• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عاشوراء..تَذْكِرَةٌ .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

عاشوراء..تَذْكِرَةٌ

 هل كانَ النَّاسُ يجهلونَ الحقائق عندما تولّى يزيد بن معاوية الخلافة وقرّر الحسين (ع) رفض البيعة مهما كان الثمن؟!.
 هل كان المجتمعُ يجهل سبب نهضة سيّد الشهداء عليه السلام وخروجه ضد الطّاغية الاموي المتجبّر؟!.
 هل كان الرّأي العام لا يعرِف من هو الحسين السّبط عليه السلام؟ ومن هو يزيد بن معاوية بن هند آكلة كَبِدِ سيد الشهداء حمزة عمّ رسول الله (ص)؟!.
 هل كان المسلمون نسْوا تحريم رسول الله (ص) الخلافة على الطّلقاء وأبناء الطّلقاء؟ وأنّ الأمويّين هم المقصودون بالشّجرة الملعونة التي ورد ذكرها في قوله تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا}؟.
 هل نسِيَت الأمّة آيات الشورى كقوله تعالى {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}؟!.
 هل نسيتْ قول الله تعالى {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}؟!.
 أبداً، فالنّاسُ والمجتمع كانوا يعرفون كلّ شيء، خاصّة وأنّ فيهم الآلاف المؤلّفة من الصّحابة والتّابعين الّذين سمِعوا من رسول الله (ص) إنْ بشكلٍ مباشر او غير مباشر، فلا زال الكثير منهم يتذكّر كيف كان يتعامل رسول الله (ص) مع سبطهِ الحسين بن علي عليهما السلام؟ وماذا قال عَنْهُ وعن أخيه السبط الاكبر الامام الحسن بن علي عليهما السلام؟ ولازالوا يتذكّرون ويتخيّلون صور حديث الكساء وحديث الطّير المشوي ومواقف بدرٍ وأحد والأحزاب والهجرة والغدير، والّتي تمتلئ بها كتب الخاصّة والعامّة وعلى رأسها الصّحاح الستّة، انّهم يعرفون كلّ شيء ويتذكّرون كل شيء فلم ينسوا شيئاً من كلّ هذا وأكثر، ولذلك عندما كان يُحاجج أمير المؤمنين عليه السلام القوم في كلّ المراحل التي مرّت على الأمّة والظّروف والتطوّرات التي شهدتها، منذُ لحظة رحلة الرّسول الكريم (ص) الى الرفيق الاعلى، لم يجرؤ أحدٌ منهم على ان ينكرَ شيئاً من حججهِ، وفيهم ألدّ اعدائهِ واعداء الاسلام والرّسول الكريم (ص) وأهل البيت عليهم السلام، لأنّ الحقيقة كانت ناصعة جداً لا مجال لنسيانِها او تناسيها او نكرانِها، كما لم يجرؤ أحدٌ منهم على ان يتناساها او ينكرها او يدّعي انّهُ لَمْ يسمع بها او عنها شيئاً! ولهذا السّبب كتبَ أمير المؤمنين (ع) الى أهل مصر في كتابٍ بعثهُ بيد مالك الأشتر لمّا ولّاه مصر، يصف شدّة يقينهِ بمعرفة الأمة بكلّ الحقائق، وعلى رأسها حقّه في الخلافة بعد رسول الله (ص) {أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَمُهَيْمِناً عَلَى الْمُرْسَلِينَ.
 فلمَّا مَضى(صلى الله عليه وآله) تنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الاَْمْرَ مِنْ بَعْدِهِ، فَوَاللهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي، وَلاَ يَخْطُرُ بِبَالِي، أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هذَا الاَْمْرَ مِنْ بَعْدِهِ(صلى الله عليه وآله) عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلاَ أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ!}.
 حتّى معاوية لم ينكر شيئاً من كلّ هذه الحقائق ولم ينس منها شيئاً أبداً، فقد كتب رسالةً جوابيّةً الى محمد بن ابي بكر يقول فيها [وقد كُنّا، وابوكَ معنا، في حياةِ نبيّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه (وآله) وسلّم نرى حقّ عليّ بن أبي طالب لازماً لنا ، وفضلهُ مبرّزاً علينا].
 كما انّ القوم لم يجرؤوا على تكذيب الحسين السبط عليه السلام عندما كان يُحاججهم في الحقائق الدّامغة، كسؤالهِ منهم {وارجِعوا إلى أنفسِكم فانظُروا هلْ يصلح لكُم قتلى؟ أو يحلُّ لكم دمي؟ ألستُ إِبنُ بنتِ نبيّكم؟ وابنُ ابْنُ عمّهِ وابنُ أوّل المؤمنين إيماناً؟ أوليسَ حمزةَ والعبّاس وجعفر عمومتي؟ أولم يبلُغُكم قولُ رسول الله (ص) فيّ وفي أخي: هذان سيّدا شبابِ أَهْلِ الجنّة؟}.
 كذلك، عندما خطبَ الامام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليه السلام في مجلس الطّاغية يزيد بن معاوية في الشّام بعد واقعةِ كربلاء، لم يجرؤ لا الطّاغية ولا أيّ واحدٍ من الحضور تكذيبهُ او التّشكيك فيما قال او ان يسوقَ ادلّةً تتنافى والحقائق التي ذكرها الامام في ذلك المجلس الرّهيب الذي خيّمت عليه الدّهشة والصّدمة، على الرّغم من قول الامام معرّفاً بنفسهِ وذاكراً للحضور كلّ الحقائق:
 أيّها النّاس أُعطينا سِتاً و فُضّلنا بسبْعٍ؛ أُعطينا العلمَ والحلمَ والسّماحةَ والفصاحةَ والشّجاعةَ والمحبّةَ في قلوبِ المؤمنين، ‏وفُضّلنا بأنّ منّا النّبي المُختار ومنّا الصديق ومنّا سيّدةُ النِّسَاء ومنّا الطّيار ومنّا أسدُ الله وأسدُ رسولهِ ومنّا سبطا هذه الأمّة ومنّا مهديّها، من عرِفني فقد عرِفني ومن لم يعرفني أنبأتهُ بحسبي و نسبي.
 أيّها النّاس: أنا ابْنُ مكّة ومِنى أنا ابْنُ زمزم والصّفا أنا ابْنُ من حملَ الرّكن بأطرافِ الرّدا أنا ابْنُ خير من ‏ائتزر وارتدى أنا ابْنُ خير من انتعل واحتفى أنا ابْنُ خير من طاف وسعى أنا ابْنُ خير من حجّ ولبّى أنا ابْنُ من حُمل على البُراق في الهواء أنا ابْنُ من أُسريَ به من المسجد الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى أنا ابْنُ من ‏بلغ به جبرئيل إلى سدرةِ المنتهى أنا ابْنُ من دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قاب َ‏قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ أنا ابْنُ من صلّى بملائكة السماء أنا ابْنُ من أوحى إليه‏ الجليل ما أوحى أنا ابْنُ مُحَمَّد المصطفى.
 أنا ابْنُ عليّ المرتضى أنا ابنُ ‏من ضرب خراطيمَ الخلقِ حتى قالوا لا إله إلا الله أنا ابْنُ من ضرب بين ‏يدي رسول الله بسيفين وطعنَ برُمحين وهاجر الهجرتين وبايع ‏البيعتين وقاتل ببدرٍ وحُنين ولم يكفر بالله طرفة عينٍ أنا ابْنُ صالح ‏المؤمنين ووارث النّبيّين وقامع الملحدين ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين وزين العابدين وتاج البكّاءين وأصبر الصّابرين وأفضل القائمين من آل ياسين رسول رب العالمين أنا ابْنُ المؤيّد بجبرئيل المنصور بميكائيل أنا ابْنُ المحامي عن حرم المسلمين وقاتل المارقين والنّاكثين والقاسطين والمجاهد أعداءه النّاصبين وأفخر من مشى من قريشٍ أجمعين وأوّل من أجاب واستجابَ للَّه ولرسوله من المؤمنين وأول السابقين وقاصم المعتدين ومُبيد المشركين وسهمٍ من مرامي الله على المنافقين ولسان حكمةِ العابدين وناصر دين الله ووليّ أمر الله وبستانِ حكمةِ الله وعيبةِ علمهِ، ‏سمحٌ سخيٌّ بهيٌّ بُهلولٌ زكيّ أبطحي رضي مقدامٌ همامٌ صابرٌ صوّامٌ ‏مهذّبٌ قوّامٌ قاطعُ الأصلابِ ومفرّق الأحزاب، أربطهم عناناً وأثبتهم‏ جناناً وأمضاهم عزيمةً وأشدّهم شكيمةً، أسدٌ باسلٌ يطحنهُم في‏ الحروبِ إذا ازدلفت الأسنّة وقربتِ الأعنّة طحنَ الرّحى ويذروهم‏ فيها ذروَ الرّيح الهشيم، ليثُ الحجاز وكبشُ العراق، مكّيّ مدنيّ خيفيّ‏ عقبيّ بدريّ أُحديّ شجريّ مهاجريّ، من العربِ سيّدها ومن الوغى ‏ليثها، وارثُ المشعرين و أبو السّبطين الحسن والحُسين ذاك جدي عليّ بن ابي طالب.‏
 والى آخر الخطبة العظيمة.
 المجتمعُ، إذن، كان يعرف كلّ شيء وكان يتذكّر جيداً كلّ شيء، خاصة مجتمع المدينة الذي كان يعجّ وقتها بعشرات الالاف من الصحابة والتابعين!.
 فلماذا، إذن، قبِل النّاس أن يغيّر معاوية ويبدّل في المنهج القرآني والسّنة النّبوية، لدرجةٍ انّهُ جاء بكلّ بدعةٍ ليلصقَها بالدّين، سواء على صعيدِ العقيدة او على صعيدِ الحُكم والسّياسة والدّولة والخلافة؟!.
 هذا ما سنُجيبُ عليه في مقالةِ الغدِ بإذن الله تعالى.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68408
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28