخضوعه وحضوره في الصلاة ،وتفريغه لله تعالى، وملاحظة جلاله وكبريائه ، والوقوف على معاني القراءة والذكر ، فإنه إذا لا حظ عدد السور بقلبه ، كان متلفتاً عن الله تعالى،معرضاً عنه بأمر لم يشرعه في الصلاة ،والالتفات بالوجه قبيح شرعاًَ ،فما الظن بالالتفات عنه بالقلب الذي هو المقصود الأعظم .

الوجه الرابع : أنها مخالفة لسنة النوافل ، فإن السنة فيها أن فعلها في البيوت أفضل من فعلها في المساجد ، إلا ما استثناه الشرع كصلاة الاستسقاء, والكسوف, وقد قال-صلى الله عليه وسلم-: "صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة"4.

الوجه الخامس : أنها مخالفة لسنة الانفراد بالنوافل ، فإن السنة فيها الانفراد ، إلا ما استثناه الشرع ، وليست هذه البدعة المختلقة على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- منه .

الوجه السادس : أنها مخالفة للسنة في تعجيل الفطر ، إذ قال- صلى الله عليه وسلم - : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر "5 .

الوجه السابع : أنها مخالفة للسنة في تفريغ القلب عن الشواغل المقلقة قبل الدخول في الصلاة ، فإن هذه الصلاة يدخل فيها وهو جوعان ظمآن ، ولاسيما في أيام الحر الشديد ، والصلوات لا يدخل فيها مع وجود شاغل يمكن رفعه .

الوجه الثامن : أن سجدتيها مكروهتان ، فإن الشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة لا سبب لها ، فإن القرب لها أسباب وشرائط وأوقات وأركان لا تصح بدونها ، فكما لا يتقرب إلى الله بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار ، والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك واقع في وقته بأسبابه وشرائطه، فكذلك لا يتقرب إليه بسجدة منفردة، وإن كانت قربة، إلا إذا كان لها سبب فكذلك لا يتقرب إلى الله- عز وجل- بالصلاة والصيام في كل وقت وأوان وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه من حيث لا يشعرون .

الوجه التاسع : لو كانت السجدتان مشروعتين ، لكان مخالفاً للسنة في خشوعهما وخضوعهما ، بما يشتغل به من عدد التسبيح فيهما بباطنه ، أو بظاهره ، أو بباطنه وظاهرة.

الوجه العاشر : أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال : " لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ، إلا أن تكون في صوم يصومه أحدكم "6.

الوجه الحادي عشر : أن في ذلك مخالفة للسنة فيما اختاره رسول الله-صلى الله عليه وسلم-في أذكار السجود، فإنه لما نزل قوله-سبحانه وتعالى-:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} . قال : " اجعلوها في سجودكم "7. وقوله : "سبوح قدوس" وإن صحت عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، فلم يصح أنه أفردها بدون "سبحان ربي الأعلى" ، ولا أنه وظفها على أمته، ومن المعلوم أنه لا يوظف إلا أولى الذكرين، وفي قوله :"سبحان ربي الأعلى" من الثناء ماليس في قوله : "سبوح قدوس "8.

ثم شرع في اقوال العلما وقال: قال الحافظ ابن رجب الحنبلي- ...- وهو يعدِّد العبادات التي أحدثها بعض الناس في رجب: "فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء، وممن ذكر ذلك من الأعيان العلماء المتأخرين من الحفـاظ: أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو بكر بن السمعـاني، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهم، وإنما لم يذكرها المتقدمون لأنها حدثت بعدهم، وأول ما ظهرت بعد الأربعمائة، فلذلك لم يعرفها المتقدمون ولم يتكلموا فيها"9.

ثم اضاف: وقال العز بن عبد السلام-..-:" ومما يدل على ابتداع هذه الصلاة أن العلماء الذين هم أعلام الدين، وأئمة المسلمين من الصحابة والتابعين ، وتابعي التابعين ، وغيرهم ممن دون لكتب في الشريعة ، مع شدة حرصهم على تعليم الناس الفرائض والسنن ، لم ينقل عن أحد منهم أنه ذكر هذه الصلاة ، ولا دونها في كتابه ، ولا تعرض لها في مجالسه، والعادة تحيل أن تكون مثل هذه سنة وتغيب عن هؤلاء الذين هم أعلام الدين ، وقدوة المؤمنين ، وهم الذين إليهم الرجوع في جميع الأحكام من الفرائض والسنن والحلال والحرام.... ولما صح عند السلطان الكامل- ...- أنها من البدع المفتراه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-أبطلها من الديار المصرية ، فطوبى لمن تولى شيئاً من أمور المسلمين ، فأعان على إماتة البدع وإحياء السنن .

وليس لأحد أن يستدل بما روي عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أنه قال : "الصلاة خير موضوع"10. فإن ذلك مختص بصلاة لا تخالف الشرع بوجه من الوجوه، وهذه الصلاة مخالفة للشرع من الوجوه المذكورة، وأي خير في مخالفة الشريعة؟ ولمثل ذلك قال-صلي الله عليه وسلم-:"شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلاله"11 . 

وقال أيضاً : "صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين ،لم يسنها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ولا أحد من خلفائه، ولا استحبها أحد من أئمة الدين كمالك، والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة ،-رحمهم الله- والثوري ، والأوزاعي، والليث وغيرهم ، والحديث المروي فيها كذب بإجماع أهل المعرفة بالحديث"13.

ثم اردف قائلا: ولا يغترن أحد بكونها شائعة يفعلها العوام وشبههم ، فإن الاقتداء إنما يكون برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبما أمر به لا بما نهى عنه، وحذَّر منه"19.

ونقل قول النووي:"هي بدعة قبيحة منكرة أشد إنكار، مشتملة على منكرات فيتعين تركها والإعراض عنه20.

وفي موقع المكتبة الاسلامية اضافة عن ابن تيمية:" صلاة الرغائب " بدعة باتفاق أئمة الدين لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ولا استحبها أحد من أئمة الدين : كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم . والحديث المروي فيها كذب بإجماع أهل المعرفة بالحديث وكذلك الصلاة التي تذكر أول ليلة جمعة من رجب وفي ليلة المعراج وألفية نصف شعبان والصلاة يوم الأحد والاثنين وغير هذا من أيام الأسبوع وإن كان قد ذكرها طائفة من المصنفين في الرقائق فلا نزاع بين أهل المعرفة بالحديث أن أحاديثه كلها موضوعة ولم يستحبها أحد من أئمة الدين . وفي صحيح مسلم [ ص:135 ] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ولا يوم الجمعة بصيام } . 

 

الى غير ذلك مما هو تكرار المكررات في أغلب المواقع، وكلها تحت اشراف الوهابية والسلفية حسب تتبعي.

اقول:

المستفاد من كلام هذا القسم من علماء السنة انهم يتهجمون على علماء من نفس المدرسة العامية أكثر مما يتهجمون على الشيعة، حيث انهم يعترضون على ادائها جماعة واستحمار الناس (حسب كلامهم) بينما عندنا الصلوات المستحبة بجماعة حرام باجماع علماء الشيعة.

ومن هنا نعلم ان الذين يتقبلون صلاة ليلة الرغائب أكثر من المعترضين، حيث ان لهم شعبية وحضور جماهيري ملفت للنظر، والا فما الداعي للوهابية ومن في فلكها التهريج بهذا المقدار.

اضف الى ذلك تصورهم انه يقع في فترة الحر، ثم يناقشون تصور قد لايكون مطابقا، مضافا الى موضوع جوع الصائم، حيث انهم ذكروا على انها تقع بين صلاة المغرب وصلاة العشاء، متناسين انهم يفصلون بين المغربين بساعات قد تكون ثلاثة أو أكثر.

والغريب انهم يناقشون النية والاكثار من العبادات، وهذا ديدن الوهابية والسلفية فقط من بين العامة، حيث انهما يقرأون النوايا التي لم ولن تظهر ولايعلمها الا الله وحده، ضاربين كلام الرسول صلى الله عليه واله في (ان الصلاة خير موضوع)، عرض الحائط مع قوة سنده ودلالته في المقام.

ثم اننا نتأمل في بعض الادعاءات الواردة في كلامهم وبايجاز:

١- لم ينقل عن النبي فعلها، مع انهم يرووه عن أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وآله.

٢- ان الصحابة والتابعين لم يعملوا به، مع انه مذكور في كتابي: قوة القلوب للمكي، واحياء علوم الدين للغزالي. ويعتبر هذين الكتابين من أمهات كتب العرفان والتصوف حسب تقييم الوهابية والسلفية، مع انهما يحتويان على التقرب الى الله ويدعوان الى تزكية النفس.

٣- القبح والتضليل (حسب ما ورد في كلامهم) مع ان هذه الصلوات لاجديد فيها سوى التقرب الى الله في السجود، مع ان النصوص تقول (ان أقرب وقت للعبد الى الله هو في وقت السجود)، فماهو القبح هنا وما هو التضليل؟

٤- كثرة العمل بها في المساجد، والكتب التي كُتبت في استحباب هذه الصلوات.

٥- ابطالها بواسطة سلطان الديار المصرية، وهذا يعني ان منكريها هم من اتباع السلاطين، والعاملين بها هم من حملة الدين الذين لم يتقبلوا الانصهار في الدولة وارادوا استقلاية الدين.

٦- الاوجه التي ذكرها ابن الجوزي مبنية على توهمات لا على الادلة الشرعية وان حاول اسنادها الى النصوص، لكنها كما عرفت بعيدة كل البُعد عن الواقع.

٧- ظهورها وانتشارها بعد سنة الاربعماية، وتحديدا بعد ٤٠٨ من الهجرة، وقد يكون الامر مرتبطا بظهور الشيخ المفيد رحمه الله في طهران وبدئ نشر التشييع في الاوساط العلمية والعقايدية.

اما ابن طاووس، فميلاده سنة ٥٨٩ فانه اعتمد على طرقه الروائية الخاصة، كما الشيخ المجلسي في بحاره.

هذا مختصر في فضيلة صلاة ليلة الرغائب، ولي كلام آخر، وهو:

١- اعتمد فقهاء الشيعة على روايات عائشة وأنس وامثالهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله في مختلف ابواب الفقه مادامت متطابقة مع كلام الائمة عليهم السلام من جهة، من جهة اخرى موافقة لقاعدة التسامح في ادلة السنن وغيرها من القواعد المذكورة في المفصلاة..

٢- المستفاد من كلمات علماء الشيعة ان ابن طاووس كلامه ككلام المفيد والصدوق، اما نص واما مأخوذ من نص.

٣- الاعتماد على ما خالف العامة، ومن أظهر مصاديق العامة هو امام الوهابية والسلفية، ابن تيمية واضرابه، فكل ما خالفه ابن تيمية يُحكم بصحته، لأنه بالذات مخالف لكل العلماء من الفريقين، فمخالفته موافقة الواقع و قد يكون موافقا لكلام المعصوم ايضا.

٤- الاعتماد على قاعدة (خذ بما اشتهر بين اصحابك).

٥- دلالة النص، فان النص الوارد في صلاة ليلة الرغائب وما بعده يوحي بصحة الصلاة.

هذا اعتقادي، وبه ادين الله، مع اعترافي باني لست من أهل الخبرة، لكنني عاشرت الكثير من المراجع الماضين والاحياء واخذت ديني منهم. والله ولي التوفيق

الخميس ٣ رجب المرجب موافق ٢٣/٤/٢٠١٥

مكة المكرمة




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72250
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 12 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28