• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تحرير محلّ النزاع ما بين ربيع الأعراب وربيع الأحرار .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

تحرير محلّ النزاع ما بين ربيع الأعراب وربيع الأحرار

 بين التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي مساحة إجرائية تكرس حقيقة أنّه في البدء كانت المقاومة ولا نفي لأحدهما في البين..لا وجود لإثنينية هنا إلاّ برسم الأجرأة وتفاصيلها والمشاحة التي يخلقها الاصطلاح. فما معنى التحرر الوطني وما معنى التحرر الاجتماعي وما معنى أن يكون أحدهما حاكما على الآخر؟ إن لمفهوم الحكومة والحاكمية في المفاهيم حكاية أخرى. ودرء للإلتباس فالمدلول المستعمل للحكومة هنا هو المدلول الأصولي للحكومة، والذي يفيد معنى الراجحية عند التعارض في شروط ما حيث واحدة من إجراءات فكّ التعارض العمل بمقتضى الحكومة والورود بمعناهما الأصولي. ومن أبعاد الحكومة هنا بمقتضياتها الأخرى خارج الاستعمال الحصري لها في دائرة الأصول أن نجعل للشيء الحاكم صفة المعيارية في التقييم والتقويم، أي الشرعية بأبعادها المقررة. وقد نستعمل الحكومة ونعني أيضا بعدا من أبعادها الضرورية ألا وهي التأكيد عليها بوصفها الضامن لصحة المسار. أصل هذا الإشكال وجدناه حينما بدأت عملية تحريف المفاهيم إلى حدّ البلوغ بها برسم الربيع الأعرابي إلى التناقض بين مقتضى الثورة الاجتماعية ومقتضى التحرر الوطني الذي يجد آليته في المقاومة. وهنا لا شك أن لدينا معايير دقيقة في فك هذا الإلتباس. لقد اعتبرنا من الأصل أن لا فكاك بين المفهومين والوظيفتين، وبأنّ التدقيق فيهما سيؤكّد لنا أن أحدهما بناء على منهجية الجمع العرفي عند المحدّثين، لا ينطبق عليه العنوان نفسه. بمعنى إما أن تكون الثورات ليست ثورات أو المقاومة ليست مقاومة. وفي هذا الإطار وجدنا كيف أن الواقع أثبت أن بعض الثوار لم يكونوا ثوارا وبعض المقاومين لم يعودوا مقاومين بعد أن أظلّتهم مظلة عزمي بشارة المؤدلجة في الثلث الخالي من الرجعية العربية. وبمقتضى آخر لمفهوم الحكومة يصبح الأمر في منتهى التناقض الافتراضي يعطي الحق للمقاومة بوصفها هي المعيار التصحيحي. ندحض مبررات الفصل الذي تمسك به بعض الثورجية الذين خلطوا بين الثورة والاحتجاجات غير المحسوبة كما نبرهن على الوصل بأمور كثيرة منها أنّ الاولوية في العمل لا تبرر الاستبعاد في النّظر..ومنها الأولوية في الإجراء لا تنفي المحايثة الواقعية والتي تتجلى في نظرنا في الآتي:
أولا: أن لا يكون الفعل الثوري في أي خطوة منه مناقضا أو يوحي بالتناقض مع خيار المقاومة
ثانيا:أن لا تخلوا شعارات وبيانات الفعل الثوري من حقائق وأهداف المقاومة
ثالثا:الأولوية في التنصيص برسم التحرر الاجتماعي لا تنفي المحايثة في دسترة المقاومة، وإلا نكون في حالة انتهازية حيث يصادر التحرر الاجتماعي حقوق التحرر الوطني.
ولقد لاحظنا أن رموز الربيع الأعرابي لحظة تحرير الدساتير هربوا هروب الأجرب من كل ما له صلة بالحق في دعم المقاومة الفلسطينية، وكان ذلك طبيعيا لأنّ رموز وقادة حكومة الربيع الأعرابي تمّ إخصاؤهم سياسيا على منابر الإيباك.
إنّ انحراف مفهوم الثورة أدّى إلى معانقة الإرهاب في مسار يكاد يكون منطقيا مع منطق الأشياء. كانت المقاومة ولا زالت نقيضا للإرهاب؛ نقيضا دينيا وأخلاقيا وسياسيا..لا شيء يسوّغ الإرهاب، واستهداف المدنيين ومصالحهم الحيوية. في كل هذا العقد غير المعلن بين مسمى ثورات وما آل إليه الوضع من مستويات الإرهاب، كان الغائب الأكبر هو القدس؛ القدس التي قال عنها مظفر النواب: القدس عروس عروبتكم. وللأسف ولأوّل مرة في تاريخ الثورات العربية الحديثة لم تكن القدس عروس الحراك الاجتماعي. كانت القدس فيما مضى هي الرمز الذي تعبر من خلاله الثورة العربية على نفسها. كان العربي حتى وهو يحتج على الرغيف يعبر عن موقفه الاحتجاجي بالقدس وفلسطين. لم تكن فلسطين شيئا آخر بعيدا أو ثانويا، بل كانت في مركز المطالب العربية. إنها أي فلسطين هي من كان يمنح الشرعية حتى للثورة من أجل الخبز. ترى، ما الذي حدث للعرب يا ترى؟ لقد كان لمسرحية الإغراء بالديمقراطية دور السحر في طمس حالة الوعي لذى جمهور عربي يعيش حالة عارمة من التهميش..كانت فصلا من فصول الجذب التي تمارسها القوة الناعمة لجوزيف ناي والتي باتت سياسة أثيرة لواشنطن..في الحرب الناعمة لا نستطيع أن نتنبّأ..هنا يتدحرج كل شيء ويختل نظام الأشياء..لقد أظهرت تجربة الحراك العربي شديد الإلتباس في اختراقاته الرجعية وكذا خضوعها لفصول كثيرة من برنامج لعبة الأمم إلى كشف حقيقة الزيف الثوري وحتى المقاوم، فلقد سقطت ورقة التوت عن عورات ثورجية كثيرة وعورات مقاومة كثيرة..على الأقل أصبحنا امام حالة خضراء الدمن الثورية على طريقة عزمي بشارة وكذا خضراء الدمن المقاومة على طريقة خالد مشعل..ثورات عبيد ومقاومة قرصان..والله أكبر فوق كيد المعتدي..
ادريس هاني /15/7/2015

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68039
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19