• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رواية ( اعترافات الملازم زكي ) للكاتب القدير راضي المترفي .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

رواية ( اعترافات الملازم زكي ) للكاتب القدير راضي المترفي

  يمكن اطلاق على الرواية  او الحلقات ( اعترافات الملازم زكي - 71 حلقة نشرت في موقع مركز النور للثقافة والاعلام ) بانها رواية شمولية جامعة , وهي تسلط الضوء الكاشف على الحقبة السوداء من تاريخ العراق السياسي , حقبة الدكتاتورية البعثية وقائدها الاوحد ( قائد الضرورة ) , التي احرقت واهلكت الانسان والحجر والشجر , وكانت أسوأ فترة خراب هبت على الشعب العراقي , بفداحتها وخسائرها الكبيرة  , التي جعلت مصير الانسان العراقي في مهب الريح والمجهول , في خيبة الامل والخوف من المجهول , بين الارهاب الحزبي , والسواتر الترابية وتحت الخنادق على جبهات القتال , في الحرب المجنونة والرعناء , التي اعلنها القائد الاوحد الارعن , المصاب بمرض حب العظمة , اشعلها ضد ايران , وطالت ثماني سنوات عجاف من الموت المجاني , وتجرع الشعب العراقي المرارة  والمهانة والخراب والذل  , اضافة الى الاساليب القمعية بالبطش الوحشي في مصادرة حقوق الانسان , لكي يكون المواطن العراقي , خادم ذليل ومهان الى القائد المجنون وحزب البعث , لقد سلطت الرواية على كل جوانب الحقبة السوداء من العهد الدكتاتوري البغيض  , ورعونة القائد الاوحد الطائش بحب الكرسي والابهة المزيفة , حتى لو كانت على انهار من الدماء  والجماجم , ليكون الشعب حطب ووقود لرعونته وطيشه المجنون  , وان يكون الشعب تحت رحمة  شرور نيران الارهاب الامني والفساد الكلي في مناحي الحياة , وتشويه القيم والعادات المجتمع العراقي , كما توغلت في كشف مباضع  الانتهازية والوصولية والازدواجية الشخصية المتناقضة بين الظاهر والباطن عند المواطن العراقي  , في اجواء الرعب البعثي , ومصادرة الحريات الانسانية والحياتية , في مناخ الخراب الشمولي , لكننا لا يمكن ان نغفل بعض القيم الانسانية الخيرة بالمثل العليا , الموزعة هنا وهناك في ثنايا الرواية , التي حافظت على قيمتها  لم تتلوث في حريق وثقافة البعث المدمرة . ان الرواية كانت بحق  المرآة التي  عكست  بصدق  حثيثيات الواقع وتفاصيله الدقيقة آنذاك , وصادقة في ترجمتها للواقع , بالكم الهائل من الاعمال والافعال والتصرفات والسلوكيات,   في عذاب الانسان العراقي وقهره , ليكون تحت شفقة  محرقة وماكنة الالة  الحزبية والامنية  , سواء داخل او خارج خنادق جبهات الحرب  , سواء كانت  في الحرب العراقية الايرانية , او في غزو الكويت واحتلاله , بحجة عودة الفرع الى اصله الام  , ثم طرده من الكويت , بشرهزيمة يجرجر اذيال الذل والمهانة , بالانكسار الكبير لجيش العراقي , وتحوله الى فحم محترق , ثم اشعال انتفاضة الشعب ضد النظام الدكتاتوري . انها عمل ادبي ابداعي كبير , بهذا الجهد المرموق , لتدوين تلك الحقبة السوداء , وعكس حقيقتها المشؤومة من تاريخ العراق السياسي , وقد استخدم المؤثرات التقنية الفنية , في تطعيم الرواية بالموروثات الشعبية , وفي لغة السرد المطعمة باللهجة العراقية الشعبية , وكذلك في توظيف تلك الاغاني التي سادت على الاعلام  في تلك المرحلة الدكتاتورية , وخاصة اغاني الحرب  التي تمجد عظمة الدكتاتور السفاح المجنون بالتعظيم  المقدس , وتمجد العنف الوحشي , بتحول الانسان العراقي الى  وحشي مارق ومصاص دماء وجزار يذبح دون رحمة وشفقة . انها صورت وترجمت وقائع الحرب بعين الراصد , المراسل الحربي المرموق , الذي يرصد كل شاردة وواردة , سواء داخل السواتر التربية لجبهات الحرب , او الرعب والارهاب المسيطر على الحياة العامة والخاصة , انها رواية او ( الحلقات 71 ) واقعية من المعايشة الصميمية لكل حزئيات اشياء الواقع , ونقلها بالامانة , من التكتيكات الفنية للعمل الروائي الحديث , بالواقعية السياسية بشكل مباشر , وعبر الاسلوب السردي العميق بالتشويق , والرشيق في النقل والتصوير والتسجيل , انها تصلح لعمل سينمائي كبير ورائع , سيكون له شأن كبير  , وكما انحازت الرواية الى الاسلوب الانتقاد الساخر واللاذع , لاعلام النظام المستند على النظرية النازية ( اكذب . اكذب , ثم اكذب حتى يصدقك الناس ) المحرف والمزيف , الذي يبحث عن قشة او شعرة , ليجعلها هالة ضخمة بعظمة الملاحم النصر ومآثره العظيمة , لحراس البوابة الشرقية ( البوابة اللعينة ) وهم في زحمة النفاق المسعور , من اجل خداع الرأي العراقي والخارجي , بان جند صدام الاشاوس يسجلون الانتصارات تلو الانتصارت , ولكن في عقولهم المريضة والمعتوهة . هذا الكم الهائل الكاشف والمسلط على الزيف المنحرف في تشويه الحقائق والوقائع الفعلية . استطاع الكاتب ان يضبط هذه الايقاعات , بالترتيب والتنسيق في الصياغة والتعبير , بقدرة مدهشة . لكن القارئ والمتابع لهذه ( الحلقات 71 ) يتحير في تصنيفها من الادب الروائي , هل هي رواية مذكرات . مشاهدات . اعترافات . رواية تصنف في قسم الرواية السياسية , ام رواية تاريخية  - وثائقية تؤرخ تلك المرحلة المنصرمة . ويمكن ان نطلق عليها رواية شمولية جامعة كل هذه الاصناف , ونستشف بها  الحقيقة والواقع المعاشي الملموس آنذاك   , في المعيشة الصميمية عن قرب , لاشخاص عاشوا في محرقتها , منهم من احترق , ومنهم من خرج سليماً وسط هذا الخراب الكبير , ويمكن لاي مواطن عراقي عايش تلك محرقة الدكتاتورية , ان يدعي بانها ترسم جزء من حياته  في تلك المرحلة المشؤومة والسوداء , في زمن لا يرحم , بان يكون حطباً لنزوات قائد مجنون بحب العظمة , ومرعبة  في كل تفاصيلها . بان يجعل الانسان العراقي يعيش الغربة والاغتراب وفقدان الامل , سواء داخل العراق او خارجه , ومهما حاول البعض الهروب من الذل والمهانة المفروضة عليه عنوة , فأنه يصتدم بجدار حديدي مطوق ومحاصر في كل مكان , حتى في احلامه وفي غرفة النوم . هكذا كانت العقلية الدكتاتورية في ممارسة  قمع الانسان في احلامه وامانيه , وتجعله محبط بالقنوط واليأس والخيبة , وبان تجعله يعترف بالقدر الدكتاتوري المسلط عليه , ولكننا لا ننكر ولا نجحف بعض محاولات التمرد والرفض لهذا الواقع المرير , رغم الماكنة الارهابية والامنية . انها رواية تحمل في طياتها الجروح العميقة النازفة بالدم والقيح , في وسط النار الحارقة , ولا نستبعد ان يكون الكاتب الروائي , عاش ذلك الجنون الفنطازي بالسريالية المرعبة , وخرج بدمه ولحمه حياً  , ليسجل هذه الشهادات او الاعترافات , ليكون شاهد عيان بالمعايشة الحقيقية , لتلك  المرحلة المرة كالحنظل . ان كل حلقة من حلقاتها ( 71 ) تحمل نكهة ومرارة خاصة , لذلك نجد بعض الحلقات تعصر القلب عصراً حد الاختناق بالالم , وبعضها يولد حمم  نار الغضب والسخط والحقد على الدكتاتورية واساليبها الوحشية والهمجية , في سلوكية انسلاخ الانسان العراقي من انسانيته , ليكون جزء من الصناعة الدكتاتورية وثقافتها الارهابية , والتي تمجد وتعظم الفرد ( قائد الضرورة ) , فان حلقات ( اعترافات الملازم زكي صفوك شمران ) تتحدث عن انسان بسيط ينتمي الى عائلة فقيرة , والده خدم في سلك الشرطة في مركز شرطة ( الشطرة ) وينقل الى بيجي في صلاح الدين  ليكون حارس في محطة قطارها , حتى نال التقاعد برتبة ( عريف ) وهناك كانت ولادة ( الملازم زكي ) ووصم بلقب ( التكريتي ) عنوة وزوراً , ويكمل تعليمه الاعدادي , ويريد ان يحقق رغبة وامنية امه , بان يكون ضابطاً , لكنه فشل في القبول بحجة ( ش . ش . ش - معناها بالعراقي شيعي وشروكي وشيوعي ) , ويرفض في الكلية العسكرية . في كلية الشرطة . في كلية القوة الجوية , ويساق الى التجنيد , وهناك لعب طير السعد او الحظ , بسبب لقبه ( التكريتي ) بان يختاره العقيد ابو شوارب ( 8 ) ضمن صنف ( ملازم احتياط ) ويرسل الى جبهات الحرب للدفاع عن البوابة الشرقية ( التي هلكت البلاد والعباد ) وفي سلسلة من الافعال على جبهات الحرب , في التزييف والنفاق , في البحث عن قشة او شعرة واهية , واعتبارها نصراً كبيراً , ينال صاحبها اوسمة وانواط الشجاعة والرتب العالية , وبهذه الطريقة القرقوزية, تدرج في الرتب العالية وامتلاك انواط الشجاعة حتى وصل الى عميد ركن ( ما صايرة حتى في افلام الكارتون ) في فنطازية الدكتاتورية واعلامها الغث والاهوج المبني على تمجيد القائد والحرب والحزب والثورة , حتى الهزائم تتحول الى انتصارات كبيرة بأسم القائد الاوحد , وبتلفيق التهم الجبن والخيانة والتخاذل , بأبسط اشكالها , بان هدف القادة الميدانيون  البقاء والصمود حتى الموت , وتشطب كل الاعذار بالانسحاب , يعني الاعدامات في الجبهات الخلفية وفي الساحات امام انظار الجنود , ان الاساليب المخادعة حالفت حظ ( الملازم زكي ) لانه تكريتي ومن اقارب وعشيرة السيد الرئيس .  لكنه اكتسب بعض الصداقات النزيهة والشريفة , بعيداً عن عيون جواسيس البعث الحزبيين , وخاصة صداقة , الجندي ( جاسم حسوني ) والجندي ( حسان ) وبعدها الجندي ( حوشي مطير ) رغم علاقاتهم غير الودية لحزب البعث ,  وعليهم علامات استفهام , بالشكوك بعدم ولاءهم للحزب والثورة . يتزوج ( الملازم زكي ) , وتتحدث الرواية عن اطالة امد الحرب دون انفراج , وتحولت الى حطب ورماد وانهار من الدماء , لاشك استمرار حريق الحرب , تضع النظام في مأزق كبير , وانه وقع في الفخ المدبر والمقصود من دول الخليج وخاصة ( السعودية والكويت ) اللذان تعهدا , بان يتحملوا صرفيات ونفقات الحرب , وان الشعب يساق الى طاحونة الموت , هكذا دفعوا النظام الدكتاتوري وانصاع الى رغباتهم  . مما جعلوا مصير الشعب العراقي في مهب الريح , ان يعيش بين حمم النيران وتحت الخنادق , يداهمهم الموت باية لحظة , وتحول مسار الحرب بطرد القطعات العسكرية العراقية  من كل الاراضي الايرانية التي احتلت في بداية الحرب , ان طرد الجيش العراقي الى الحدود الدولية  , كانت تكلفة باهظة الثمن بشكل مرعب , فقط في جبهة ( المحمرة ) تكبد الجيش العراقي خسائر فادحة , قرابة الاربعين الف عسكري , ويصاب ( الملازم زكي ) الذي صار ( مقدم زكي ) بجروح خطيرة , وانقذ من الموت المحتم  , ونقل الى الى المستشفى وانقذت حياته , واعتبر صموده في خندقه بطولة وانتصار , لذلك تقلد انواط الشجاعة وحصل على رتبة العميد , حتى اعلان وقف النار وموافقة الجانبين ( العراقي والايراني ) على قرار مجلس الامن رقم 598 ( المطرب سعدي الحلي يقول عن القرار . البداية تبشر بالخير ) وبعدها يدخل العميد زكي صفوك شمران , كلية الاركان ليصبح عميد ركن . ولم يهنى الشعب العراقي بانهاء الحرب العراقية الايرانية , حتى ادخل الشعب العراقي مرة اخرى في حرب مدمرة وهالكة , بغزو الكويت واحتلالها , وينقلنا الكاتب بالعين الكامرة المصورة , عمليات النهب والسرقة , دون شفاعة ورحمة , بسرقة الغالي والنفيس من الكويت , هكذا تحولوا رفاق البعث الصناديد , الى عصابات سرقة ولصوصية تحت رعاية ودعم النظام البعثي . لقد دخل العراق في حرب خاسرة ومدمرة ( ما اخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة , وانتم اخذتم الكويت بليلة سوده , وراح تطلعون منها بليلة اكثر سواداً ) وراحت ماكنة الاعلام البعثي تبرر الغزو والاحتلال على لسان القائد المجنون ( لقد صمم اخوانكم في العراق على الجهاد من غير تردد او تراجع ومن غير مهابة تجاه قوى الاجنبي , ليحوزوا  على الحسنيين بأذن الله . النصر ورضا الله العزيز الحكيم . رضا الامة . واننا لمنتصرون بعون الله , وسندمر الغزاة وسيندحر باندحارهم الظلم والفساد , حيثما كان وستطلع على امة العرب والمسلمين شمس لا تغيب , وسيكون الله راضياً عنه . بعد ان نطهر النفس والارض من رجس الاجنبي ) وتفشل كل الوساطات العربية والدولية , وتدق ساعة القيامة باشعال براكين حمم النيران على القطعات العسكرية العراقية وحتى داخل عموم  العراق , وينكسر الجيش العراقي بالهزيمة المنكرة والقاسية , وهو يجر اذيال الهزيمة والعار والاندحار , ونتيجة هذا الخراب المدمر , في قوات الجيش والحرس الجمهوري , بطردهم وقطع الطرق عنهم , بالتطويق المحكم , وتحرير الكويت , وحصيلة الخسائر العراقية الكبرى . أسر 86 ألف من القوات العراقية , اضافة الى عشرات الالاف القتلى والجرحى . تدمير او الاستيلاء على 3847 دبابة . تدمير او الاستيلاء على 1450 ناقلة جند مدرعة . تدمير او الاستيلاء على 2917 قطعة مدفعية من مختلف الانواع , هذه فداحة نزوات النظام الدكتاتوري الطائشة والمجنونة. وكانت نهايتها  يتوسط ( حوش مطير ) جموع العسكرين الذي خرجوا سالمين من طاحونة الموت والرعب ويهتف باعلى صوته ( أنا اليوم من هذا المكان , من ساحة سعد تحديداً , اعلن بأسمكم جميعاً , واذا بعدكم تخافون يكفي ان اعلنها بأسمي فقط , انا حوش ابن مطير ,  على صدام والبعث وكل الذيول , ثورة حتى النصر , وسأطلق اطلاقاتها الاولى لتكون شرارة حارقة لا تبقي ولا نذر , وتدفع بالجميع للانتفاض والثورة على بركة الله ) ثم نزل داخل الدبابة ووجه مدفعها الى جدارية الرئيس واطلق عليها , فتم تدميرها , فتعالت الهتافات وارتفعت الاصوات منادية بسقوط صدام حسين , معلنة انتفاضة شعبية عارمة ضد نظام البعث وصدام 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=70042
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28