• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإنسان بين فهمه الخاص و حقيقة المراد الإلهي .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

الإنسان بين فهمه الخاص و حقيقة المراد الإلهي

النظريات مخترعات إنسانية جاءت لتقنين و فهم جملة من الأمور المتشعبة و المتكثرة و الصعبة الاستيعاب . فكان أن قُعِد بعضها ، و قُنِنّ الآخر منها ، كل ذلك في سبيل تسهيل حفظها ، لكونها الطريق إلى الفهم .
إن ما اخترعه الإنسان بنفسه  له الحق الكامل في تسميته و وضع القواعد و القوانين و النظريات له ( فهماً و عملاً ) . أما ما كان من صنع غيره ـ عموماً ـ كالتي هي من صنع الله تعالى من كون و طبيعة و نباتات و مخلوقات ، فليس من حقه اطلاق شيء عليها ( تسميةً ) إلا من باب ( التنزل الفهمي ) و ( التقريب الذهني ) ، أو من باب الطريقي قبال الموضوعي . و ان كان تحقق بعض الأشياء يتطابق مع واقعها من باب الإلهام  .
إن اسقاط نظريات اختُرعت لحقاً على وقائع جرت سابقاً لا إشكال فيه ان كان من أجل ( تقريب الفهم ) . أما لو كان من باب ( النقد ) و ( الطعن ) و ( التسفيه ) فإن ذلك ليس بالمورد الصالح عقلاً ، و ليس من الأخلاق الإنسانية ـ على الفرض ـ بمكان .
إن القول ـ أي قول مطلقاً ـ لو كان صادراً من الذات المقدسة أو من المعصوم في قضيةٍ ما أو حادثةٍ ما ، فاستخدام النظريات الإنسانية ـ فقط ـ لفهمه فيها مخاطر كثيرة و كبيرة جداً ستودي ـ يقيناً ـ إلى الشطط .
يأتي دعاة ( التاريخانية ) و ( الهرمينوطيقا ) ـ على سبيل المثال ـ ليدعوا فهم القرآن الكريم عن طريق هاتين النظريتين المخترعتين اللتين اختُرعتا من أجل أشياء خاصة لموارد خاصة . كذلك الحال بالنسبة لمن يريد فهم الأحاديث و النصوص وفق ( السيميائية ) و ( اللسانية ) الحديثة . كل ذلك ـ و غيره ـ لا اشكال فيه لو زاد في الفهم ، أو تصحيح الفهم ، أو التقريب التوضيحي . لكن ان يكون و ليس غيره هو طريق الفهم فقط ، فما ذلك إلا تجنٍ مخالف لحقيقة المنهج  .
علينا ـ هنا ـ ان نقف عند حقيقة ( محدودية الفهم الإنساني ) ، فهو و ان زاد ما زاد فيه ، فإنه يبقى فهم إنساني محدود ، و لن يصل إلى حقيقة المراد الإلهي .
قال تعالى : (( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )) سورة الإسراء ، الآية (85) .
و قال تعالى : (( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ  )) سورة البقرة ، الآية (216) .
و قال تعالى : (( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ )) سورة البقرة ، الآية ( 255 ) .
إن النظريات الفيزيقية لن تتخطى المراد الميتافيزيقي مطلقاً ، و لن تكون مفسرة لها ، و ان كانت من باب ( المثال التقابلي ) للوجود و العدم .
الفهم الإنساني لن يصل إلى حقيقة المراد الإلهي إلا بواسطة من يوصل لنا هذا المراد ؛ ( الوسائط ) .
إن في بعثة الأنبياء ( عليهم السلام ) أكبر برهان ـ على ذلك ـ كونه من اللطف الإلهي على بني الإنسان ، ليتحقق بذلك المراد الجدي لأصل خَلق الإنسان .
ان الفهم الإنساني يدور فلكياً في الفضاء الإنساني ، و لن يؤمن به إلا بني الإنسان ، و لن يكون حاكماً إلا فيهم . ان ذلك ـ يقيناً ـ معاكس للمراد الإلهي الذي يعتبر مراداً حقيقياً .
لا بد هنا ان نتوصل و نتوسل بهذا الفهم الإنساني المحدود ليشكل ( عتبة )  في سلسلة الفهم نحو المراد الإلهي ( توصلياً ) .
ان الفهم الإنساني ـ لهذه الأمور عموماً ـ هو فهم ( من الخارج ) و لن يكون ( من الداخل ) مطلقاً لصعوبة ذلك ، أما لو ردد ـ احدٌ ما ـ الفهم الداخلي ، و وصفه ، فما ذلك إلا تلقين حفظه ممن يَعرف ذلك .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=69964
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29