• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تأملات في أحداث شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله .
                          • الكاتب : احمد سالم إسماعيل .

تأملات في أحداث شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله

 [أ تـرون ما أرى؟]

 
لعل الذي يسمع بمصيبة شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله يتساءل عن أمور عديدة، منها:
1. كيف مات رسول الله صلى الله عليه وآله؟
2. كيف للرسول أن يرحل ولا يكون في الناس مَن هو مثله؟!
3. لماذا لم تسكت الزهراء عن البكاء على رسول الله ما دامت على قيد الحياة؟ هل تبكي لفقده فقط وهي تعلم أن هذا أمر الله تعالى!؟.
ولا بد من أنّ هناك أسئلة أخرى... .
فأمّا السؤال الأول: فقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله موتاً غير طبيعي، ويدل عليه حديثه صلى الله عليه وآله: ما مِنّا إلّا مقتول أو مسموم.
وقد جاء القرآن بإشارة لذلك، فقال: (أ فإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم)!، ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الآية تحدثت عن فئتين من الناس: المنقلبون على أعقابهم، والشاكرون.
ولو أحصينا وراجعنا معنى الآيات التي تتحدث عن الشاكرين وعن الشكر، سنجد أن مقام الشكر والشاكرين ليس فقط في قول (شكرا لله)، بل لعلها مرتبة لا ينالها إلّا المعصومون وأتباعهم المُخلصون، ويؤيد ذلك قول الله تعالى: (قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [سورة اﻷعراف 144].
ويوجد غير هذه الآية ما يدل على الذي أشرنا إليه، فالمنقلبون على أعقابهم -بالتأكيد وبلا شكّ- يكون خطّهم ضد خط الشاكرين.
ولو لاحظنا قوله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور)، سنلاحظ انطباقها على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فالقليل هم الشاكرون، والكثير هم الذين انقلبوا على أعقابهم.
ولو قلنا: ماذا مقابل الشكر؟
نقول: مقابلُ الشكرِ الكفرُ، إذن فالمنقلبون على أعقابهم كافرون، هذا بلا شكّ ولا ريب، وهو أمر عقلي، فلا يجتمع الشكر والكفر، بل إذا وجد الشكر انتفى الكفر، وإذا لم يوجد الشكر فالكفر موجود.
أما السؤال الثاني: فهو انطلاقاً من قوله تعالى: (وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين)، فهذه الآية -بلا شكّ- خطاب للنبي صلى الله عليه وآله، إذن: كيف يكون رسول الله رحمة لنا ونحن لم نره ولم نعاصره؟! من ذلك نقول: لا بدّ من وجود شخص مِن رسول الله على الله عليه وآله، لا بدّ من وجوده في كل وقت إلى يوم القيامة، وهذا دليل على لزوم وجود الحُجّة المعصومة في كل وقت، وهو أن الأرض لا بدّ أن لا تخلو من حُجّة، ويؤيد ذلك قوله تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة)، إذ إن رسول الله هو الرحمة الإلهية، والله قد كتب على نفسه تلك الرحمة في كل وقت، إذن فلا بدّ من وجود شخص يمثل رسول الله -بل شخص مِن رسول الله صلى الله عليه وآله- في كل وقت وزمان.
وهل يعقل أن يكون خليفة رسول الله شخطاً مذنباً لا تتجلّى فيه الرحمة الإلهية؟! كلا، لا بدّ أن يكون خليفة رسول الله مثل رسول الله صلى الله عليه وآله، ولقد دلّت الأحاديث الكثيرة على أن رسول الله وصف أهل بيته عليهم السلام بأنهم منه وهو منهم، ولا يخفى هذا المعنى في القرآن الحكيم، قال تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم...)، هنا قد أفصحت الآية أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو نفسُ رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن ذلك نقول: أن أمير المؤمنين عليه وآله السلام أيضا هو رحمة للعالمين، وهو امتداد الرحمة المحمّديّة الإلهية، وكذا الزهراء عليها السلام، وبعدها الحسنان والتسعة المعصومون من ذرية الحسين عليه وعليهم السلام.
ولعل من اللطيف ملاحظة أن الرحمة عند وجودها لا يوجد العذاب، فإذا رُفعت الرحمة نزل العذاب، فالأنبياء والأوصياء والحُججُ هم رحمة الله تعالى للناس، فإذا اعتدى الناس على المعصومين فقد تسبّبوا بإعدام الرحمة الإلهية، وماذا يكون بدل الرحمة إن رُفعت الرحمة؟! لا يكون إلّا العذاب، ولو قال أحد أن العذاب لم ينزل على هذه الأمة بعد قتل أحد المعصومين، يمكن أن نقول: ما دامت الرحمة موجودة فلا ينزل العذاب، فإذا قُتل المعصوم فلا بدّ من وجود معصوم يتلوه، فلا يمكن أن تخلو الأرض من الحجة المعصومة، ولو خلت منها لخلت من الرحمة، وإذا خلت الأرض من الرحمة يكون مصيرها العذاب بلا شك ولا ريب.
وأما السؤال الثالث: فانطلاقُهُ مِن شدّة بُكاء الزهراء عليها السلام على أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله، فليس من المعقول أن تبكي الزهراء عليها السلام على فقد أبيها بهذه الصورة من البكاء غير المنقطع!
فلا بدّ من حصول أحداث قد تجمّعت وأنتجت مصيبة رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله، فالله يعلم ما الذي رأته الزهراء عليها السلام حتى جعلها تبكي كلّ هذا البكاء على رسول الله صلى الله عليه وآله!.
اللهم اجعلنا من خير مَن يثبُتُ على ولاية آل رسولك صلى الله عليهم أجمعين ولعن الله أعداءهم في كل وقت وحين إلى يوم القيامة.
ــــــــــــــــــــــــــ
الخميس 27 صفر 1437 هج
الموافق 10/ 12/ 2015 م.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=71310
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 12 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19