• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحسين في ساحة التحرير!! .
                          • الكاتب : فالح حسون الدراجي .

الحسين في ساحة التحرير!!

إفتتاحية جريدة الحقيقة
لم يخرج الحسين بأهله وعياله وأصحابه بطريق الموت، والتضحية، والفداء، بحثاً عن سلطة أو جاه، أو مال. فمثل الحسين لا يحتاج جاها، ولا مالا، أو سلطة، فهو ابن بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ونجل علي حيدر الكرار عليه الصلاة والسلام، وأخو الحسن، ووهج الرسالة المحمدية المنيرة، ويقيناً أن الجاه يحيط به من كل حدب وصوب، فهو الذي يسعى الى الحسين وليس العكس.. أما السلطة، فهي بين يديه، إن أرادها الرجل، بينما المال قريب جداً من أبي عبد الله إن طلبه وأراده فهو- أي المال- مستعد للقدوم الى الحسين، من أكبر وأعظم الخزائن!! وقد يسألني أحد القراء، فيقول: إذا لم يخرج الحسين من أجل سلطة، ولا من أجل مال، أو جاه، فلماذا خرج إذن.. أمن أجل أن يموت فقط؟!
والجواب: قطعاً لا.. إنما خرج الحسين من أجل هدف سام، وقضية عادلة عظيمة. فهدفه كان أكبر الأهداف، وقضيته كانت أنبل القضايا.. 
لقد خرج أبو عبد الله الحسين من أجل إصلاح الدين، الذي ارتد عليه حكام آل أمية- هاي إذا كان عند آل أمية دين أصلاً- وخرج أيضاً من أجل تقويم الناس، وتصحيح مساراتهم، بعد أن اتسعت دروب الباطل، وازدحمت مسارات الانحراف عن الحق، بالماشين والمؤيدين.. ولما رأى سلام الله عليه، أن الفساد قد نخر أجهزة الحكم، حتى جعله كالقربة المثقوبة، وأستفحل الظلم في مفاصل الأمر والنهي، حتى بات الظلم هوية وحيدة لنظام الحكم الأموي. وبعد أن وجد الإمام الحسين، أن السكوت عن الظلم سيزيد الظالمين ظلماً، والصمت على الباطل، سيزيد أهل الباطل غروراً، وتعسفاً، وأعمالاً باطلة أخرى..
وحين وجد إن راية الحق لن ترتفع إلاَّ على سارية عنقه الطاهر، حتى قال بلسانه الشريف:
(إذا كان دين جدي لا يستقيم إلاَّ بموتي، فيا سيوف خذيني)!! 
لذلك خرج الحسين.. وحمل سيفه بوجه الظلم، والكفر، والفساد..
وهذا هو ملخص حكاية خروج الحسين، وزبدة مصيبة كربلاء..
وحين أستشهد الحسين، ومات في أرض كربلاء، لم يمت معه الهدف السامي الذي ذهب من أجله، ولا القضية التي دفع حياته، وحياة أهله من أجلها.. إنما ولدت من جديد، لتنمو هذه المرة في قلوب وعقول وضمائر الأجيال جيلاً بعد جيل..
إن شعلة الحرية التي أوقد الحسين مشعلها يوم العاشر من محرم قبل أربعة عشر قرناً، باتت اليوم أكبر من وهج الشمس، وأشد نوراً من ضياء الصباح.. بحيث صارت مناراً للشعوب، ومصابيح حق لمئات الملايين من أبناء البشرية، مسلمين وغير مسلمين.. بل صارت كلماته المقدسة نشيداً أممياً إنسانياً يردده عشاق الحرية في كل بقاع الدنيا..
لذلك، فإني لم أستغرب مطلقاً بل توقعت ذلك والله، حين وجدت شباب العراق، وفتيانه الأحرار أمس، وهم يتسلحون بوقفة الحسين الباسلة، ويرددون كلمات الحسين العظيمة (هيهات منا الذلة)، وهم يمضون في تظاهراتهم نحو تحقيق هدف الحسين: مقارعة الظلم، ومحاربة الفساد، وتحقيق الحرية التامة..
وهكذا يلتقي طريق الحسين، بطريق الفتيان المتظاهرين، في ساحة التحرير.. مثلما ينشد الأبطال الأشاوس بلسان بنادقهم الباسلة نشيد الحرية في بيجي والفلوجة والصينية والرمادي وغيرها.. لأني أرى بأم عيني اليوم سيف أبي عبد الله الحسين يلمع بيد فتيان الحشد الشعبي الأبطال في خطوط الحرب المقدسة مع مجرمي داعش، وأرى أيضاً راية الحسين الطاهرة بيد فتيان الحشد المدني على خطوط الحرية في ساحة التحرير ببغداد، وباقي ساحات الحرية في العمارة والديوانية والكوت والبصرة والحلة وكربلاء والنجف والسماوة والناصرية.. فأي جيش يخسر، وسيفه سيف الحسين.. وأية تظاهرة تخيب، وراية الحسين تخفق بيد شبابها الأحرار؟



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68824
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19